الأقباط متحدون | الرقص على الدماء الساخنة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:١٠ | الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠١٢ | ١٥ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٤٩ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الرقص على الدماء الساخنة

الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم: مينا ملاك عازر


عاشت "مصر" طوال العام الماضي مرحلة مخاض بين النزف والنسف، فبين نزف أبنائها المخلصين دمائهم الغالية في سبيل حريتها وبين نسف المجلس العسكري لأحلامهم، تسير الثورة متعافية أحيانًا ومسروقة أحيانًا أخرى، تتقاذفها الأمواج أحيانًا وتقود الأمور أحيانًا أخرى، يقفز عليها القراصنة أحيانًا وتقودها الروح الثورية أحيانًا أخرى، ومن ثم فتتجلى تلك الترنحات واللخبطة الثورية في يوم غد، فما بين رغبة القافزين عليها في الاحتفال بها، وبين رغبة أبنائها ومشعليها في إحيائها نحن نمر.

ولا خيار أمامنا سوى خيار من اثنين، إما نشارك من يريدون الاحتفال ونرقص معهم رقصتهم فوق الدماء الساخنة التي نزفها الشهداء والجرحى طوال عام مضى، أو نشارك الثوار ثورتهم ونكفكف الدموع للأمهات الثكلى، ونضع حدًا لنهر الدماء المتدفق الذي ينحت بعنفوانه مجرى تسير فيه "مصر" نحو الأفضل في صخر المتملقين والمنتفعين بالثورة. وعليك عزيزي القارئ أن تختار، إما أن تكون ثوريًا حتى الموت أو أن ترقص رقص المحتفلين فوق الدماء الساخنة.

وأنا لا ألوم منْ يحتفلون فوق جثث الشهداء، وعيون المصابين، ودماء المجروحين، ودموع الأهلين؛ فهم وصلوا لغايتهم، والغاية تبرِّر الوسيلة في عالم السياسة القذرة التي يعرفون دروبها، أما الطهارة الثورية فلا بها سياسة ولا بها قذارة، بل بها ثورة. لكنني سألوم على كل ثوري سيترك "مصر" والثورة لقمة سائغة في أفواه أولئك الذين لم يعرفوا ولم يقدِّروا حرمة الموت، ويريدون أن ينصبوا الفرح على أطلال الدار، غارسين أوتاد صوانهم في لحم الجثث، ناصبين مناضد أكلهم فوق الجثث، آكلين من قلوب كل أم تبكي ابنها أو بنتها، ولا تريد أن تتعزى لأن قتلى أبنائهن وبناتهن لازالوا طلقاء، لازالوا أحرار، والأنكى من هذا كله أنهم لازالوا يحكمون.

فكيف للثورة أن تحتفل بعامها الأول؟ وتطفئ شمعة عيد ميلادها الأول؟ الأحرى أن تتشح بالسواد لذكرى شهدائها في عامها الأول. الأجدر أن تلملم شتات نفسها وتقف في مواجهة عدوها، خاصةً بعد أن تبينت منْ لها ومنْ عليها، من يريدون قتلها، وليس فقط سرقتها.

أشعر أن المحتفلين ينظرون إلى تلك الدماء غير مقدرين إياها؛ لأنهم لم يتعبوا تعب نازفيها. فقد سقطت الثورة كالثمرة الناضجة بين أيديهم دون عناء ثوري، فقط لعبوا سياسة والسياسة هي فن السفالة الأنيقة، والسفالة لها جماعاتها والثورة لها رجالها، والصراع بات واضحًا بين الثوار الأطهار والساسة المغرضين، والمنتفعين والقافزين فوق ظهر الثورة، والذين سرعان ما سيتخلون عن ظهرها ليجلسوا على الكرسي، وحينها ستكون بحق الثورة ذكرى. وطبعًا لا داعي أن أذكِّرك عزيزي الثوري، أنهم كادوا يفعلوها، بل قد أستطيع أن أقول إن جزءًا منهم فعلها حين جلسوا على الكراسي يوم أمس باستغلالهم الثورة ماصين دمائها.

المختصر المفيد، الثورة قام بها الشرفاء وورثها الأوغاد.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :