الأقباط متحدون | العلمانية أحد ينابيع الفكر الإسلامي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:٢٧ | الأحد ٢٠ نوفمبر ٢٠١١ | ٩ هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٨٤ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

العلمانية أحد ينابيع الفكر الإسلامي

الأحد ٢٠ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم: أحمد صبح

تتعثر الحركات الإسلامية وهي في صراع بين الدخول في المعترك السياسي بأحزاب مدنية وبين الدعوة والإرشاد ومقاومة فصل السياسة عن الدين، معتمدين على قطاعات من الشعب المتدين الذي يعاني من الفقر والتهميش ويرى في الدين خلاصه، والحق الذي أراه أن العلمانية والدولة المدنية لا يعاديان الدين، كما أن العلمانية ليست حركة ملحدة كافرة، لا طبقًا للتعاليم الإسلامية ولا المسيحية، واتهام الحركات الإسلامية لها بالزندقة إنما هو تكتيك سياسي، لخوف هذه الحركات من أن تُطبَّق العلمانية وتوقف الخلط بين الدين الذي هو مقدس وأبدي، وبين السياسة التي هي دنيوية وعملية، وقد تَستخدم في المنافسات الحزبية أساليب يجب أن ينأى عنها الدين.

 

وإذا كانت الثورة المصرية هي عبارة عن عملية إبداع قام بها المصريون من خلال سلوك جَمعي صاحبه إنتاج فكري في سبيله لإعادة صناعة القيم والسلوكيات ليعطي معنى جديدًا للأشياء، فإن هذا التجمع كان من أجل أهداف محددة شعارها الدفاع عن الوطن، ولاعلاقة لها بدين أو مذهب إلا من حيث الأصل العام، لذلك فإنه بعد الانتصار الكبير لا يجب على أية جماعة أو حزب أو فئة أن تستأثر به دون أخرى، وتجعل مجموعة من المواطنين من الدرجة الأولى وأخرى من الدرجة العاشرة، فالهدف من الثورة هو المساواة القانونية في أسمى معانيها في الحقوق والواجبات.

 

وإنني وإن كنت من أبناء الحركة الإسلامية والتي لا يمكن أن يزايد أحد من أفرادها على تاريخي فيها، حيث كنت قياديًا لامعًا ودعويًا بارعًا قبل اعتقالي في تسعينيات القرن الماضي لأكثر من خمسة عشر عامًا بلا تهمة، ولكن ما استفدته من هذا التاريخ لا يمكن حصره من الإيجابيات، وخرجت من المحنة أصلب عودًا وأفقه للواقع، وانتهيت إلى أنه لا يمكن أن نقيم الحواجز والأسوار بين الإسلام كمستودع للقيم والأخلاق وبين العلمانية، وذلك لأن ما بينهما من تقارب أكثر بكثير مما بينهما من تباعد، فكلاهما يَعتبران أهمية لدور الزمن في إدارة شئون الحياة، وكلاهما يركزان على الاهتمام بالدنيا، وأن الحياة تؤسَّس على العقل والعلم، وأنه لا يوجد في الإسلام رجال دين، ولا يملك رجل الدين الوساطة بين الله والناس، كما أن الفكر الإسلامي يتفق مع العلمانية في القول بنسبية الحقيقة، وإذا كانت العلمانية تنادي بفصل الدين عن الدولة، فإن الإسلام ينادي بمدنية الدولة، لذلك فالإسلام بعيد كل البعد عن استبداد البشر، وإذا كانت ثمة استبداد في الحكم الإسلامي فهو من ممارسات البشر، ولا يمكن نسبته إلى الإسلام الذي ترك قضية الحكم لاجتهادات البشر، فقد قال النبي "محمد" عليه الصلاة والسلام "أنتم أعلم بشئون دنياكم"، وشئون الحكم من أمور الدنيا، وقد يقول القائل "وما هي العلمانية إذن؟"، نقول هي دعوة لكي تؤسَّس الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل بعيدًا عن الدين الذي يتم فصله عن الدولة وحياة المجتمع، ومن هنا فإن الحركات الإسلامية ترى- وهذا خطأ- أن المسلم العلماني مرتد وكافر ولا ينتمي إلى الإسلام، مع أنها ليست مكلفة بتكفير أحد، وقد تزاملت العلمانية مع الغرب، ولم يُنظر إليها من زاوية محايدة بحتة، بل ظلت متهمة بأنها وليدة الغرب والاستعمار والاحتلال، ومفروضة على المجتمعات العربية من قبل القوى الغربية، ومن قبل النخب الحاكمة المتحالفة مع الغرب.

 

ويرى الباحثون أن المكونات الأساسية للنموذج العلماني قد جاءت من حضارات وسياقات ومفاهيم اجتماعية متنوعة المصادر، ويدللون على أن الغرب ليس هو المصدر الوحيد. ورغم أن العلمانية بالفعل تطورت في السياق الغربي على وجه الخصوص، ولكن أحد مصادرها كان الفكر الاسلامي منذ عهد "ابن رشد" الذي كان أول من نادى بفصل الفلسفة عن السياسة، ويُعتبر من أوائل من دعا إلى العلمانية دون أن يسميها، وهذا ما تتجاهله الحركات الإسلامية. وإذا كان مصطلح العلمانية قد جاء لأول مرة على يد الكاتب البريطاني "جورج هولي أوك" عام 1851 م، إلا أن الأفكار العامة الخاصة بحرية الفكر والتي قامت عليها العلمانية وُجدت على مر التاريخ، واستمدت العلمانية جذورها من فلاسفة الإغريق والرومان، ومن مفكري الإسلام في العصور الوسطى، ومن مفكري التنوير مثل "فولتير"، ومن المفكرين المعاصرين مثل "برتراند رسل"، وقد وضح أن العلمانية هي نتاج لتحولات عالمية قربت العالم بعضه من بعض تاريخيًا واجتماعيًا، كما أكدت العلمانية على تحرُّر الإنسان من الحكم الديني، وأن يتمتع بالحق في التحرر من فرض الحكومة للدين على الناس داخل دولة محايدة في مسألة الإيمان، وهي تشير إلى الرأي بأن الأنشطة والقرارت الإنسانية- وخاصة السياسية منها- يجب ألا تكون منحازة بتأثير الدين. والعجيب أن الديموقراطية الإجرائية العلمانية يأخذ بها الإسلاميون ولكنهم لايؤمنون بها كقيمة، لذلك لابد من رسائل اطمئنان للمجتمع إزاء هذا التناقض، فلولا الديموقراطية ما كتبت هذا المقال، ولولا الثوار المصريون من عامة الشعب والليبراليين ما تنفسنا عبير الحرية، فقد جعلهم الله أسبابًا لذلك، ونحن مدينون للشعب المصري بذلك، بل أنادي إخواني من الحركات الإسلامية أن يذكروا أنهم كانوا سببًا في تبرير قوانين الطواريء والمحاكمات العسكرية، الأمر الذي دفع ثمنه الشعب غاليًا طوال عقود عدة، حيث كانت الحرب بين الإسلاميين والنظام البائد، لذلك فإنني أرجو ألا نكون مستبدين وديكتاتوريين باسم الإسلام، فننفي الآخر ونرهب طائفة ونستعبد جماعة، فهذا نظام المستبدين والذين حررنا الله منهم، فلنرحم هذا الشعب وندعه يحكم نفسه بعدما قام بثورته، ولا نكون وبالًا عليه، ولنعلم أن الشخصية المصرية أصبحت آمرة بعد 25 يناير، ومن يستبد عليها فسوف يقصمه الله الذي لا ينصر الظالمين.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :