د. فكرى نجيب أسعد
 
  كان ( أ ) طالباَ فى الكلية  ومواظباَ على  محاسبة النفس فى ضوء الوصايا الإلهية بالكتاب المقدس وطلب التوبة ، والصلاه قبل الخروج إلى الكلية وقبل بدء المذاكرة مساءَ ،  وعلى دفع العشور من مصروفه وحضور الإجتماع الأسبوعى الروحى للشباب بأحد الكنائس وهى أمور روحية نافعة لكل واحد منا . 
تعرف ( أ ) فى الكلية على مجموعة زملاء  منهم سامى ومنير وعماد ومحسن ، فكان يخرج معهم ويذاكر معهم .. وذادت العلاقة بينهم حتى دار بينه وبين أحدهم ذات يوم هذا الحوار : 
 
-  خد يا ( أ ) السيجارة دى .
-  لا .. أنا مش بدخن .
-   خليك راجل متبقاش متزمت .. وبدأ ( أ )  فى صراع داخلى مع نفسه .. هل يقبل السيجارة أم يرفضها بشجاعة ؟  وأخيراَ قرر ( أ ) أن يأخذ السيجارة بعد تفكير وتردد وبينما ( أ ) يشرب السيجارة قال له زميل آخر : 
- إلى متى ستظل يا ( أ ) طفلاَ خائفاَ نحن الآن رجال نعمل ما نريده .. ودخل بينهما فى الحديث زميل ثالث قائلاَ : 
- أنا معى بون بخمسة أشخاص لسينما (  .. . .. ) لقضاء السهرة الليلة وبعد رجوعنا نستذكر دروسنا ..  فقاطعه ( أ ) قائلاَ : 
- وإذا سأل علينا أحد ماذا يكون الرد ؟ فأجاب منير .
- إذا سأل علينا أحد يقولوا له ذهبنا نذاكر عند عماد  وخصوصاَ وأن عماد ليس عنده تليفون حتى يسألوا علينا هناك . 
 
وسأل ( أ ) نفسه قائلاَ : هل معقول نكدب وكمان نضيع الوقت ؟ ومع إنحدار حياته الروحية من سوء إلى أسوء  وافق ( أ ) بالذهاب معهم إلى السينما .. وكان الفيلم يحكى قصة إجرامية لمجموعة أصحاب يسرقون المال فيصبحون أغنياء بسرعة ... كل منهم له سيارته الخاصة . 
وهنا جاءت فكرة لذهن سامى .. لماذا لا نفعل مثل هذه المجموعة فيصير عندنا المال الكثير بطريقة سهلة ؟ !! ... وخرج الأصدقاء الخمسة من السينما فرحين ماعدا ( أ ) الذى كان حزيناَ ولا يعلم كيف يفلت من هذه الصداقة حتى إشترى أحدهم زجاجة خمر وبدأوا يشربون . 
 
أتفق الأصدقاء بعد حضورهم المحاضرات بالكلية بالتقابل عند عماد وهناك دار الحوار الآتى : 
سامى :  الحقيقة إحنا محتاجين مبلغ كبير لأن مصروفنا لم يعد يكفى طلباتنا من السجائر والخمر والسينما وخلافه .
عماد : أنا عندى فكرة ... الجيران اللى فوق بيتركوا عندنا مفتاح شقتهم علشان لأولادهم لما يرجعوا من المدرسة بيكون الوالدين فى الشغل ... إحنا ممكن نعما نسخة من المفتاح ... والشهر الجاى هيسافروا للمصيف .. ممكن نبقى ندخل وناخد جزء من الدهب اللى عندهم.  
منير : فكرة جميلة جداَ إحنا موافقين . كل هذا و ( أ ) يسمع دون أن يشترك فى الحوار ... وفعلاَ تم عمل المفتاح ... وعندما سافر الجيران للمصيف دخل منير مع عماد الشقة وأخذوا غويشة وباعوها ب  200 جنيه.
 
