بقلم: أندرو اشعياء
وبينما كنا مختبئين في خندق في الحي الغربي من دمشق، أنا وصديق لي، بعدما هربنا من أورشليم مُتجهين إلى دمشق جراء الضيق والأضطهاد الذي صرنا فيه بسبب اليهود، سمعنا في الخارج أصوات تجيش وتساؤلات حول شخص يُدعى شاول، وهل اتى إلى هنا؟! فحبسنا انفاسنا بصمتٍ بليغ حتى عَبَرَ الجنود..

وفي الغد سألنا عما كان! فقالوا لنا أن الشخص الذي يُدعى شاول الذي اضطهد كنيسة الله بإفراط صار من أتباع المصلوب! وكان الجنود يبحثون عنه!.. وقع هذا الخبر أشد وقعة على قلوبنا من شدة الفرح والتعجب. وسعينا أن نسأل عن التفاصيل، وبعد حين عرفنا أنه بالفعل اتى إلى هنا وتقابل مع القديس حنانيا اسقف هذه المدينة وتم عماده، وان القديس حنانيا سمع من فم الرب: «لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ».

فكرنا حينئذ في سذاجة سرًا: تُرى ما هذه الإختيارات وعلى أي أساس بُنيت؟! انسان فعل شرورٍ كثيرة يارب بقديسيك فكيف يحمل اسمك أمام أمم وملوك؟! أحقًا ستجعله إناء مختار؟! كيف سيكون هذا الإناء المختار؟! تُرى هل سيصير مجده مثل مجد سليمان الحكيم؟ أم ابيه داود في عِزهِ ؟! وماذا سيرتدي؟ حتما سيرتدي أعظم من الملوك والأمراء لأنه سيقف امامهم كما قيل: «لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ». وايضًا ربما سينتظروه انتظار العظماء، ويقابلوه مقابلة اشراف الشعب، وستكون له دالة عظيمة وما يقوله سيكون!.. هل هذا سيجعل له امبراطورية وخدام وامراء وجيوش ومستشارين وحكماء؟!  

فكرت كثيرًا عن سمات هذا الأناء المختار وكيف يكون وسيكون؟! وبإختصار شديد، سمعتُ بعد حين أنه حينما بحثوا عنه بأوفر اجتهاد طالبين أن يمسكوه في دمشق، أن بعض المحبين أنزلوه من سورٍ ليهرب!

سمعت ايضًا بعد حين أنهم رجموه في لستره حتى قارب الموت!، بل وسمعت كثيرًا أنه تعرض للصوص جبال طوروس وكثيرًا ما انكسرت السفينة به وكاد أن يموت غرقًا، وبالجهد التقط انفاسه على الشاطئ، بل وسمعت أنه رُجِم!

أيُرجم ويُضرَب ثلاث مرات بالعصي من قيل عنه أنه اناء مختار؟! أيسجن ويُوضع مع المسجونين وقطاع الطرق، هو وسيلا مرة، ومرات بمفرده؟! أتمسك حية في يد من صار اناءًا مختارًا حتى يظن المحيطين به في جزيرة مالطة أنه عقاب الهي؟! كيف يقول لأهل كورثنوس «لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ.» (2كورنثوس 12: 10). ربي اعطِ لعبدك فهمًا..

دعونا نذهب نحو اسقف دمشق لنسأله عن سمات هذا الأناء المختار الذي انتظر في شوقٍ واشتياق ثلاث سنوات بالصحراء العربية، وسبع اخريات في طرسوس حتى اتاه برنابا القديس العظيم، ولنا حديث آخر..