محرر الأقباط متحدون
التقى البابا لاون الرابع عشر صباح الاثنين في قاعدة الكونسيستوار بالقصر الرسولي المشاركين في دورة دراسية مخصصة للمعنيين بالرعوية الليتورجية على الصعيد الأبرشي والتي ينظمها معهد القديس أنسيلموس الحبري الليبتورجي.

وجه الحبر الأعظم لضيوفه خاطباً استهله مرحباً بالحاضرين وخاصاً بالذكر رئيس المعهد الحبري والأساتذة والمشاركين في الدورة الدراسية، وعبر عن سروره للقائهم على هامش هذه المسيرة التي يقومون بها والهادفة إلى التعمّق في الرعوية الليتورجية. وقال بعدها إن الدورة تندرج في سياق المهام التي أُسندت إلى معهد القديس أنسيلموس الذي – كما قال مرة البابا بندكتس السادس عشر – يواصل باندفاع خدمته للكنيسة في إطار الأمانة التامة للتقليد الليتورجي وللإصلاح الذي شاءه آباء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، تماشياً مع تعليم الكنيسة والبابوات.

واعتبر لاون الرابع عشر أن مبادرات من هذا النوع تهدف إلى تكوين خدام ومؤمنين يكونون مؤهلين في مجال الخدمة الرعوية والليتورجية. وأضاف أن البابا الراحل فرنسيس شدد في هذا السياق على ضرورة أن نجد قنوات للتنشئة ودراسة الليتورجية، وأثنى على الجهود التي بذلها العديد من الباحثين والمعاهد الأكاديمية على هذا الصعيد، داعياً في الآن معا إلى نشر هذه المعارف خارج البيئة الأكاديمية، كي توضع بمتناول كل مؤمن، حتى يتمكن هذا الأخير من النمو في معرفة المعنى اللاهوتي لليتورجيا وللاحتفالات المسيحية.

تابع الحبر الأعظم كلمته متوقفا عند الحاجة لهذا النوع من التنشئة في الأبرشيات والرعايا، ومشددا على ضرورة إطلاق مسارات من التنشئة البيبلية والليتورجية، في حال غيابها. وأكد أن المعهد الليتورجي الحبري يمكن أن يقدم المساعدة المطلوبة للكنائس الخاصة والجماعات الرعوية، كي تتنشأ على كلمة الله، وهو قادر أيضا على شرح النصوص الليتورجية يشكل يساعد المؤمنين على فهم سر الإيمان بواسطة الطقوس والصلوات والعلامات الحسية التي يقوم بها المؤمن.

أما بالنسبة للتنشئة البيبلية المقرونة بتلك الليتورجية فقد أوصى البابا لاون الرابع عشر مدراء مكاتب الرعوية الليتورجية بالأشخاص المولجين إعلان كلمة الله، كما شدد على ضرورة توفير التنشئة الملائمة لقرّاء النصوص المقدسة خلال الاحتفالات الليتورجية، كي تكون لديهم كفاءة في المفاهيم الكتابية الأساسية، وكي يتقنوا القراءة واللفظ، وينشدوا المزامير، ويؤلفوا صلوات المؤمنين، لأن هذه الأبعاد تكتسب أهمية لدى جماعة المؤمنين وتدعم مسيرة شعب الله. هذا ثم ذكّر البابا الحاضرين بأن التنشئة الليتورجية هي من بين المواضيع الأساسية للمسيرة المجمعية وما بعد المجمع الفاتيكاني الثاني. ولفت إلى أنه تحققت خطوات كبيرة إلى الأمام خلال العقود الماضية، بيد أن الدرب ما تزال طويلة أمامنا، مشددا على عدم الاستسلام للتعب، إذ ينبغي أن نستأنف بدفع متجدد المبادرات الجيدة التي تمخضت عن الإصلاح، وأن نبحث في الآن معا عن دروب ومناهج جديدة.

لم تخلُ كلمة البابا لاون الرابع عشر من الحديث عن أهمية الدور الواجب أن يلعبه المكتب المعني بالرعوية الليتورجية المسؤول، ضمن كل أبرشية، عن توفير التنشئة الليتورجية الدائمة للإكليروس والمؤمنين، وعلى إعداد الخدام، والاعتناء بالجماعات الليتورجية الرعوية، والقرّاء والمرنمين. وشدد على أهمية تعزيز مشاركة مثمرة من قبل شعب الله، فضلا عن ليتورجيا لائقة تأخذ في عين الاعتبار الاختلافات القائمة. وقال الحبر الأعظم إن هذه الأبعاد مرتبطة بالخدمة التي يقوم بها ضيوفه، بالإضافة إلى تعزيز ليتورجيا الساعات، والاهتمام بالتقوى الشعبية، وبالبعد الاحتفالي لدى تشييد كنائس جديدة، وتكييف الاحتفالات الموجودة أصلا. ولفت إلى أن هذه المواضيع مُدرجة على جدول الدورة الدراسية، ويتعين على المشاركين أن يتعاملوا معها في نشاطهم اليومي.

هذا ثم توقف البابا عند الجماعات والفرق الليتورجية المتواجدة في الرعايا، والتي ينبغي أن تعمل بتآزر مع اللجنة الأبرشية. وأضاف أن خبرة أي فريق يُعنى بالإعداد الليتورجي هي تعبير عن جماعة تهتم باحتفالاتها، وتعيشها بملئها، بالتوافق مع كاهن الرعية. وبهذه الطريقة لا تُسند كل المهام إلى الكاهن وحده بل تُعنى هذه الفرق بالترانيم، بإعلان كلمة الله، أو بتزيين الكنيسة. ولفت لاون الرابع عشر إلى أنه في بعض الحالات وللأسف تقلصت جداً هذه المجموعات وصولا إلى حد غيابها تماما. لذا من الأهمية بمكان أن نلتزم كي يبقى هذا المجال من حياة الكنيسة قادراً على جذب الناس، وعلى الإفادة من خبرة أشخاص يتمتعون بالكفاءات أو لديهم على الأقل ميل لهذا النوع من الخدمة.

في ختام كلمته قال البابا إن ضيوفه وبصفتهم قد كُلفوا من الأسقف بالمهام التي يقومون بها يمكنهم بدورهم أن يقترحوا على كهنة الرعايا مسارات من التنشئة يُطلقونها وتساهم في تعزيز دور الفرق الليتورجية على الصعيد الرعوي، على أن يقوم الكهنة باختيار أعضاء هذه الفرق وبتقديم المقترحات اللازمة لتقوم بنشاطها على أكمل وجه. وقال إن الدورة الدراسية المقدمة في روما يمكن أن تساعد المشاركين فيها على إيجاد واختبار الأشكال الملائمة، التي يمكن أن تُقترح على الكنائس الخاصة، مضيفا أن إبداعهم الرعوي يساعدهم على إيجاد السبل المناسبة لذلك. هذا ثم تمنى البابا أن تعزز الدورة، التي تتزامن مع السنة اليوبيلية، طاقات ضيوفه الروحية، كي يعودوا إلى كنائسهم المحلية ويواصلوا فيها، بدفع متجدد، نشاطهم الرعوي الذي يصب في خدمة الليتورجيا.