الأقباط متحدون | استكمال الثورة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:١٢ | الجمعة ٢٩ يوليو ٢٠١١ | ٢٢ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٦٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

استكمال الثورة

الجمعة ٢٩ يوليو ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.حمدي الحناوي

يسود شعور بأن ثورة يناير تقف فى منتصف الطريق، فماذا ينقصها وكيف تكتمل؟ ثمة خوف من سيطرة العسكريين، أو سيطرة تيارات دينية يمكن أن تعيدنا إلى العصور الوسطى. ثمة أيضا تنافس غير صحى على الزعامة، وأحزاب وليدة ما زالت هشة، وشباب غاضب موزع بين عشرات الجماعات والحركات والائتلافات. والخوف على المستقبل مشروع على أى حال، لكن أساليب المواجهة لا تبدو حتى الآن كافية لإزالته.

لم يتقن الثوار سوى الاعتصام فى الميادين، وتحت شعارات كانت تتغير، بما يعكس حالة من عدم وضوح الرؤية. وفى هذه الجمعة الجديدة يحتشد ليبراليون من ثوار 25 يناير، مع جماعات من كل التيارات الدينية، من الإخوان إلى العائدين من أفغانستان. سألت بعض ذوى اللحى الطويلة فيم نزولهم إلى الميدان، فقالوا إنهم متفقون مع المعتصمين فيما هو حق، وفيما عدا ذلك هم خارجون للدعوة إلى الإسلام. ويرى بعضهم أن جميع أساليب العمل التى نعرفها من الانتخابات إلى تشكيل الحكومات فى ظل دساتير لم تنزل من السماء، ما هى إلا ألوان من الكفر.

ثمة فصيل يكفر حتى الإخوان المسلمين، ويقول أنه قادم للميدان ليبقى فيه. ولا عجب، فالاعتصام إجراء قوى بذاته، وربما يطمعون فى تحويل الثورة الحالية إلى ثورة دينية. والميدان ملك للجميع لا يحق لأحد أن يحتكر الوقوف فيه أو السيطرة عليه. وبهذه التناقضات على أرضه يستبعد احتمال تحقيق أية مطالب لا يتفق عليها كل الفرقاء. والمؤكد أن الهم الأول لهذا الطيف الواسع من التيارات الدينية ليس حماية الثورة، بل تعويض ما خسروه، حين ابتعدوا عن الميدان.
لا مجال هنا للحديث عن العمى السياسى، فليس من الواضح يقينا من الذى أصابه العمى. لكن ميزان القوى يختل الآن بشدة، ويفرض على الثوار أن يتوافقوا مع تلك التيارات الدينية والتوافق لا يكون إلا على الحد الأدنى، وهو ما يتعين على الثوار الآن الاكتفاء به. ولم يعد السؤال متى ينتهى الاعتصام، بل ماذا بعد أن ينتهى. وسوف يتعين إعادة النظر فى جميع الشعارات، والبحث عن بدائل أخرى للعمل السياسى.

أود التذكرة بقانون اقتصادى يقول أن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق. ومرجع ذلك أن العملة الرديئة تعنى دفع ثمن أقل من الثمن الحقيقى لما نشتريه. وتطبيق هذا فى العمل السياسى يشير إلى إراحة العقول، واستبعاد التحليلات العميقة المعقدة. وبهذا النهج استبعدت من البداية شعارات الدستور أولا، واستبدلت بشعارات ساذجة مثل الثورة أولا، والآن ترفع شعارات التوافق، وكل هذا لتبرير الاعتصام.

الآن، يجب أن ننظر إلى أبعد مما تحت أقدامنا، فميزان القوى السياسية لا يمكن تعديله بإجراءات سريعة أو بالضغط على أزرار. لا بد من عمل دءوب لإعادة تنظيم قوى التقدم والديمقراطية، لكى يمكن إعادة بناء المجتمع. وفى هذا السياق يجب الاشتباك مع مشكلات الأجل الطويل، وعدم التجمد عند القضايا العاجلة. هذا يعنى تناول قضايا البناء الاقتصادى، فالتغير السياسى لا يتأكد على الأرض إلا بتغير اقتصادى يوازيه ويكمله.

هكذا لن تقرر مصير الثورة أية شعارات، بل سيقرره بناء حقائق مادية جديدة على الأرض. ولن يكفى لإعادة بناء المجتمع إلقاء المحاضرات وتقديم النصائح الأخلاقية. لا بد من خطة لمحاربة التخلف والقضاء عليه. ودروس التاريخ تقول أن تخلفنا كان حصاد غياب مرحلة كاملة من مراحل التطور، هى مرحلة الثورة الصناعية، وما ترتب عليها من ثورات علمية وتكنولوجية. وقد آن لنا أن نستكمل ثورتنا السياسية ببناء ثورة اقتصادية من هذا الطراز.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :