الأقباط متحدون - القلق من أخطر أمراض العصر
  • ١٥:٢٤
  • الأحد , ١٦ ديسمبر ٢٠١٨
English version

القلق من أخطر أمراض العصر

د. مجدي شحاته

مساحة رأي

٥١: ٠٦ م +02:00 EET

الأحد ١٦ ديسمبر ٢٠١٨

تعبيرية
تعبيرية

بقلم : د . مجدى شحاته
القلق من الامراض النفسية التى كثيرا ما تصيب الانسان فى هذا العصر المضطرب ، يرتبط بعدم الارتياح والخوف والتردد ،ويكون مصحوبا بسلوكيات تعكس حالة من التوتر وعدم الارتياح مثل الحركات بخطوات ثابتة ذهابا وايابا أو أعراض جسدية ومرضية أخرى . القلق من أكبر الطاقات التى يمكن أن تدمر الانسان حيث يكون غير قادر على التركيز أو التفكير السليم وربما ينتابه الخوف و الهلع من أمور كثيرة وعل العكس فالعقل الخالى من القلق والتوتر هو العقل المنتج والمبتكر والمبدع والمخترع . وبالرغم أننا نعيش فى عالم التكنولوجية الحديثة التى يمكن أن توفر حياة سهلة ومريحة ،الا انه من الملاحظ أن الحياة فى هذه الايام كثيرا ما تكون معقدة للغاية ومربكة ومزدحمة بالمشاكل ، وسط هذه الاجواء المشحونة بالتوتر ، نرى أنه ليس من السهل أن نكترث بطريقة صحيحة ، فكثيرون منا يقلقون بدرجة شديدة ومفرطة تقود الى أمراض جسدية و عقلية تقود الى القلق والاكتئاب .

القلق والتوجس ممكن ان يحول أشد الناس عودا وصلابة الى انسانا ، مريضا واهنا !! . يقول علماء النفس ان فى استطاعة سبعون فى المائة من المرضى الذين يقصدون الاطباء ، أن يعالجوا انفسهم بأنفسهم ، اذا ما تخلصوا من القلق والهواجس أو المخاوف التى تسيطر عليهم ، ولا يقصد من ذلك أن أمراضهم واهية ، بل هى حقيقة واقعة ، مثل عسر الهضم وقرحة المعدة واضرابات القلب وارتفاع ضغط الدم والارق والصداع وبعض أنواع الشلل . فالقلق والخوف أو التوتر الناتج من القلق كثيرا ما يسبب توتر الاعصاب واحتدام المزاج ، وينعكس ذلك على أصابة المعدة بالمرض ، حيث تتحول افرازاتها الى مركبات ضارة تؤدى فى كثير من الاحيان الى قرحة المعدة . ويقول أحد الاخصائيون فى أمراض المعدة ، أن قرحة المعدة لا تاتى مما نأكلة لاكنها تأتى مما يأكلك !! لذلك تؤكد تقارير طبية أن ثلاثون فى المائة من رجال الاعمال الناجحون متوسطى العمر، يعانون على الاقل واحدا من ثلاثة أمراض ، تنشأ كلها من توتر الاعصاب والقلق . وهى أمرض اضطرابات فى القلب وقرحة المعدة وضغط الدم . لا شك انه أمر مؤسف أن يكون ثمن النجاح فى كثير من الاحيان ندفعه من رصيد صحتنا وعمرنا . وهل يمكننا أن نسمى هذا نجاحا ؟ ذلك النجاح الذى ندفع ثمنه ، بقرحة المعدة أو اضرابات القلب " ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟ أو ماذا تعطى الانسان فداء عن نفسه ؟ " لقد أثبتت الاحصائيات والتقارير الطبية أن القلق هو القاتل الاول فى أمريكا . ففى خلال الحرب العالمية الثانية قتل من الامريكيين ما يقرب من ثلث مليون جندى ، وفى نفس الفترة تسببت أمراض القلب فى وفاة ما يقرب من مليونى نسمة منهم مليون نسمة كان مرضهم بسبب القلق وتوتر الاعصاب . بل هناك حقيقة أكثر ألما ، تشير على أن عدد الامريكيين الذين يموتون بسبب القلق والتوتر العصبى ، يفوق من يموتون بكافة أنواع الامراض المختلفة الاخرى . لا شك أن القلق المنضبط أو الاكترث المقبول والمعقول مكون أو جزء أساسى وعادى فى الحياة ، ولكن سؤ تصرف الانسلن وتناسى عمل الله الخالق ومنظم الكون ممكن أن يحوله الى قلق و هاجس غير طبيعى ، فالقلق المفرط يتسبب فى الالحاد العملى حيث يتصرف الانسان على أن كل الامور بيده هو، ويتناسى وجود

الله الخالق ومبدع الكون . لقد قام أحد رجال الاعمال والذى كان يعانى من القلق المفرط ، قام بتسجيل وكتابة كل الامور والاشياء التى تزعجه وتقلقه بشكل كبير بخصوص الغد ودونها يوميا باللون الاحمر فى دفتر خاص . وبعد عشرة سنوات قام بمراجعة كل ما دونه وكتبه بكل دقة لفحص الامور التى كانت تقلقه وتزعجه بشل كبير، فلم يجد شيئا على الاطلاق الا واحدة فقط من تلك الامور قد وقعت خلال مدة العشر سنوات !! ، وهذا يؤكد أن القلق كثيرا لايكون له مبرر أو أى أساس أو سبب جوهرى .

ينصح الخبراء أن الانسان العصرى فى حاجة ال الاسترخاء والهدوء والترفيه ، ولابد أن ينال القسط الازم والكافى من النوم ليلا مع الاستماع الى الموسيقى الهادئة بعض الوقت والبعد عن عن مصادر الانباء المزعجة او الاشخاص مثيرى الجدل والشكوك والمخاوف والاقلال من شبكات التواصل الاجتماعى المثيرة للقلق، كذلك ينصحون افضاء الشخص القلق بمتاعبه الىشخص يثق فيه ، كذلك عدم اتخاذ القرارات قبل ان تتوفر المعلومات الكافية والازمة لاتخاذ القرار السليم وان يعيش فى نطاق يمه بقدر الامكان وأن يترك مساحة كبيره منفكره وذهنه لعمل الله القادر على تدبير كافة الامور .

الانسان الروحى المؤمن بوجود الله يكون قلبه مملوءا بالسلام والهدوء والطمأنينة لا يضطرب ولا يقلق ولا يخاف " الرب نورى وخلاصى ممن أخاف ؟ الرب حصن حياتى مما أرتعب ؟ " ( مز 27 : 1 ) . كثيرا ما تمر بنا الاوقات ونحن نعمل فيها كل ما فى مقدورنا ، ولا يوجد شيئ آخر يمكن عمله ، وهنا لا يوجد سوى أن نصلى ، تاركين كل الامور لخالق الكون " الق على الرب همك ... وهو يعولك " ( مز 55 : 15 ) .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع