محرر الأقباط متحدون 
في حوار حمل الكثير من التساؤلات حول تحولات السياسة والسلطة في سوريا، كشفت مقابلة أجرتها صحيفة واشنطن بوست مع الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة الأميركية، عن جانب من رؤيته لماضيه العسكري، وعلاقته بالعقوبات التي كانت مفروضة عليه من الولايات المتحدة.
 
ورغم أن الشرع كان في السابق قائداً في تنظيم القاعدة — ومسجلاً على قوائم العقوبات الأميركية — فإن المقابلة في واشنطن جاءت بعد عام اعتُبر “نقطة تحول” في مسيرته السياسية، انتقل خلاله من صفوف المعارضة المسلحة إلى رأس السلطة في دمشق، بعد إطاحة بشار الأسد.
 
ورداً على سؤال مباشر من الصحيفة: «لماذا نرفع العقوبات عن رجل كان يقاتل ضد الولايات المتحدة؟»، أجاب الشرع بحزم قائلاً:
“بادئ ذي بدء، القتال ليس شيئا مخجلا إذا تم لأهداف نبيلة، خاصة إذا كنت تدافع عن أرضك والأشخاص الذين يعانون الظلم”.
 
ومضى مؤكداً:
“أعتقد أن هذا شيء جيد يجب الثناء على الناس بسببه. خضت الكثير من الحروب لكني لم أتسبب أبدا في مقتل شخص بريء”.
 
الشرع شدد كذلك على الأساس الأخلاقي لأي عمل عسكري، قائلاً:
“عندما ينخرط شخص في القتال يجب أن تكون لديه خلفية أخلاقية قوية جدا”.
 
وفي حديثه عن التحولات السياسة في المنطقة، انتقد تأثير القوى الغربية على الشرق الأوسط، مضيفاً:
“المنطقة تأثرت بالسياسات الغربية والأميركية، واليوم لدينا الكثير من الأميركيين الذين يتفقون معنا على أن بعض هذه السياسات كانت خطأ وأنها تسببت في الكثير من الحروب التي لا فائدة منها”.
 
أما عن هدف زيارته إلى واشنطن، فاختصره الشرع في محاولة فتح صفحة جديدة بين دمشق وواشنطن:
“الهدف الأكثر أهمية من رحلته إلى واشنطن هو البدء في بناء العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة… وجدنا أن لدينا الكثير من المصالح المشتركة التي يمكننا البناء عليها، مثل المصالح الأمنية والاقتصادية”.
 
وأشار إلى أن الاستقرار الاقتصادي مرتبط بشكل مباشر بملف العقوبات، قائلاً:
“الاستقرار يرتبط بالاقتصاد، والاقتصاد أو التنمية الاقتصادية يرتبطان برفع العقوبات… وأعتقد أننا توصلنا إلى نتائج جيدة، لكننا ما زلنا ننتظر القرار النهائي”.
 
وفي ما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب، تحدث الشرع عن المواجهة الطويلة مع تنظيم داعش، مؤكداً قدرة سوريا على إدارة الملف الأمني دون الاعتماد على
 
تحالفات خارجية:
“كنا في حرب مع التنظيم لمدة 10 سنوات، وكانت حربا صعبة وشاقة، وفعلنا ذلك دون تنسيق مع قوة غربية أو أي دولة أخرى. سوريا اليوم قادرة على تحمل هذه المسؤولية”.
 
وأضاف أن بقاء الأرض السورية مقسّمة يصب في مصلحة التنظيمات المتطرفة، قائلاً:
“إبقاء سوريا مقسمة، أو وجود أي قوة عسكرية ليست تحت سيطرة الحكومة، يمثل أفضل بيئة لازدهار داعش”.
 
واقترح دوراً للقوات الأميركية في المرحلة المقبلة:
“أعتقد أن أفضل حل هو أن تشرف القوات الأميركية الموجودة في سوريا على اندماج قوات سوريا الديمقراطية في القوات الحكومية. وستكون مهمة حماية الأراضي السورية مسؤولية الدولة”.
 
بهذا الحديث، وضع الشرع — من واشنطن — روايته الرسمية لماضيه، مؤكداً أنه كان يقاتل “بدافع الدفاع عن الأرض” وليس “لقتل الأبرياء”، وموضحاً أنه يرى في إعادة بناء العلاقات مع الولايات المتحدة مفتاحاً لمستقبل سوريا السياسي والاقتصادي.