كتبها Oliver
تعب التلاميذ الليل كله و لم يصطادوا شيئاً.كافح التلاميذ الليل و البرد و السهر و النوم و الراحة و الريح و كانت النتيجة لا شيء.لم يصطادوا شيئاً. لم يلقوا شباكهم حيث يوجد الصيد؟ مؤلم جداً أن تتعب العمر كله ثم تنظر وراءك فلا تجد صيداً و لا تجد شيئاً .بل تجد أنك تعبت في المكان الخطأ و ألقيت شبكتك في مياه ضحلة فلا صيد بعد لكن خيبة الأمل هذه لها علاج عند المسيح إذ جاء صوت الرب مرشداً أدخلوا إلي العمق و ألقوا شباككم.
أدخل إلي العمق.فأنت لا زلت علي الشاطئ..أنت في البداية ما زلت .أنت لم تتحرك كثيرا. فقط أمضيت وقتاً طويلاً قرب الشاطئ دونما حكمة.فأدخل إلي العمق.
ما هو العمق
محبة القريب هي وقوف علي الشاطئ و محبة الأعداء هي دخول إلي العمق. منح الثوب وقوف علي الشاطئ و منح الرداء هو بداية العمق ثم بذل الذات دخول إلي العمق.الميل الأول وقوف عل يالشاطئ و الميل الثاني دخول إلي العمق. الذي يقرض يبدأ المسيرة و الذي لا يطلب الرد يدخل إلي العمق.الخد الأيسر بداية و الخد الآخر هو العمق.إبطال الغضب بداية و إتقان الصالحة عمق .أن تعط شيئاً مهما عظم فهو بداية لكن أن تعط نفسك فهذا هو العمق.أن تساعد الناس بحياتك فهذه بداية أما إن لزم أن تموت من أجلهم فهذا هو العمق...كل رموز العهد القديم كانت تقف بالبشرية علي الشاطئ و أما ملء الزمان و ما صنعه الرب يسوع بالتجسد فهو الذي أخذنا و يأخذنا إلي الأعماق.لأنه أخذ كل الرموز من الشاطئ إلي العمق و أتي بالصيد الوفير.لذا كل ما قيل للقدماء بداية و كل ما قيل برب المجد يسوع هو العمق.
المحبة عمق لأنها تنقل طبيعة الله إلي عالمنا .
الغفران عمق.لأنك تأخذ من الله قلباً متسعاً و تعط المخطئين سماحاً و صفحاً..
الإيمان عمق لأنه ثقة في غير المدرك و نظر في غيرالمرئي.
الدموع عمق لأنها تتغلغل في قلب الله و تغلب مراحمه.
الصمت عمق لأنه إنتظار لصوت الله.
الصبر عمق لأنه توقع ما يأتي من النعمة.هذا كله و غيره أعماق مقدسة لكن كيف السباحة إلي الأعماق؟
كيف نتعمق؟
1-إذا صارت الصلاة كلمات فأنت في جمود بعد لم تتحرك و لو خطوة هذا هو تكرار الكلام باطلاً.أما إذا صارت الصلاة مشاعر روحية فها أنت قد بدأت تخطو إلي العمق..الله يستجيب لما في الصلاة من مشاعر.فالكلمات مكررة لكن المشاعر متجددة.هذه الصلاة تنقلك من الأرض إلي أعماق السماء.
صلاة القلب عمق مثلما كانت حنة أم صموئيل تئن بمرارة حتي حسبها عالي الكاهن مخمورة.لكن الله سمع مشاعر المرارة و أعطاها صموئيل الذي معناه الله يسمع.و هكذا سمع قلب الله قلب حنة و إستجاب لأنينها المر.تماماً كما بكى بطرس بكاءاً بنفس المرارة و أكثر فوصل بكاء قلبه الصامت إلي قلب المصلوب النازف . لم يقل الكتاب أن بطرس نطق كلمة واحدة بل فقط خرج خارجاً و بكي بكاءاً مراً.هذه المشاعر أدخلته إلي العمق.فالمشاعر و الدموع ما دامت روحية تصير جسوراً تنقلك إلي العمق.الدموع علامة من علامات صلاة القلب.و تفاعل المشاعر مع الكلمات.أما ترديد النصوص من غير القلب فهو روتينية تجمد الروح و تبطل النمو.
2-لا يوجد عمق من غير سماع صوت الله.صوته أدخل التلاميذ إلي العمق.صوته جمع الصيد و ضاعفه مرات و مرات.صوت الرب ينقي القلب.حين تسمع صوته و تتبعه تصير من خرافه تدخل إلي حظيرته إلي ملكوته فأي عمق بعد ذلك؟ لن تجيد تمييز صوت الرب إلا بتفريغ الأذن من كلام الناس.و تفريغ العقل من التوافه.و تفريغ القلب من لصوص المشاعرمثل الإدانة و كثرة الكلام.إذا فعلت ذلك صار صوت الرب مميزاً واضحاً .لكنك لن تميزه وسط الزحام.يلزمك أن تدخل إلي داخل و تغلق بابك . وقتها تعرف صوته و تتبعه و يقودك إلي ما هو أعمق من معرفتك و خبراتك و علمك و عمرك .وقتها تسبح في أعماق كما كان يونان في بطن الحوت.فإسأل نفسك أين أنت؟
3- تعلم تسليم نفسك للرب.فيتكفل بحملك و يمنطقك لتذهب حيثما يشاء.فى حياة التسليم تكون أنت مسئولية الرب ذاته له المجد.أما الإعتماد علي النفس دون معونة سماوية فهي تجفف بحر النعم.تجعل الينبوع فارغاً مثل البئر الذي ألقي فيه أبناء يعقوب أخيهم يوسف.لابد أن تخرج من هذا البئر الفارغ.وتُباع للسائرين.حين تبيع نفسك للمسيح تصل ليس إلي عرش مصر بل إلي عرش الله و تجلس معه هناك.التسليم أن تتنازل عن نفسك لله.تتغاضي عن مشيئتك مقابل الشكر بما يختاره الله لك.تفرح بالألم كما تفرح بالنعم.تشتهي الصليب كما تشتهي المجد.حياة التسليم تبدأ حين تتساوي كل الأمور في عينيك .حين يتساوي أن تكسب أو تخسر الأشياء.تقتنيها أو تفقدها.تنال ما تريد أو يؤخذ منك ما نلته. حين تتجرد من إحساس الملكية الخاصة تكون قد إجتزت إلي عمق عميق.لذلك حين يخاطبنا ملك الملوك قائلاً من يهلك نفسه من أجلي يجدها فإنه يعني أن تقدم نفسك له كأنك مُت عن العالم لم تعد موجوداً به بل حياً فقط في المسيح.
4-خدمة الخلاص هي أحد معالم العمق.حين يفتح الرب أبواب الخدمة أمامك إقتنص الفرصة.فالنفوس التي عرض عليك أن تستثمرها بإسمه ليست رخيصة عنده.فهي مدخلك إلي أعماق قلب الله.فأنظر إلي الخدمة هكذا: هي باب قلب الله.شركة في عمله الخلاصى.ترجمة محبة عملية كما أحبنا الرب و صار و هو السيد خادماً بل جاء خصيصاً ليخدمنا.أي عمل يقود النفوس إلي الخلاص هو هبة إلهية لك لتشترك مع الله في عمله.فلا تتوان عن الخدمة.إبذل قصاري جهدك حتي الدم حتي آخر نسمة في فمك.من يتواني عن خدمته يطرد نفسه من حضرة الله.يفعل كما فعل الأخ الأكبر للإبن الضال.طرد نفسه حين توقف عن الخدمة.خرج و ظل خارجاً بينما الأفراح هي في الداخل.في العمق.فهل تفرح بالخدمة لأنها تقوتك روحياً أم تقدمها بتضرر فتكون كريهة قدام الرب.أخدم بقلبك لا بلسانك.أخدم بمحبة لا بتصنع.أخدم بحرارة لا ببرود.فمن يلتهب لخلاص النفوس ليس كمن يؤدى عملاً روتينياً.هل تريد العمق ؟إذن خدمة الخلاص ترحب بك و أنت إستقبلها في قلبك بترحاب و بشاشة.
صلاة من أجل الأعماق
يا سيد الأعماق.للبحر جعلت عمقاً.للأرض جعلت عمقاً .للسماء جعلت عمقاً .إنهم مثلك سيدي .العمق منك صار. يا من أعماقه غير مدركة.يا سيد الأعماق لا تدعني أربض علي الشاطئ حيث لا صيد.أدخلني إلي العمق حتي و لو هاجت الأمواج.و إضطربت السفينة.لأنه لا سلطان للموت حيث توجد أنت.أدخلني إلي حجالك.هناك أبيت معك إلي الأبد.فأدرك ما كنت أجهله عنك.و تستنير عيني بما كان مختبئاً فيك. يصرخ المتضايقون من عمق ضيقاتهم.يصرخ المتعبون من عمق أتعابهم. يصرخ الأبرار من عمق أشواقهم و محبتهم.أما أنا فأصرخ كي تضعني أولاً في أعماقك حينئذ أكتفي بأنين روحك فىً.و لأنني بعد ألقي شبكتي حيث لا صيد فأنت تقودني إذ أنت العارف أي عمق ينبغي أن أدخله.إني مطمئن لك يا سيدي.فالصيد في يدك و الشبكة في يدك و أنا في يدك و العمق عمقك أنت و ليس سواك فلهذا أطلب عمقك.أسكنني هناك.حينها لا توجد حاجة بعد لكل الموجودات.حين تبقي أنت الشبع بكل وفرة في كل شيء..ها أنا أمامك أدخلني شبكة خلاصك و ضعني في أعماقك لأغتني بزيادة .أنت الؤلؤة الفريدة التي لم يرها سوي السابحون في أعماقك.يا سيد الأعماق أنزل الذين علي السطح.لكي يكونوا في مجيئك مشتاقين إليك.يا من تغرمت بتكلفة الأعماق في كل الوصايا لا تسمح لي أن أعيش علي هامشها كالواقف قدام باب العُرس دون أن يدخل.يا سيد الأعماق من الأعماق أتيت لنا فإلي الأعماق تأخذنا و نمجدك.