قابلت كثيراً من الأصدقاء، وتابعت كثيراً من بوستات وتويتات السوشيال ميديا، فوجدت إقبالاً وإعجاباً بما يُعرض على قناة «ماسبيرو زمان» فى رمضان، وأعتقد أنها ليست النوستالجيا فقط هى ما جذب الجمهور، ولكن هناك المضمون والشكل والأسلوب الذى افتقدوه. دخول ماسبيرو زمان فى قائمة المفضّلات فى شاشات البيوت المصرية ومنافستها للقنوات الأخرى ليس جرعة حنين إلى الماضى، بل جرعة حنين للإجادة و«البيرفيكشن» والجهد والصدق وحب وعشق المهنة، حنين لجرعة الثقافة التى كانت تغلف حتى برامج المنوعات والتسلية. لا بد لمسئولى التليفزيون المصرى من الانتباه إلى هذا النجاح واستغلاله وانتهاز فرصة اتساع قاعدة المشاهدة، خاصة فى ظل غياب قنوات ماسبيرو الأخرى عن المنافسة، وحالة التردى التى صار عليها كثير من البرامج، وشكوى أبناء ماسبيرو أنفسهم من انعدام حافز المنافسة، وحالة الإحباط التى أدت لغياب الرغبة فى هذا «البيرفيكشن».

قناة «ماسبيرو زمان» لا بد من تغيير خطتها كمجرد شاشة تعرض أعمالاً قديمة فقط، لا بد من تغيير سياسة أنها مجرد خزانة شرائط قديمة، لا بد من تطعيمها بشغل برامجى آخر على الشغل القديم، فمثلاً عند عرض حوار الإعلامية ليلى رستم مع عميد الأدب طه حسين لا بد من الشغل على هذا الحوار برامجياً بعد عرضه كله أو جزء منه، باستضافة بعض المثقفين ممن يلقون الضوء على القضايا التى أثارها الحوار، وعندما يُعرض مسلسل ما قديم، أتمنى بعدها تحليل المسلسل والحديث عن ذكرياته، وإذا كان أحد أبطاله أو كاتبه أو مخرجه ما زال على قيد الحياة فليُستضَف للحوار حول المسلسل، وكذلك كل البرامج والفوازير... إلخ، لا أرى ضرورة لعرض أفلام قديمة، فهذه لها أماكن أخرى أكثر بريقاً، استغلوا أماكن التفرد والتميز التى تمتلكها مكتبة ماسبيرو ولا تقلدوا الآخرين.

القناة تحتاج رؤية لاستغلال حالة الشجن وإثارة الذكريات والمقارنات التى جذبت الناس لشاشتها، فلنجعل «ماسبيرو زمان» طوق نجاة للعملاق القديم، لهذا المبنى الذى ضم خيرة أبناء مصر من الإعلاميين المثقفين الذين صنعوا نهضة الإعلام العربى كله. المبنى الذى كانت بدايته فى الستينات وكان مغناطيساً سحرياً جذب المشاهد العربى لا المصرى فقط، المبنى الذى كان قطاع الإنتاج فيه بئر نفط إبداعية، ازدهرت به ومعه صناعة الدراما، ليس من الجانب التمثيلى فقط، وإنما هناك جيش من مبدعى الصناعة تخرجوا من مدرسة ماسبيرو، هناك مهندسو الديكور والمصورون وفنيو المونتاج وعمال الإضاءة.... إلخ، «ماسبيرو زمان» ليست مجرد مغارة على بابا السحرية التى فيها الزمرد والياقوت، لكنها مصنع إبداع وسر قوة وحافز تنافس وتفوق، لكن لكى نفتح تلك المغارة ونستفيد من كنوزها بحق لا بد أن نعرف كلمة السر.. افتح يا إبداع.. افتح يا صدق.. افتح يا فن.. افتح يا ماسبيرو.
نقلا عن الوطن