الأقباط متحدون - على هامش زيارة «البابا»
  • ٠٠:٠١
  • الثلاثاء , ٢ مايو ٢٠١٧
English version

على هامش زيارة «البابا»

مقالات مختارة | د. محمود خليل

١١: ٠٨ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢ مايو ٢٠١٧

د. محمود خليل
د. محمود خليل

لم أشأ أن أكتب عن زيارة قداسة البابا «فرنسيس»، بابا الفاتيكان، أثناء تفاعل أحداثها فوق أرض مصر، أرض الأنبياء. البابا شخصية تثير الإعجاب، بما تنطوى عليه كلماته من نبل وتسامح ومحبة تعكس الإيمان المسيحى بصورة مبهرة. وقد أفرط قداسته فى مجاملة مصر والمصريين عبر عباراته التى انهمرت بشكل يثير الإعجاب. يكفى أن تتأمل فى هذا السياق كلمته بفندق الماسة فى حضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، بدت الكلمة بالنسبة للكثيرين دينية بحتة، لكنها من وجهة نظرى لم تخلُ من «السياسة».

برقة بالغة وبالعربية ردد الرجل عبارة «مصر أم الدنيا»، ثم أردف «وهى حتى يومنا الحاضر، ترحب بالملايين المقبلين من بلدان مختلفة، والتى من بينها السودان وإريتريا وسوريا والعراق، والذين تحاول مصر دمجهم فى المجتمع المصرى من خلال جهود تستحق كل ثناء». لعلك سبق أن استمعت إلى تصريحات رسمية صدرت عن مسئولين مصريين تركز على دور مصر فى احتواء اللاجئين الذين يفدون إليها من دول مختلفة، أبرزها سوريا، وهى التصريحات التى بودلت بتصريحات أخرى على لسان مسئولين أوروبيين رفيعى المستوى احتفت بجهد مصر فى سياق هذا الملف. وأنت تعلم الصداع الذى تسببه مشكلة اللاجئين بالنسبة لدول أوروبا، وأخصهم ألمانيا. ولا يخفى عليك أن زيارة قداسة البابا تزامنت مع موافقة لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب على مشروع قانون «الإقامة بوديعة» والذى يمنح الأجانب حق الإقامة فى مصر مقابل وديعة دولارية دون فوائد، تمهيداً للحصول على الجنسية المصرية بشروط محددة، وأن المشروع يستجيب للزيادة الملحوظة فى الطلبات التى يقدمها الأجانب للحصول على الإقامة بجمهورية مصر العربية فى ظل المتغيرات الدولية التى تشهدها المنطقة، كما صرح عدد من المسئولين!

انتقل بعد ذلك إلى تلك الفقرة البديعة من الخطاب التى تحدث فيها «بابا السلام» عن «السلام»، وقال فيها: «سلام لهذا الوطن الحبيب، سلام لكل هذه المنطقة، وبصفة خاصة لفلسطين وإسرائيل ولسوريا ولليبيا ولليمن وللعراق ولجنوب السودان». العبارات تبدو أخاذة من الناحية الإنسانية، لكنها لا تخلو من السياسة. فالسلام لفلسطين وإسرائيل لا يبدو منفصلاً عن «صفقة القرن» لإحلال السلام فى الشرق الأوسط، وهى الصفقة التى لم يعلن حتى الآن عن أى تفصيلة من تفصيلاتها، وكلمة البابا قد تكون قريبة منها، وبحس محبة حقيقى تمنى قداسته أن يعم السلام سوريا وليبيا واليمن والعراق التى تعانى صراعات أهلية مريرة، لكنه لم ينسَ ذكر جنوب السودان التى انفصلت عن شماله، ولعلك تعلم أنه فى الوقت الذى يسود فيه نوع من التوتر فى العلاقات بين القاهرة والخرطوم، فهناك نوع من الهدوء والتفاهم الواضح ما بين كل من القاهرة وجوبا.

بعيداً عما أثارته وسائل الإعلام الأجنبى عن بعض الملفات السياسية التى ناقشها البابا فى القاهرة، وهى معلومات لم تؤكدها مصادر رسمية، فإن كلمة قداسة البابا ذاتها لم تكن خالية من السياسة. وقد تكون الزيارة التاريخية التى قام بها لمصر فى ظرف دقيق تمر به البلاد، وما أسبغه على أهلها من مشاعر محبة وكلمات مودة، تمهيد لحدث ما ستلعب فيه مصر دوراً مهماً فى المنطقة، خلال الأيام المقبلة.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع