الأقباط متحدون - هل يمكن أن يتوب الإخواني؟
  • ١٦:٠٨
  • الاربعاء , ٢ اغسطس ٢٠١٧
English version

هل يمكن أن يتوب الإخواني؟

مقالات مختارة | بقلم ماهر فرغلي

١٢: ٠٢ م +02:00 EET

الاربعاء ٢ اغسطس ٢٠١٧

ماهر فرغلي
ماهر فرغلي

كثيراً ما تعرضت لهذا السؤال... هل يمكن أن يتوب الإخواني؟ هل يمكن أن يصبح شخصًا عادياً وعنصرًا بناءً للمجتمع؟ هل يمكن أن يصبح مواطنًا يتكلم بما يتكلم به المصريون، ويتعامل بما يتعاملون به؟

من المؤكد أن أعضاء التنظيمات، سواء اليمينية الإسلاموية المتطرفة، أو اليسارية، هم أشخاص غير عاديين، سواء في كلامهم.. كتاباتهم.. طريقة معاملاتهم.. خاصة الإسلامويين، الذين يعتقدون طوال الوقت أنهم أعلى من المجتمع.. أفضل منه.. وأن الناس لا بد وأن تسعى إليهم.

أنا أؤمن أن المتطرف والإرهابي هو بشر، والبشر خطاء وتوّاب أيضًا، لأنه إنسان ابن بيئته، وفي مراحل كثيرة من عمره يكون اختياره نتيجة الظروف التي تحيط به، كما هناك تحولات قد تصيبه نتيجة ظرف خارجي، سواء سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، ما يودي به للتطرف، أو للمرحلة التي تليها وهي الإرهاب.

كما أؤمن أن هناك أسوياء أيضًا يراجعون أفكارهم باستمرار، يقفزون فوق تلك الظروف الخارجية المحيطة بهم.. قد يحضرون كل المحافل الإخوانية.. قد يمرون بكل المعاقل الجهادية، إلا أن نزعة تمردهم الداخلية تنقذهم مما كانوا سيقعون فيه، أو على الأقل ما وقعوا فيه.

قبل أن أضرب الأمثلة ببشر انتموا لتنظيمات، كانوا متعصبين متطرفين، وأحيانًا إرهابيين، ثم عادوا وانشقوا، وتابوا، وأنابوا وأصبحوا بين المجتمع خداماً له، لا بد أن نوضح أن هناك شخصاً يخلع نفسه من التنظيم لكن التنظيم لم ينخلع منه، وهناك من خلعه التنظيم لكنه لم يخلعه، وهذا معناه ببساطة أن هناك عنصراً يترك الإخوان، على سبيل المثال، لكن الإخوان في قلبه وعقله وفكره، فهو تركها لظروف عارضة، ولو تغيرت تلك الظروف لعاد، وهناك من يقيله التنظيم لكنه لا زال يحمل أفكاره، فيقف في محيط دائرة تلك التنظيمات بالكامل، فانتقاده وهجومه ودفاعه ينطلق من ذات الأرضية، وليس من خارج إطارها.

الذى يندر لكنه يحدث، من يترك التنظيم ويتركه التنظيم، وعلى سبيل أنا سأضرب أمثلة لهذا النوع لشخصيات قفزت على حالة التنظيمات لتصبح أشخاصًا مثاليين في مجتمعاتهم، وهذا بغض النظر عن الخلافات في وجهات النظر في بعض القضايا التي طرحوها، والمرتبطة بزمانها ومكانها.

من تركوا التنظيم، وهم واقفون بالمحيط، يمكن أن يكون أكبر مثل عليهم، الشيخ الشعراوى الذى لم يخف أنه كان يوماً عضواً بجماعة الإخوان، ومستشار الرئيس أسامة الأزهري، الذي مر مروراً قصيراً على الجماعة، فكلهم استقلوا ومضوا بعيدين عن التنظيم، وإن كانوا لا زالوا واقفين في آخر خط بالأرضية والمحيط.

بالقرب من نواة الدائرة، وفي خطها الأول، يمكن أن نجد عبد الرحمن السندى، قائد النظام الخاص للإخوان، والمخطط لأغلب العمليات المسلحة فترة حسن البنا، حيث استطاع ناصر أن يجعله ينشق عن الإخوان، وعينه في أحد شركات القطاع العام، والشيخ الباقوري، الذى أصبح وزيراً للأوقاف في عهد عبدالناصر، والشيخ سيد سابق، الذى كان قيادياً كبيراً بالإخوان، وصاحب كتاب فقه السنة، فهم إخوان فكراً لكنهم ليسوا إخوان تنظيماً.

عبد المنعم أبو الفتوح، وأبو العلا ماضي، وإبراهيم الزعفراني، والأستاذ كمال الهلباوي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الآن، خلعهم التنظيم لكنهم لم يخلعوه، لذا سترى جل مواقفهم تنطلق من تلك الرؤية.

أما الأستاذ مختار نوح، والدكتور ناجح إبراهيم، والأستاذ ثروت الخرباوي، والأديب كامل رحومة، والأستاذ طارق البشبيشي، من قادة الجماعة بالبحيرة، والكاتب الكبير هشام النجار، والباحث سامح عيد، فقد خلعهم التنظيم وخلعوه، لذا لا ينفع أن نطلق على هذا النوع كلمة (منشق)، لأن الانشقاق هو أن تكون عضوًا فتنفصل وأنت تحمل نفس الأفكار والجينات الأيديولوجية، أما المستقل فهو من وقف في المنتصف لا يعمل بهيكلية التنظيم، أو يؤمن بأيديولوجيته، وباعتقادي أنهم انفصلوا بشكل تام عن ماضيهم، رغم أن بعضهم لا زال يعمل بالهدي الظاهر (اللحية مثلاً)، لكن هذا ليس دليلاً على بقاء الجين الإخواني واستمراره.

الأمثلة كثيرة جدًا على التحول التام، ثم التقدم في الاتجاه المعاكس، على سبيل المثال المفتي السابق الدكتور علي جمعة، الذي كان عضواً بارزاً ومفتياً لجماعة التوقف والتبين، ثم انقلب إلى الضد، والعراقي هشام الهاشمي، الذى كان مسجوناً بسجن بوكا مع البغدادي، والآن تحول إلى محلل بارع، ومستشار سياسي للحكومة العراقية، وسعد الدين إبراهيم، الذي كان إخوانياً قديماً، والراحل السيد يس، رئيس مركز الأهرام للدراسات، عضو الجماعة القديم، والدكتور أحمد كمال أبو المجد، وتركي الدخيل، مدير قناة العربية، وأحمد الشقيري، المقدم الشهير لبرنامج خواطر، وخالد المشوح، مدير مركز الدين والسياسة للدراسات بالرياض، والمذيع السعودي المعروف، داوود الشريان، الذي كان رئيساً لتحرير مجلة الدعوة ثم جريدة "المسلمون"، والكاتب أيضاً السعودي، جمال خاشقجي، وكاتب الرأي السعودي الشهير، مشاري الذايدي.. ألخ ألخ

لعلي بالأمثلة السابقة أرد على تلك الذهنية المنتشرة في لدى الوسائل الإعلامية المصرية، والأجهزة الأمنية، أن (الإخواني يعيش ويموت إخوانياً)، وهذا خطأ فادح، وليس صحيحًا بالفعل، فلدينا أمثلة كثيرة تشبه المجموعة السابقة، وكلهم دليل على أنه يمكن بالفعل التحول، ويمكن بالفعل أن تصبح شيئًا آخر مختلفًا، لكن لو انقلبنا عائدين للاتجاه آخر، لوجدنا إبراهيم السكران، وهو شيخ سعودي في السجن حاليًا، تحول إلى العكس، من مثقف ليبرالي لمنظر متشدد للجماعات الإرهابية وداعش، وهذا بالفعل حدث كثيرًا، وسيحدث، وهو ما سنتحدث عنه بالتفصيل... للحديث بقية
نقلا عن eslamyon.blogspot

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع