بقلم: أندرو اشعياء
وبعدما ارتشف الحكيم جزءًا من القهوة بدأ يفكر كيف يصيغ مشاعره ثم يختار الأفضل فيها، وسريعًا طفق يقطف مِن بستان أعماقه ويكتب: "قالها الحكيم قديمًا: «يارب، إن لم تحفظني نعمة ستُجمِّلَني إكذوبة»"

ثم عاد وارتشف قليلًا من مشروبه السابق المُفضل، ودوّنَ صياغةً اخرى: "قالها الحكيم قبلًا: «إن لم تحفظني نعمة سيُجمِّلونني بإكذوبة!!»" ولكنها لم تنل هذه أيضًا ولو قسطًا يسيرًا من إعجابه! فإنطلق حبر قلمه يهيمُ بخشوعٍ كاتبٍ هذه المرة، ومُردّدًا بأعماق لسانه: «يارب، نعمتك سِترًا لي.. إن لم تحفظني نعمة ستُجمِّلَني إكذوبة!»

فأشاع البعض أن الحكيم يمزج الدين بالفلسفة!! وقالوا أنها شيمة المراوغين والهراطقة! وأشاع آخرون أنه يرتشف القهوة ولا يحتسيها! إنه «بخيلًا»! وأخيرًا قاطعهم البعض اليسير الأخير أن الحكيم مُتردّدًا في صياغته، والتردّد عمومًا علامة «عدم الصدق» إذًا، الحكيم كاذبًا!!

وهكذا هو الحال في مدينة العقلاء.. الحكيم مُدان بالهرطقة تارةً، واخرى بخيلًا، وأحيانًا كاذبًا؛ وما أكثر الحماقة التي نسبها لنفسه إذ صار بينهم موضوع ثرثرةً! في حين أن القارئ أضحى أكثر وأكثر إشمئزازًا وسط مضمون تاه ويتوه وسيظل تائهًا!!