الأقباط متحدون - عندما ينسى «ترامب»!
  • ١٦:١٢
  • الاربعاء , ٨ فبراير ٢٠١٧
English version

عندما ينسى «ترامب»!

مقالات مختارة | د. ناجح إبراهيم

٢٥: ٠٩ م +02:00 EET

الاربعاء ٨ فبراير ٢٠١٧

د. ناجح إبراهيم
د. ناجح إبراهيم

فى الأسبوع الأول من رئاسته، هو الأسوأ فى تاريخ الرؤساء الأمريكيين قاطبة، استهل «ترامب» رئاسته بإصدار قرار غير أخلاقى وغير قانونى ويصطدم بالدستور الأمريكى، حسب قول وزيرة العدل الأمريكية بالوكالة، التى رفضت تطبيق القرار مضحية بمنصبها ومرتبها المغرى جداً من أجل المبادئ القانونية الأمريكية.

لقد ظل الأمريكيون يفخرون دوماً بدستورهم، وأنه لم يكتب من أجل الأمريكان فقط ولكنه كتب من أجل الإنسانية كلها، ولكنهم الآن يخجلون من عنصرية قرار «ترامب» الذى يحرم سبع جنسيات كاملة دون تمييز من دخول أمريكا. والغريب أن العالم الغربى كله انتفض ضد القرار رغم أنه لن يضار من هذا القرار بشىء، أمريكا انتفضت، تجمع مئات الأمريكيين أمام مطار جون كينيدى حيث احتجز هناك 12 عراقياً كانوا على متن الطائرات مقبلين بعد القرار مباشرة، هتف المتظاهرون الأمريكيون كثيراً ضد القرار مطالبين بدخول هؤلاء العراقيين. حاكم واشنطن والنائب العام رفضوا تطبيق القرار، أقام المحامون الأمريكيون مائتى دعوى قضائية ضد القرار. حكام الولايات فى أمريكا أحرار، ليسوا عبيداً للرئيس ولا طوع أمره ولا يهمهم رضاه عنهم، لقد جاءوا إلى مناصبهم عبر انتخابات حرة مباشرة من سكان الولاية، ولا يهمهم سوى خدمة أمريكا الأم وسكان الولاية الفرع. يالروعة الديمقراطية، ويالروعة الأمم الحرة، ما أجمل المسئول حينما يكون حراً لا يهمه المنصب بقدر ما تهمه القيم والمصالح التى يحميها ويحرسها.. كولن باول أضاع تاريخه كله حينما كذب على الشعب الأمريكى وعلى العالم وأوهمه بأن صدام يمتلك أسلحة نووية وبيولوجية، انتهى الرجل بهذه الكذبة الكبرى التى جامل بها بوش وبقى بها فى الخارجية الأمريكية.

أما البريطانيون فقد أذهلوا العالم كله، مظاهرات، احتجاجات، ضغوط على رئيسة الوزراء البريطانية التى سكتت فى البداية حتى اضطرت لإدانة القرار، فى عدة أيام وقّع أكثر من مليونى بريطانى وثيقة ترفض القرار وترفض زيارة «ترامب» لبريطانيا.

الشعب البريطانى انتصر للإنسانية وحقوق الإنسان والحريات العامة لهذه الشعوب السبعة العربية والإسلامية، ولم ينظر إلى مصالحه الضيقة التى لن تضار من القرار، رأى أن «ترامب» يمثل «مشروع ديكتاتور» فرفض ذلك بإباء، لن يكون عبداً لـ«ترامب» كما رفض من قبل عبودية بوش الابن وخرج فى مظاهرات عارمة ترفض غزو العراق.

البرلمان البريطانى رفض قرار «ترامب»، فى الوقت الذى صمتت فيه البرلمانات العربية صمت القبور، منتظرة التعليمات الحكومية المتأخرة دوماً فى الوقت وفى الحكمة أيضاً، كلٌّ ينظر إلى مصالحه الضيقة ما دام القرار لن يضر شعبنا فلتذهب كل الشعوب العربية من أشقائنا إلى الجحيم. لم نسمع أصوات الحقوقيين أو الكتاب أو النشطاء العرب خارج هذه البلاد السبعة، فى بلاد العرب صمت مريب، لا يدرون أن «ترامب» يكره العرب والمسلمين جميعاً.

سقط جدار برلين الذى كان يفصل بين الشعب الألمانى منذ سنوات، ولكن «ترامب» يريد أن يبنى سوراً بينه وبين المكسيك، العالم ينفتح على بعضه وهذا ينغلق على نفسه، العالم يهدم الأسوار والحواجز العرقية والمذهبية وجدر الكراهية والحروب، وهو يريد إعادة بنائها.

كيف تضحى وزيرة العدل الأمريكية بمنصبها ولا نرى لها نظيراً فى بلاد العرب والمسلمين، شباب العرب مشغولون بالتوافه، وشيوخهم بالملذات، وأغنياؤهم بتكديس الثروات.

«ترامب» يعاقب العراقيين ونسى أن أمريكا كانت سبباً رئيسياً لتحويل العراق إلى دولة تعيش تحت جحيم الإرهاب، ونسى أن أسلافه «بوش وبريمر» هم الذين حطموا العراق وقسموه، كان لا يجرؤ العراقى فى عهد صدام أن يحمل سكيناً أو خنجراً، فحوّلتها أمريكا إلى غابة من الميليشيات العرقية والمذهبية المسلحة، كل ذلك كان لمصلحة إسرائيل.

ونسى «ترامب» أن أمريكا كانت سبباً فى تمزيق سوريا وجعلها شيعاً وميليشيات، فمن الذى أدخل الميليشيات المسلحة لسوريا وجعلها تحارب بالوكالة حرباً لا ينتصرون فيها ولا ينهزمون، بحيث تدوم الحرب بينهم وبين النظام وأعوانه حتى تهدم سوريا فوق رءوس أصحابها وتقسم.

كل مشاريع أمريكا فى عهد كل الرؤساء كانت لمصلحة إسرائيل، لم ترحم العرب يوماً، ولم يرحم العرب أنفسهم، أو يعتمدوا على قدراتهم الذاتية الكبيرة، كانوا دوماً يعولون على الحليف الأمريكى الذى يخذلهم مرة تلو الأخرى، لقد نسى «ترامب» أن أمريكا والناتو هم سبب تدمير ليبيا، إن كنت قد نسيت فإننا لم ننسَ بعد.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع