الأقباط متحدون - «كشك الفتوى».. مقاومة التطرف بمنهج المتطرفين (1-2)
  • ١٧:٥٣
  • الاربعاء , ٢ اغسطس ٢٠١٧
English version

«كشك الفتوى».. مقاومة التطرف بمنهج المتطرفين (1-2)

مقالات مختارة | حسين القاضى

٤٢: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢ اغسطس ٢٠١٧

حسين القاضى
حسين القاضى

كل فكرة من شأنها مواجهة التطرف لها تقديرها، والنقد يتوجه للتطبيق والأسلوب، ولا شك أن فكرة لجنة الفتوى بالمترو يتولاها أزهرى خلوق هو الدكتور محيى الدين عفيفى، الذى تعامل بأدب واحترام مع المختلفين مع الفكرة، لكن الفكرة نفسها جانبها الصواب، وأساءت للفتوى، ولا تختلف عن مجمل الطريقة التى يفكر بها السلفيون وداعش.

فبعيداً عن الصياح الذى من نوعية: (المغرضون الذين يكرهون الأزهر)، سنجد أن الفكرة (على فرض الاتفاق على صحتها) تجعل الأزهر ظاهراً فى (أعين) الناس، لكنه لم يدخل (عقولهم) بمنهجه المنضبط، وهى نفس فكرة التيارات المتشددة التى تريد أن يكون الإسلام ظاهراً فى (ملابس الناس لحية ونقاباً) حتى لو كان غائباً فى (وجدانهم)، إنها نفسية القيادات الأزهرية المضطربة، حين عجزت عن توصيل (المنهج) عملت على توصيل (المظهر)، فاخترعت الخطبة الموحدة، ثم الخطبة المكتوبة، ثم وعاظ المقاهى، ثم كشك الفتوى، وكان يكفى كل ذلك قرار بإخراج قناة الأزهر، وفتح برنامج للإجابة عن الأسئلة من كبار العلماء.

ومع تقديرى لحسن نية شباب الكشك، لكن تصدرهم للفتوى لا يختلف عما تفعله التنظيمات المتطرفة، من أن الواحد فيهم قرأ بعض الكتب فصار يتصدر للفتوى، صحيح أنهم يفتون الناس بالتيسير، ويلتزمون الوسطية، لكن المنهج واحد، وهو تصدر غير المتخصص.

قد يكون الشخص القائم على الفتوى خطيباً بارعاً، أو متحدثاً لبقاً، أو ولياً صالحاً، لكن الفتوى تحتاج إلى التأهل الذى يتم بالممارسة والتطبيق قبل التصدر، وفترة الممارسة لا تقل-فى تقديرى- عن سبع سنوات، وهو شرط فيمن يتصدر للإفتاء، لكنه ليس شرطاً للواعظ والخطيب، (سأرجع للمستوى العلمى لهؤلاء الشباب فى مقال مقبل).

وأما قولهم إن الفكرة تقضى على التطرف والتشدد، فهذا تدليس على الناس، لسبب بسيط جداً وهو أن الأسئلة المعروضة عليهم هى بشهادتهم فى قضايا الصلاة والحج والصدقة والزواج والطلاق والميراث والكفارات، وكلها قضايا -فى الغالب- لا يختلف فيها موقف التيارات المتشددة عن موقف الأزهر، بل إن كلام القرضاوى فى هذه القضايا يتميز عن غيره بزيادة فى التيسير.

فالقرضاوى يرى أن دية المرأة مساوية لدية الرجل، وأن المرتد عن الإسلام لا يقتل، وأن المرأة إذا أسلمت تبقى مع زوجها غير المسلم، وأن جلد الزانى أو رجمه من باب التعزير فقط، وأن الاختلاط بين الشباب حلال فى أصله، ومع كل هذا التيسير والوسطية فى الفتوى إلا أن القائل به إمام من أئمة التحريض!

إذن التطرف لا يُواجه من خلال التيسير فى الفتوى، بل يواجه من خلال المنهج العلمى الذى يعتنى بتكوين العقل المبدع المنظم.. قد يعترض قارئ فيقول: إن السائل ينطبع فى وجدانه ثقة فى الشيخ المفتى من شأنها أن تسرى فتؤثر فى اختياراته الفكرية فى غير الموضوعات محل السؤال، وبالتالى فمن وثق فى الشيخ فيما يخص العبادات سيثق فيه فيما يخص موقفه الفكرى من التيارات المتطرفة؟ وهذا صحيح لو كان القائم بالفتوى له صوت أو موقف من مناهج التيارات المتطرفة، ولكن هؤلاء القائمين على الفتوى وقياداتهم بالمشيخة ليس لهم أى موقف من قضايا التطرف، فليس لأحدهم صوت مسموع عن رأيه فى فكر حسن البنا، وسيد قطب، وفساد منهج الإخوان، وليس لهم صوت فى أفكار متطرفة كفكرة التمكين، وجاهلية المجتمع، والاستعلاء بالإيمان، وقبول الآخر، حتى نقول إن السائل يمكن أن يتأثر بموقفهم فى هذه القضايا، بل أزيدك أن المحسوبية والغش والتدليس المعروفة عن قيادات بالمؤسسة الدينية (مشيخة وجامعة وأوقاف) من شأنها أن تفقد ثقة الشخص فى فتواهم فى العبادات فضلاً عن كلامهم فى الأفكار.

وأكرر أن فتواهم فى كشك الفتوى فى العبادات والمعاملات هى بعينها ما يُفتى بها القرضاوى، بل القرضاوى أكثر منهم وسطية واعتدالاً فيما يخص مسائل العبادات والمعاملات.. فهل هذا التيسير والاعتدال منعه من التحريض، أو منع أنصاره من سفك الدماء؟!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع