الأقباط متحدون | مسيحيو الشرق إلى أين؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٠٢ | الخميس ٤ اغسطس ٢٠١١ | ٢٨ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٧٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مسيحيو الشرق إلى أين؟

الخميس ٤ اغسطس ٢٠١١ - ٢٨: ١٢ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: مارغريت خشويان
المسيحيون في العراق، عراقيون أصلاء عاشوا على هذه الأرض منذ آلاف السنين متآخين متحابين مع الطوائف والأجناس الأخرى ليس خوفًا وإنما إيمانًا منهم بالوطن والإخلاص لتربته.

ما حدث فجر أمس من انفجار سيارة مفخخة أمام كنيسة العائلة المقدسة للسريان الكاثوليك في كركوك، شمال العراق، وأدى إلى إصابة 15 شخصًا بجروح، من بينهم ثلاثة من عناصر الشرطة. هو وحشي يدل على كره وحقد للطائفة المسيحية المسالمة التي لا تريد سوى أن تعيش في وطنها الأم بسلام، والإسلام برئ من هذه الاعمال الاجرامية فالذي يقوم بها هو خارج عن القيم الإنسانية في الدين الإسلامي.
تعود بنا الذاكرة إلى كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد، فقد تعرضت لهجوم في 31 تشرين الأول 2010 أدى إلى مقتل 44 مصليًا معظمهم من النساء والأطفال وكاهنين، تبنته "دولة العراق الإسلامية"، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة وها هي اليوم تنفذ جريمة أخرى، ومعظم الجرحى من النساء والأطفال كأن الزمن يعود إلى الوراء والأحداث تتكرر ولا أحد يحرك ساكنا".

 

إن هذا العنف والإرهاب ضد المسيحيين لا يمكن أن يبرر تحت أي اجتهاد ديني أو مذهبي، بل يجب على الدولة وعلى المؤسسات الدينية في العراق التصدي له وبشكل حازم وفاعل.
إن ما حدث ويحدث ضد المسيحيين فى العراق، منذ عام 2003 وحتى الآن، من قتل وترويع وتفجير لدور العبادة، وتهجير قسري واغتصاب للسيدات، وتدمير ونهب للممتلكات، يشكل سلسلة من الجرائم الموثقة بموجب القانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وقد أدت هذه الجرائم المستمرة منذ عدة سنوات إلى تهجير وتشريد أكثر من 600 الف شخص من مسيحيي العراق، وهو ما يقارب 60% من تعدادهم، إلى خارج البلاد. عندما نقرأ هذه الإحصاءات المخيفة عن احتمال وجود شرق بلا مسيحيين كأنك تقول أرض بلا خيرات.


إن المسيحيين ملح الارض، ولا يقع عبء حمايتهم والعمل على تكريس حريتهم الدستورية على الحكومة العراقية وحدها، بل على المجتمع الدولي بأكمله حتى يستكمل بهاء وجوده وألوان مجتمعه الزاهية، وحتى يبرهن ويعكس إيمانه بالمساواة والحرية والأمن والكرامة الطريق الكفيل لتأسيس نظام ديمقراطي يضمن للفرد حرية الفكر والعقيدة والضمير، وهي مهمة يقع جزء كبير منها على الأحزاب السياسية وعلى منظمات المجتمع المدني، وأن يأخذ القضاء دوره في معاقبة من يرتكب بحقهم تلك الجرائم الإرهابية بظروف مشددة ليكون عبرة لغيره ممن تسول له نفسه ارتكابها.
إلى متى؟ إلى متى ستهرق الدماء؟ ألا يكفي ما حصل في كنيسة سيدة النجاة واليوم كنيسة العائلة المقدسة؟ الى متى سنبقى متفرجين، صامتين؟
إن تردي وضع المسيحيين في العراق وصل إلى ما هو أسوأ من نقص الحماية ليصل إلى التطهير العرقي والديني والتهجير القسري، وترويع وتدمير مقومات الحياة والبقاء لأقلية مسالمة. نحن بحاجة إلى عدالة دولية لأن الحكومة العراقية لا تحرك ساكنًا.


فالذي ينظر إلى الإحصاءات والتقارير وخاصة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، يرى أن 44 إلى 50 في المئة من العراقيين يطلبون اللجوء إلى الدول الغربية؛ وخاصة السويد وأستراليا وتركيا وأميركا وكندا، فهذا الأمر يشكل هجرة واسعة للمسحييين العراقيين. وأيضًا يشكل خطورة عبر زوال المسيحية من العراق وبالتالي الشرق الأوسط.
إن المسيحيين الموجودين في العالم العربي والذين يبلغ عددهم حسب إحصاءات غير رسمية نحو 15 مليون نسمة موزعين بشكل أساسي في مصر، حيث تعدادهم نحو 10% من إجمالي السكان، وفي العراق ونسبتهم 3%، وفي لبنان ونسبتهم 39%، وفي سورية ونسبتهم 16% إضافة إلى فلسطين والأردن ودول مجلس التعاون ودول المغرب العربي والسودان.
وكما في زمن الأزمات الكبرى كالتي يعبرها العالم عمومًا والعالم العربي خصوصًا اليوم، لابد من وقفة للمراجعة مع أسباب هذه الهجرة القاتلة للنسيج العربي.


لقد شكَّل العرب المسيحيون إحدى ركائز البناء العربي القديم والحديث على السواء. ففي فجر الإسلام كانوا ركنًا ثقافيًا وسياسيًا وعسكريًا من الدولة العربية التي توسعت شرقًا حتى بلاد السند وغربًا حتى إسبانيا، وكانوا أحد عناصر القوة الدافعة التي حملت الإسلام إلى خارج جزيرة العرب وبلاد الشام والتي شكلت أحد العناصر الحاسمة في توسع هذه الدولة ونموها وسيادتها على معظم العالم القديم.
عندما نتحدث عن وجود المسيحيين في العالم العربي نعني بقاءهم فيه. فهم من عناصر التكوين الأولى التي يمنع بقاؤها قيام بيئة تفترش التعصب والتطرف وبالتالي العنف المؤدي إلى كوارث تاريخية. بقاؤهم ترسيخ للدولة العصرية المتعددة العنصر والمتنوعة في وحدتها ونفي قاطع لعنصرية الدولة.
باختصار، إن هجرة العرب المسيحيين في حال استمرارها هو ضربة عميقة توجه إلى صميم مستقبلنا.
مهمتنا العاجلة منع هذه الهجرة، ترسيخ بقاء هذه الفئة العربية في شرقنا الواحد، والتطلع إلى هجرة معاكسة إذا أمكن".

 مديرة موقع طيباين الصادر عن الرابطة السريانية




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :