( 1871 – 1945 )

إعداد / ماجد كامل
يعتبر العالم والمؤرخ الكبير محمد بك رمزي (1871- 1945 ) واحدا من أهم أصحاب الأعمال الموسوعية الضخمة التي لا غني عنها في أي مكتبة محترمة ؛ الا وهو موسوعة " القاموس الجغرافي للبلاد المصرية " ( لنا عودة تفصيلية إليها بعد الانتهاء من عرض سيرته الذاتية ) . أما عن محمد رمزي نفسه ؛ فلقد ولد في مدينة المنصورة يوم 17 اكتوبر 1871 ؛ وكان والده ويدعي عثمان بك رمزي من رجال االخديوي إسماعيل الذين أستفادوا من قرار 1867 القاضي بإعطاء الأرض البور لمن يستصلحها ؛ ومن هنا فلقد حصل علي 300 فدان  من أجود الأراضي ؛ أنشأ فيها عزبتين أنتفع بهما محمد رمزي كثيرا في تحمل نفقات تعليمه . ثم أحضر له والده فقيها علمه مباديء القراءة والكتابة ؛ ثم ألتحق بعدها بمدرسة القبة بالقاهرة ؛ ولكن لما كان كثير من أولياء أمور هذه المدرسة كانوا أصلا من ضباط الثورة العرابية ؛تعطلت المدرسة حتي ألغيت نهائيا بعد صيف 1882 . فألتحق بمدرسة المنصورة الابتدائية ؛ثم أكمل دراسته في المدرسة الخديوية بالقاهرة ؛ وكان ذلك خلال عام 1886 ؛ وبعدها أكمل تعليمه بمدرسة الحقوق الخديوية ؛ وبقي بها حتي السنة  الثانية ؛ ثم أنقطع عن الدراسة ولم يكمل تعليمه بها حتي النهاية . ثم ألتحق بوزارة المالية بوظيفة كتابية صغيرة بإدارة الخزينة ؛ ونقل بعدها إلي وزارة الداخلية بوظيفة معاون إدارة ؛ وكان ذلك سنة 1893 ؛ وظل ينتقل بين مديريات أسوان وأسيوط وميت غمر ومنيا القمح .

وبعد ذلك طلبه المستر مكلوب مفتش المالية للقيام بمعاينة الأطيان وتقدير الضرائب عليها بمركز فاقوس . وهذه الوظيفة أتاحت له فرصة العودة مرة أخري لوزارة المالية ؛ وعمل في في لجان ربط الضرائب في مديريات جرجا وأسيوط والمنيا وبني سويف . وفي سنة 1921 ؛ أنعم عليه برتبة البكوية ؛ وإحيل إلي المعاش سنة 1931 .

ولقد كان بحكم خبرته العملية ودرايته العلمية واطلاعه الواسع  عضوا في المجلس الأعلي لحفظ الآثار العربية ؛ وعضوا في لجنة التقسيم الإداري ؛ وعضوا في لجنة تسمية شوارع القاهرة ؛ وأخيرا  كان عضوا بمجلس حسبي مصر الاستئنافي .

ولقد كان رمزي ذو ثقافة تاريخية واسعة  وكان لديه حس خاص بالمكان ؛ فكان يعشق دراسة الأماكن ؛ فكان يحتفظ في حقيبته باستمرار بخطط المقريزي ( ( 1364 – 1442 م ) ؛ وعلي باشا مبارك ( 1823 – 1893 ) .  وذلك لكي يسترشد بهما في كل تنقلاته في الريف لتحقيق تاريخ البلدان التي يعمل بها . كما أوغل في قراءة كتاب العالم الفرنسي إميلينو ( 1850 – 1915 )  ( جغرافية مصر في العصر القبطي ) ؛ وكتاب العالم الفرنسي هنري جوتييه ( 1877 – 1950 )          ) ( قاموس الأسماء الجغرافية في النصوص الهيروغليفية ) ؛ وكتاب أبو المكارم المنسوب خطأ إلي أبي صالح الأرمني ( الكنائس والأديرة المصرية ؛ المطبوع  في أكسفورد عام 1895 ) . كذلك أيضا أهتم بقراءة كل كتب الرحالة والمؤرخين العرب المسلمون ؛ مثل كتاب المقدسي ؛ الممالك لابن حوقل ؛ والمسالك والممالك لابن خرداذبه ؛ كما أهتم بصفة خاصة بقوانين أبن مماتي ؛ ومعجم البلدان لياقوت الحموي ؛ كما درس بعناية شديدة موسوعة " النجوم الزاهرة لابن تغري بردي " و" بدائع الزهور لابن إياس الحنفي "؛ وتاج العروس للمرتضي الزبيدي .