ومرت هذه الواقعة دون أن يكتشفها أحد .. حتى عندما رجعت الأسرة من المصيف وإكتشفت الزوجة ضياع الغويشة لم تشك فى أحد .. وهكذا ظهر للأصحاب بأن خطتهم قد نجحت ففكروا فى تكرارها ولو بطريقة أخرى. 
 
بعد نهاية الإمتحانات ذهبوا للإسكندرية وهناك تعرفوا على شابين جدد وفى منزل الشابين توطدت العلاقة أكثر وأكثر حتى قدم الشابان للأصحاب الخمسة بعض المخدرات ملفوفة فى شكل سجاير فكانوا يفرحون وهم يشربون .. أما ( أ ) فكان قد نسى تماماَ حياته الأولى وإستمر فى هذه العلاقة معهم حوالى سنة حتى أصبحوا يمارسون الجنس مع البنات كل أسبوع بعد أن يشربوا المخدرات فى شكل سيجارة يتبادلون منها الأنفاس .  
 
هكذا إستمرت الكرة فى التدحرج من سوء إلى أسوء .. ولكن .. هل يقف الله الآب بعيداَ وهو يرى هلاك أولاده . كان الروح القدس يعمل فى قلب ( أ ) ، فشعر بتأنيب ضمير وأراد أن يقطع علاقته بتلك الشلة التى تساهم بالنصيب الأكبر فى إنحدار علاقته الروحية والدراسية لذلك قرر ( أ ) أن يبعد عنها . وها هى والدته وأخته يتسلمان من خدام إجتماع الشباب صورة للرب يسوع وهو يقرع على  الباب مكتوباَ خلفها : " حضرنا لزيارتك يا أخ ( أ ) . المسيح ينتظر حضورك إجتماع الشباب الخميس المقبل الرب معك ونحن نصلى من أجلك " .
 
وعندما إستلم ( أ ) هذه الصورة سأل نفسه نفسه : هل ياترى الله يقبلنى لو ذهبت للإجتماع ؟ .. لا أظن .. لقد دنست نفسى وجسدى فلا يجب أن أكون وسط القديسين ... وبينما هو فى هذه الأفكار قالت له أخته : 
 
- يا ( أ ) أنت بقيت تخرج كتير من البيت ولك مدة كبيرة لم تأكل معنا .
- إنت عارفة إنى بأذاكر مع أصحابى .
أنا يا ( أ ) مش مستريحة لهؤلاء الأصحاب ... خصوصاَ إن من وقت ما عرفتهم وأنت تركت إجتماع الشباب ولم أعد أري كتباَ روحية فى حجرتك .. 
 
إلتقى الأصحاب الخمسة ذات يوم فى منزل منير ( أمين الصندوق ) فقال منير : الفلوس الى معانا خلصت وعاوزين نصرف ... 
سامى : هى ال 200 جنيه بتاعة الغويشة خلصت ؟ .
منير : أيوه خلصت .. أنت ناسى أننا بنصرف على السجائر والشم والبنات !!
 
وهنا تسائل عماد : طيب هنجيب فلوس منين ؟ ... هنا أقترح ( أ ) الذى صار شريكاَ لهم فى الإنحراف إقتراح أعجبهم ... وهو أن يحضر كل واحد منهم 100 جنيه من أهله ويقول لهم بتوع دروس خصوصية وفعلا أحضروا 500 جنيه ووضعوها مع أمين الصندوق .. وبعد نهاية الإمتحانات إجتمعوا فى منزل سامى حيث كانت ال 500 جنيه على وشك الإنتهاء فأقترح سامى أقتراح جديد للحصول على الفلوس .. فقال : هنا الجيران فى الدور الأرضى بالمصيف ونسيوا شباك المنور مفتوح .. ممكن ندخل عن طريق المواسير ونأخذ أى شىء .
 
بدأوا يخططون من يدخل .. ومن يراقب الطريق .. وفعلاَ دخل منير وعماد من الشباك وكانت المفاجأة ... 
أن الأم موجودة ولم تسافر . مفاجأة لم يتوقوعوها إطلاقاَ ولم يعملوا حسابها .. فعندما حاولت الأم أن تصرخ ربطوها وهددوها بالذبح وسألها عماد : أين الفلوس ؟ 
 
-  فى الدولاب .. فلوس الشيك اللي صرفته قريب 3000 جنيه .
    أخذ عماد ال 3 ألاف جنيه وتركوا الأم بعد أن ربطوها وخرجوا ... وعندما حضر الجيران فكوا الأم وأبلغوا الشرطة ولكن لم يتم التعرف عليهم ... وكذا تكررت جرائم هذه المجموعة وكانت كلها تحفظ تحت مجهول حيث لم تتوصل إليهم الشرطة .. وزادت سرقاتهم وزادت  إجرامهم حتى قتلوا إثنين أثناء السرقة وتحجرت قلوبهم .
 
فى إحدى السرقات بعد أن نزلوا من المنزل قابلهم رجل شرطة فسألهم : من أنتم ؟ إرتبك منير وحاول أن يجرى لكن الجندى أمسك منير وسامى وإستطاع ( أ ) وعماد ومحسن أن يهربوا ... وفى قسم الشرطة أعترف منير وسامى بباقى المجموعة .
 رجع والد ( أ ) من الشغل فوجد الأم تبكى وبنته تضع يدها على خدها وهى تقول يارب .. يارب ...
فصرخ الوالد : فيه أيه ؟ فين ( أ ) هل عمل حادثة .. هل سقط فى الإمتحان ؟ 
أجابت الأم والدموع تنهمر من عينيها ياريت .. ياريت .. ( أ ) حالياَ مقبوض عليه فى القسم . 
فصرخ الأب : مقبوض عليه !! مع الأصحاب إياهم .. 
فأجابت الأم : حضر فى الصبح عسكرى ومعه أمر بالقبض على ( أ ) وهو حالياَ فى قسم ... وهنا سال العرق من وجه والد ( أ ) وإتصل تليفونياَ بالمحامى .
عند التحقيق مع ( أ ) فى القسم أشر وكيل النيابة على الأوراق بالحبس 15 يوم على ذمة التحقيق ... فقال المحامى للوالد غداَ إن شاء الله نحاول الإفراج عنه بكفالة لحين بحث القضية وإن شاء الله براءة .
ذهبت أخت ( أ ) فى الصباح الباكر وتقابلت مع أبونا فى الكنيسة .. وحكت له موضوع أخيها وصلى أبونا قائلاَ : 
" يارب ... ( أ ) إبنك حافظ عليه ورجعه إليك ... أذكر يارب أبوه وأمه .. سامحه يارب وسامحني أنا كمان ... لا تسمح عدو الخير أن يبتلعه بل رافقه فى طريق عودته إليك " 
 
أمضى ( أ ) مدة ال 15 يوم فى السجن على ذمة التحقيق وتم تجديدها مرتين تقابل خلالها ( أ ) مع أبونا المسئول عن رعاية أسر المنطقة التى يعيش فيها  ومع الأب المسئول عن زيارة المسجونين فكانا يصليان من أجل ( أ ) .
حينما حل موعد نظر القضية ولقد وقف المحامى وقدم مذكرة إلتماس بتخفيف العقوبة على ( أ ) .
 نادى القاضى على إسم ( أ ) وسمع له قضيته وكان ( أ ) يمسك ورقة فى يده مكتوباَ فيه كل الجرائم التى فعلها وأعترف بكل جرائمه علانية أمام الجميع وكان ( أ ) يريد أن يريح ضميره بعد أن يغفر الله لخطاياه فى توبة صادقة وأن ينال عقاب على الأرض وأن يستريح فى الملكوت ، فوقعت عليه العقوبة التى أستحقها من إنحرافه بإرادته الحرة عن السعادة الحقيقية .