أثناسيوس حنين
الى أختكم الراقدة في مراحم الاب السماوى أيلينى والتي جمعت في شخصها مريم ومرثا معا !
من صديقك وتلميذك الأب الدكتور اثناسيوس حنين-اليونان
 
قال حبيبك المطران خضر "في العهد الجديد انتقلنا من كثرة السنين الى نوعية الحياة ’ فالقيامة ألقت وشاحهها على العمر وأبتلعت أمتداده في ضيائها ’ فأضحى سحرها أكثر جاذبية من أفقية السنين وبتنا نذوق القياميات هنا نكهة الحياة ومعناها "المطران جورج خضر :وجوه غابت ’ رؤى في الموت ".بيروت 2009 ص 41 .
 
أخى وصديقى د. وهيب  
أثق في أنك لا تتعزى بهذه الكلمات الباطلة التي اعتاد عليها الناس ’  والتي تحاول إطفاء احتراق القلب على فقدان من كانت رفيقة قلبك’ ’ولن يغريك ويدغدغ مشاعرك كلمات التعزية الروتينية والقدرية بلا نفحة روح ولا نسمة قيامة ’التي تعمل كمخدر ومرجئ للألم.لقد  عرفت وتعرف أن تواجه الصليب بشجاعة ’ لأنك ’ ببساطة ’ ناسك انجيلى تسكن القيامة بالكلمة . لقد  فقدت عكازك وشريكة جهادك وأجندة مواعيدك وبرنامج حركتك ومواعيد أدويتك ودليل مكتبتك ودليل تليفونات وعناوين اصدقائك وتلاميذك كهنة ورهبان وعلمانيين .
 
والأهم فقد فقدت الوجه البشوش وشريكة حياتك والتى ’ حسب ظنى ’ لم يكن ينقصها شئ لتقيم عائلة ! ولكنها فضلت أن تتبتل لك ولرسالتك !وأن تذل معك في خدمتك الباقية خير من التمتع الوقتى بزواج عابر !’ كانت الوجه الذى يطل بك أو تطل من خلاله على العالم .انسانة رائعة حقيقى لا تفارق الابتسامة وجهها والرضى فى العيون لا يأتى الا من قلب مليان نعمة وسلام .
 
عارفة كل شئ يخص وهيب ’ هى ذاكرته بعد أن قست عليه الايام ونساه خدام هذا الزمان !!! هي تعزيته بعد أن رفضه الكبار لأنه درس اللاهوت وتخصص وحصل على درجة الدكتوراة في موضوع "النعمة عند القديس اثناسيوس" في جامعات إنجلترا . حينما عاد فرحا بثمار دراسته ليقدمها للبابا شنودة  منتظرا الفرح والاستثمار قال له البطريرك  " أنا لم أرسلك الى إنجلترا وليس لك مكان عندى ".
 
جأت النعمة الاثناسيوسية الى من هم (مش وش نعمة) !!! بل يمارسون خدمة التحزب والتهميش والاقصاء والكيد والكر والفر ! . ذنبك أنك أحببت نساك البرية وعلى رأسهم متى المسكين وتحول منزلك المتواضع في شارع الحبشة الى قلاية  يستأنس بها الرهبان والشيوخ وكهنة وخدام الإسكندرية .
 
.وزاد الحقد حينما  كنت تستأنس برأى الباحث اللاهوتى جورج بباوى في مسيرتك العلمية !كنت رفيق لبيت التكريس لخدمة الكرازة وأخ روحى للدكتور نصحى بعد الشهيد ! وهذه أيضا شكلت وصمة عار في حياتك ! كانت الينى تعيش معك هذه الجلجلثة وتحولها بصلاة مريم الجالسة عند قدمى المعلم  وخدمة مرثا الدائبة الى ذبائح حب’  الى قبر فارغ من الحزن والموت لأن السيد الذى أحببت لا يضمه قبر الأحقاد بل قام ! لم أسمعك يوما تتذمر لأنك نفسك شبعانة ’ من بيتكم ’ فلهذا دست على عسل الكبار المسموم ! ظنى أن ألينى شكلت "صندوقك الأبيض " الذى لو أتيح لنا فتحه لعرفنا الكثير من مجريات الأمور في كنيسة الله وما خفى كان أعظم !كانت تطير من الفرح عندما ترانا لانها تعرف ان وهيب سيفرح .
 
نساك انجيليون . فقراء حقيقيون .
 
لابسون الروح والحق .بتوليون سماويون وليست هذه العذراوية السمجة والساقطة . طارت كالعصافير الى السماء . اعتقد بعد اغلاق سرداق العزاء الروتينى ولرفع العتب ’ الدكتور وهيب يحتاج الى عناية والى شركة وعلى تلاميذه القريبين والبعيدين ان يهتموا به ويزوروه وخاصة أنه ذو أيادى بيضاء على الكثيرين والأهم أنه لم يعد عندهم خوف من زيارته ودعوته للخدمة  وخاصة حينما يعلمون بأنه قد مات من كان يطلب نفس هذا الشيخ !!!. هذا الانسان كان يحتل منصب وكيل وزارة وترك كل شئ ليخدم المسيح والعلم اللاهوتى .
 
ولكنه مثله مثل كثيرين تم التخطيط لقتله  وسط الكنيسة ’ بيت أحبائه ’ وتهميش مواهبه وعزله ! والعزل والأقصاء هم  أقسى من القتل  ! وكانت الراقدة الان فى مراحم الرب تقف بجانبه وتشجعه وتهون عنه ما يعانى من الاضطهادات وتعرف كل شيء ’ ولكنها كمريم كانت تحفظ جميع هذه الاحداث المأساوية في قلبها تسلمها للرب كل مساء وتقوم في اليوم التالى صحيحة ومعافة ومديدة الأيام .. أعتقد ان وهيب يصرخ (الأن أطلق عبدك بسلام حسب قولك ) لا يقلها الان فقط بل اعتاد دوما على التغنى بها .
 
هي أنشودة الغرباء والنزلاء دوما . أكرر من يريد فعلا التعزية بالفعل وليس باللسان ’ عليه أن يقف بجانب هذا الشيخ اللاهوتى الكبير .
 
رأيت أيلينى (والاسم ملوكى )  أخر مرة فى أخر زيارة لى لمصر وذهبت الى منزلهم المتواضع والعتيق وكان قد طلب منى جميع كتب البروفسور اللاهوتى الكبير قنسطنطينوس بابابتروس وكم كانت سعادتهم حينما عاينوا الكتب .كان يحرص على كل لاهوت جديد ومتجدد.
 
كان عنده راهب مقارى شيخ ’ وهذا شيء عادى في  شقة وهيب المتواضعة جدا ! وكانوا يتباحثون في فكر الأباء وحينما رأنى وهيب قال "أيلينى هاتى قاموس لامبى من المكتبة " ذهبت وأحضرته ’ كانت تعرف معه ثروته الحقيقية  من أمهات الكتب وأثمن المراجع ! وقدمه لى بتواضع العلماء لأشارك في أغناء الحوار . هذه الناسك الانجيلى العلمانى .الرب يريح نفسك يا ايلينى فى ملكوته ويملأ قلب وهيب بحضورك الدائم أمين