 ومن هنا أهتم بجمع كل كبيرة وصغيرة عن كل الأماكن الجغرافية  التي قام بالعمل فيها سواء من خلال قراءاته  أو زياراته الميدانية  ؛ حتي تمكن من التغلغل في كل القري والنجوع . وبعد خروجه إلي المعاش عمل علي  إبراز حصيلة قراءاته وزياراته في كتب وموسوعات . وهكذا أخذ يجمع حصيلة قراءتاته في شكل ورق وجزازات ؛ حتي تجمع لديه نحو عشرة آلاف جزازة ؛ فأخذ يراجعها وينقحها ويعدل ويضيف إليها حتي تمكن من إصدار موسوعته الضخمة "  القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلي سنة 1945 " .


ولقد أستعانت بخبرته كل من " دار الكتب المصرية " و" مصلحة المساحة " " ولجنة حفظ الآثار العربية "و" مصلحة التنظيم " و" لجنة حفظ الآثار العربية " وغير ذلك من المؤسسات الحكومية الرسمية ؛ وكان يتميز أنه لم يبخل علي أي أحد بأي معلومة . ولقد أستمر محمد رمزي في الكتابة والبحث حتي توفي في خلال شهر فبراير 1945  عن عمر يناهز 74 عاما تقريبا .

أما عن موسوعته الكبري " القاموس الجغرافي للبلاد المصرية "  فيذكر عنها محمد رمزي أن بداية تفكيره فيها جاء من خلال تفكيره في إعادة طبع كتاب " التحفة السنية لابن لجعيان " مع بعض الإضافات والتعليقات عليها ومتابعة التغييرات التي حدثت في أسماء القري والبلدان .  كما أستعان أيضا   ببعض علماء التاريخ والآثار الذين أستفاد كثيرا من علمهم ؛ مثل المرحوم الدكتور عزيز سوريال عطية (  1898 – 1988) الذي أطلعه علي نسخ مصورة فوتغرافيا في مكتبات أوربا علي كتاب ابن مماتي ؛ فيذكر أنه وجد في الباب الثالث من هذا الكتاب ضالته المنشودة  ؛ حيث يحتوي هذا الباب علي أسماء جميع النواحي المصرية التي كانت وحدة مالية في ذلك الوقت . وكان قد سبق ونشر خلال عام 1925 مذكرة ببعض الأخطاء التي وقعت فيها مصلحة التنظيم في تسمية الطرق والشوارع بمدينة القاهرة وضواحيها قدمه لوزير الأشغال وقتها ؛ وأضاف عليه بعض التعليقات علي كتب أميلينو وجوتييه .... الخ .

ويذكر الكاتب الكبير الأستاذ حلمي النمنم في مقال هام له بعنوان " محمد رمزي بك " نشر في جريدة المصري اليوم بتاريخ يوم الثلاثاء 27 يناير 2015 ؛ أن محمد رمزي نال الاعتراف العلمي في حياته ؛ حين أستعانت به دار الكتب المصرية لكتابة التعليقات والهوامش في تحقيق بعض أجزاء " النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة " لابن تغري بردي ؛ وكان كبار الأساتذة والباحثين يتجهون إليه ويستفسرون منه إذا صعب عليهم أمر ما في مجال اهتمامه . ويضيف الأستاذ حلمي النمنم أن المؤرخ الكبير محمد رمزي بك له إنتاج علمي آخر يتمثل في عدة دراسات ومقالات نشرت بإحدي المجلات حول جغرافية القاهة وبعض مناطقها ؛ والجميل في  كل هذه الدراسات – حسب رأي الأستاذ حلمي النمنم – أن محمد رمزي كان يصحح الأخطاء التي سقط فيها علي باشا مبارك من واقع التحقيق الميداني الذي كان يقوم به في بعض المواقع والأماكن ؛ وكانت تلك الدراسات محل اهتمام كبار المؤرخين المصريين ؛ فضلا عن المستشرقين والباحثين الأجانب المهتمين بالقاهرة جغرافيا وتاريخيا ..... عمرانا وحياة . ويضيف الأستاذ حلمي النمنم معلومة هامة عن حياة المؤرخ الكبير ؛ وهي أنه قام بإعداد تقرير أو دراسة علمية رفعها إلي وزير المالية بعنوان " أخطاء مصلحة التنظيم في تسمية شوارع القاهرة " ومن يراجعها اليوم يجد فيها الدقة والأناة العلمية في الكتابة ؛ رفعها موظف إلي معالي الوزير بلا  نفاق أو مجاملة ؛ كرجل يحترم وظيفته وعمله ؛ فهو نموذج للإدارة والبيروقراطية المصرية ؛ قبل أن تتوحش  ويصبح هم  بعض العاملين بها ؛ الارتزاق واكراه المواطنين علي دفع الرشاوي التي تسمي الإكراميات ؛ دون القيام بخدمة حقيقية ومن ثم تمت عملية إضعاف الدولة ؛ ويختتم حلمي النمنم مقاله الجميل بهذه العبارة الهامة "فنحن أمام نموذج لموظف عريق ؛ تقول سيرته وعصره إن الإدارة الممصرية إذا لم يتم إصلاحها ويروض توحشها ؛ ويوقف فسادها الإداري والمالي ؛ فإن عشرات  عشرات الثورات سوف تفشل ؛ ولن يتم إصلاح ولا إنجاز حقيقي " ( لمزيد من التفصيل راجع :- المقال السابق ذكره علي موقع المصري اليوم بتاريخ 27 يناير 2015 " .

أما عن موسوعة القاموس الجغرافي ؛ فلقد صدرت طبعته الأولي بعد وفاته ؛ حين قام صهره المهندس حسن فؤاد مدير المساحة المصرية بجمع وتنسيق كل الأوراق والجزرازت التي جمعها محمد رمزي ؛ وقدم بها مذكرة إلي دار الكتب المصرية التي أهتمت بطباعته خدمة للعلم  وإحياء لفضل العالم الكبير .

وينقسم الكتاب إلي قسمين رئيسين :-
1- القسم الأول عن البلاد المند رثة ويقع في " 478 صفحة من القطع الكبير " .
2- القسم الثاني عن البلاد الحالية ويقع في أربعة أجزاء  ؛مضافا إليها فهرس عام .
ولقد قام بتقسيم القسم الثاني الخاص بالبلاد الحالية إلي قسمين ؛ القسم الأول خاص بالبلاد القديمة ؛ والقسم الثاني خاص بالبلاد الحالية .

ولقد صدرت الطبعة الاول منه خلال الفترة من ( 1953 – 1963 ) عن دار الكتب ؛ والطبعة الثانية الهيئة المصرية العامة للكتاب 1994 ؛ وأخيرا طبعة قصور الثقافة 2010 .( أنظر صورة غلاف طبعة هيئة الكتاب وطبعة قصور الثقافة ضمن مجموعة الصور الملحقة بالمقالة ) .

وفي مداخلة تليفونية مع الأخ العزيز والصديق الدكتور حسام عبد الظاهر الباحث بمركز تحقيق التراث بالهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية ؛ أفاد سيادته أنه بصدد إصدار دراسة أو  كتاب بعنوان" العلامة محمد رمزي وكتاباته المجهولة في التاريخ  والآثار والخطط والبلدان المصرية " ولقد تفضل سيادته بإرسال خطة  الكتاب لي  ؛ وبالإطلاع السريع عليها ؛ وجد أنها تنقسم إلي قسمين كبيرين تفصيلهم كالآتي :-

القسم الأول – العلامة محمد رمزي ويضم :-
1- تمهيد .
2- الفصل الأول :- النشأة  والحياة .
3- الفصل الثاني :- الإنتاج العلمي والثقافي .
4- الفصل الثالث :- المنهج العلمي والمصادر .
5- الفصل الرابع :- محمد رمزي محققا .
6- الفصل الخامس :- معارك محمد رمزي ومساجلاته .
7- الفصل السادس :- محمد رمزي في عيون معاصريه .

القسم الثاني – تراث محمد رمزي  ويضم :-
1- تمهيد .
2- الفصل الأول :- إميلينو وكتابه ( جغرافية مصر في العصر القبطي ) .
3- الفصل الثاني :- عواصم مصر الإسلامية .
4-  الفصل الثالث :- الجغرافية التاريخية لمدينة القاهرة .
5- الفصل الرابع :- نظرات في خطط القاهرة وآثارها .
6- الفصل الخامس :- تسمية شوارع القاهرة بمدينة القاهرة وضواحيها .
7- الفصل السادس :- في تاريخ البلاد المصرية .
8- الفصل السابع :- مقالات متنوعة .
الخاتمة والنتائج .
الكشافات التحليلية .
المصادر والمراجع .
المحتويات .
ونحن نرجو لسيادته أن يسرع في نشر مشروع هذا الكتاب القيم ؛ والذي يبدو من عنوانيه أنه سوف يكون إضافة جديدة وقيمة إلي المكتبة العربية . وندعو له أن يوفق في دار نشر مناسبة لنشر هذا الكتاب القيم .

بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1- حلمي النمنم :- محمد رمزي بك ؛ مقال بجريدة المصري اليوم بتاريخ 27 يناير 2015 .
2- محمد رمزي – ويكبيديا .
3- محمد عبد الغني حسن :-  مقال بمجلة الرسالة عن الفقيد محمد رمزي بتاريخ 19 مارس 1945 .
4- القاموس الجغرافي للبلاد المصرية – ويكبيبديا .
5- شكر خاص للأخ والصديق العزيز الدكتور حسام عبد الظاهر الباحث بمركز تحقيق التراث بالهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية ؛ لتفضله بإرسال مشروع كتاب عن محمد رمزي وكتاباته المجهولة ؛ فلسيادته مني جزيل الشكر .