الأقباط متحدون - مسئولية السلطة التنفيذية فى النظم الديمقراطية
  • ٠٧:٢٨
  • الأحد , ٦ اغسطس ٢٠١٧
English version

مسئولية السلطة التنفيذية فى النظم الديمقراطية

مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد

٣٠: ١٠ م +02:00 EET

الأحد ٦ اغسطس ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 الدولة كيان اعتبارى، تتكوّن -وفق القانون الدولى- من أرض وشعب وحكومة ذات سيادة، هذه هى مكونات الدولة الثلاثة وفق القانون الدولى، ولأن الدولة كيان اعتبارى، فإن السلطة التنفيذية هى التى تعبّر عن الدولة. فى عصر دولة المدينة اليونانية، قبل الميلاد، كان الرجال الأحرار مجتمعين هم الذين يعبرون عن الدولة فيما سُمى بالديمقراطية المباشرة، فقد كان الرجال الأحرار يجتمعون فى الميدان الرئيسى أو الميدان الكبير، يناقشون شئون بلادهم الداخلية والخارجية، ويتخذون القرارات اللازمة. ومع زيادة عدد السكان ودخول فئات جديدة إلى الجماعة صاحبة القرار، ابتدع العقل البشرى الغربى الديمقراطية التمثيلية أو النيابية، وهى أن يمثل شخص واحد عدداً معيناً من المواطنين، حسب عدد السكان، فقد ينوب شخص واحد عن مائة شخص، أو مائة ألف شخص، وهو الأمر الذى ترسّخ بزيادة عدد السكان، وسقوط الحواجز الجنسية والعِرقية والاجتماعية، فأصبح التصويت من حق الجميع، رجالاً وسيدات، أثرياء وفقراء.

 
هنا تشكّلت السلطات الثلاث (تشريعية وقضائية وتنفيذية)، الأولى تسن القوانين وتراقب أعمال السلطة التنفيذية، والثانية تفصل فى القضايا وتطبق القوانين، والثالثة تقوم بالتنفيذ. تنوعت أشكال نظم الحكم، لكن الاتفاق العام بين الأشكال المختلفة هو أن الحاكم، سواء كان رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، هو موظف عام، توكل إليه المهمة من خلال انتخابات عامة، سواء ضمن الانتخابات التشريعية فى النظم البرلمانية، حيث يتولى رأس قائمة الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد تشكيلَ الحكومة ورئاستها (الهند، وبريطانيا) أو من خلال انتخابات مباشرة فى ظل النظم الرئاسية (الأمريكى)، أو شبه الرئاسية (الفرنسى).
 
يلتزم الرئيس ومعه السلطة التنفيذية بالدستور والقانون، ولا يتجاوزهما أبداً، وإذا ما حدث التجاوز تتم المحاسبة التى قد تصل إلى العزل أو الإجبار على الاستقالة (الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون عام ١٩٧٤)، وقد يصل الأمر إلى الحكم بالسجن (كوريا الجنوبية).
 
المسئول الأول فى النظم الديمقراطية هو موظف عام، جرى اختياره للمنصب من قِبَل صاحب الاختصاص الأصيل، وهو الشعب، أو الهيئة الناخبة، كى يمارس المهام المحددة له دستورياً لفترة زمنية محددة، فإن أجاد والتزم وحظى برضا الناس، يتم تجديد الانتخاب حسب ما ينص الدستور، وإن أخفق فقد تختصر مدته وتتم إقالته من قِبَل البرلمان أو المحكمة الدستورية، أو حسب ما ينص الدستور بخصوص طرق إقالة الرؤساء، أو يكمل مدته الأولى، ولا يتم التجديد له من قِبَل الناخبين.
 
المعيار الرئيسى هو مدى رضا الهيئة الناخبة عن أداء السلطة التنفيذية، والأساس هو التزام السلطة التنفيذية بالدستور والقانون، واحترام الخطوط الفاصلة بين المؤسسات والسلطات المختلفة، ولا جَور من سلطة على أخرى، ولا توظيف من مؤسسة لأخرى، لا بد من استقرار حقيقة أن لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة ولكل سلطة من سلطاتها اختصاصات لا ينبغى أن يجرى الجَور عليها من قِبَل مؤسسة أو سلطة أخرى، أيضاً لا بد أن يكون واضحاً أن المؤسسة أقوى من الفرد، وأبقى منه، ومن ثَم لا بد من احترام المؤسسات، والحرص على تقويتها، ويقاس إنجاز المسئولين فى الدول التى تمر بعمليات تحول بمدى ما تحقق فى عهدهم من ترسيخ للمؤسسية، واحترام للخطوط الفاصلة بين المؤسسات، صحيح أن تحقيق الإنجازات فى المجال الاقتصادى والاجتماعى مهم للغاية، لكن الأكثر أهمية هو مدى إنجاز المؤسسية، أى ترسيخ مكانة وأدوار مؤسسات الدولة، وتقديم المؤسسى على الفردى.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع