الأقباط متحدون | انتصار للثورة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٣٠ | الجمعة ٥ اغسطس ٢٠١١ | ٢٩ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٧٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

انتصار للثورة

الجمعة ٥ اغسطس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. حمدي الحناوي
لم يكد يمضى يومان على انتصار الشرطة العسكرية والأمن المركزى فى ميدان التحرير، حتى جاءت محاكمة مبارك لترد للثورة اعتبارها. هذه المحاكمة أكبر انتصار منذ التنحى، وإذا كنا لم نشعر بتغير اجتماعى يذكر، فهناك ضغط ثورى تبذل السلطة جهدها لتحريفه وتسريبه، بتغذية الخلافات السياسية والقضايا الفئوية، لكنه يفرض وجوده رغم كل شئ.

المحاكمة ترد اعتبار الشعب المصرى كله، فهى محاكمة للاستبداد وإسقاط لفكرة أن الرئيس فوق المساءلة. وقد سادت تلك الفكرة عندنا مئات السنين وتعددت صورها، فلم يكن يقال دائما أن الرئيس حاكم بأمره، بل قيل أحيانا أنه حاكم بأمر الله. وما زلنا فى البداية، وفكرة الحاكم المطلق لم يتم اقتلاعها، ويريد أن يرثها الآن من يتنادون بما يسمونه تطبيق شرع الله.

المثير أن السلطة الحاكمة تفسح الطريق لهؤلاء، وتنور للتنصل من تعهداتها. وعبر مناورات معقدة تلعب أخطاء الثوار دورا كبيرا فى مهاجمتهم وتشويه صورتهم، وعليهم أن يعترفوا بأخطاء يجدر بهم ألا يرتكبوها، وألا يتجاهلوها أو يخفوها تحت غطاء الانتصار الكاسح الذى تمثله المحاكمة. وهى أخطاء ليست جديدة بالنسبة لمصر على أى حال، فهى ميراث تاريخى للحركة الوطنية ذاتها.

لم تختلف كثيرا أساليب عمل الثوريين ودعاة الحرية عن أساليب عمل الرؤساء المستبدين. القيادة شخصية فى الحالتين والمؤسسات التى تنظمها ضعيفة أو شكلية. والقائد هو الرئيس هنا وهناك، وهو دائما زعيم ملهم، يفترض أنه لا يخطئ، ولهذا يمكنه أن يصدر الأوامر ويتجوز الحوار. وقد يكون له مستشارون لكنه يظل صاحب الرأى الأخير. هذا ميراث كرسته نظم الاستبداد وتبنته الأحزاب القديمة، وآل تلقائيا إلى الأحزاب والحركات السياسية الجديدة.

لم تكن التنظيمات الثورية التى نشأت بعد 25 يناير استثناء من هذه القاعدة، وقد عرفت بدورها نزاعات الزعامة التى تنتهى بالانقسامات. ولم يختلف المشهد فى ميدان التحرير حيث كان فى الاعتصام الأخير ما يزيد عن مائة جماعة وائتلاف. وهناك كانت جماعات عديدة تعلن تباعا تعليق اعتصامها دون اتفاق مع سائر الجماعات. وكأن الاعتصام نزهة يمارسها من يريد فى الوقت الذى يناسبه. الأهم تسجيل المواقف، وتأكيد الزعامة بإصدار الأوامر.

هنا دروس لجميع الناشطين السياسيين، تتلخص فى عدم تحديد أهداف قابلة للتحقيق، وعدم المرونة فى استخدام أساليب الضغط المختلفة، وعدم الاستجابة للمؤشرات التى تكشف عن الأخطاء. وهكذا حدث تجمد عند أسلوب الاعتصام كأنه لا بديل له. وانسحب المعتصمون تباعا عدا قلة صغيرة وسط مزايدة على الشعارات، وغضب المواطنون الذين أضر بهم الاعتصام، وخاصة من أغلقت محلاتهم أو سرقت. لكن هذه المؤشرات لم تلفت الانتباه.

مع ذلك، لا تكفى أية أخطاء لتبرير استخدام القوة المفرطة ضد المعتصمين. لقد طرح المهاجمون أرضا كل من صادفهم قبل الوصول للخيام، وانهالوا عليه بالضرب بالعصى وبالأرجل. وكان يكفى اعتباره مقبوضا عليه ومعاملته كمتهم، لكن الهدف كان تحطيم المعنويات وكسر الإرادة، مثلما يحدث أثناء التعذيب. أما عند الخيام فقد سارع المهاجمون بهدمها وتكسير محتوياتها دون إنذار، ثم طاردوا المختبئين فى المسجد وفى دورات المياه.

لم تكن هناك مقاومة تبرر شيئا من ذلك العنف، وكان يكفى فتح طرق المرور والقبض على من يحاول إغلاقها، لتكون هناك وقائع مادية يمكن المساءلة عنها. لكن الهجوم بهذه الصورة يعبر عن عقلية تتصيد الأخطاء ولا تعرف الحوار. نفس العقلية التى حكمتنا ستين عاما بالحديد والنار. وسيكون الانتصار القادم إسقاط فكرة تجريم مقاومة السلطات، فلا ضمان للحرية، سوى الحق فى مقاومة السلطة الغاشمة، والقوانين غير الأخلاقية.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :