كتب: محرر الأقباط متحدون
أصبح الشغل الشاغل لقيادات الكنيسة القبطية حاليًا، هو كيفية تحقيق الارتباط الناجح الذي ينجو من مطبات الطلاق والانفصال، وذلك بعد كل ما طالعناه ونطالعه من مشاكل في الأحوال الشخصية وصلت إلى ساحات المحاكم وحصل فيها أحد الطرفين علي حكم بالطلاق لم ولن تعترف به الكنيسة نظرًا لأنه يخالف ثوابت العقيدة المسيحية وتعاليم الإنجيل، ولهذا اعتمد المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، خلال مؤتمر «الأسرة المسيحية والخدمات الكنسية»، الذى أقيم بدير الأنبا بيشوي بوادى النطرون، برئاسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عدة حلول لمشكلة الطلاق بين الأقباط، بجانب قانون الأحوال الشخصية الجديد، وتنظيم "دورة مشورة" وهي دورة كنسية للمخطوبين من الأقباط عبارة عن "كورس" يتضمن موضوعات نفسية وجسدية وروحية للأقباط، ويحاضر فيها عدد من الكهنة والأطباء والمتخصصين، وقد فتحت لها الكنيسة مراكز بالإيبارشيات المختلفة على مستوى الجمهورية خلال الفترة الماضية عُرفت بمراكز المشورة، وتقدم تلك الدورات باشتراك رمزي، وفي الأسطر التالية نستعرض تفاصيل جهود الكنيسة في هذا الموضوع.
الوقاية بتنظيم دورات للمشورة الأسرية
أهتمت الكنيسة من خلال مؤسساتها بتنظيم دورات للمشورة الأسرية يلتحق الشباب والفتيات لتبصيرهم بقواعد الارتباط الناجح، وسبل التعامل البناء مع الطرف الآخر، بحيث يستطيع كل من الطرفين أن يعرف الصفات المطلوب توافرها في شريك حياته بما يتناسب مع شخصيته ويؤدي في نهاية الأمر إلى تكوين أسرة متماسكة. الجديد في موضوع دورات المشورة أنها ستصبح الزامية لكل المقبلين على الزواج اعتبارًا من العام القادم حيث أكدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية علي لسان الأنبا دانيال أسقف المعادي ورئيس المجلس الإكليريكي المسئول عن قضايا زواج الأقباط بالقاهرة أنها ستنفذ قرار إلزام كافة الشباب القبطي بالمشاركة في دورات المقبلين علي الزواج بصورة تدريجية حتي حلول عام 2017 حيث ستصبح اعتبارًا من هذا العام المشاركة الزامية وسيتم التطبيق بشكل تدريجي وفقاً لكل منطقة بما يحدده الأسقف المسئول عنها التزاماً بالقرار الذي اتخذه البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وتوصية المجمع المقدس ، حسبما ذكرت الجمهورية.
الأنبا بنيامين المشورة مهمة لتقليل نسب الطلاق
يقول الأنبا بنيامين مطران المنوفية أهمية مراكز المشورة وضرورة الزاميتها نظرًا لارتفاع نسب الطلاق في السنوات الماضية والتي كانت منذ أربعين عاماً لا تتجاوز ال 4% ثم ازدادت حتي بلغت 12% عام 2015 ووصلت إلي 15% في هذا العام مما يشكل خطورة ويفتح الباب علي مصراعيه لكثرة الخلافات الأسرية. وأوضح الأنبا بنيامين: أن دراسات المشورة مهمة لأنها سوف تقلل نسب الطلاق. وهذا ما وصلت إليه تلك المراكز خلال السنوات الماضية. مضيفًا أنه ليس من الصعب على المقبلين علي الزواج الانتظام أو المواظبة على الحضور لتلك المحاضرات القيمة حتي ولو أخذت بعض من الوقت مقابل استقرار الأسرة وأهمية دراسات المشورة تكمن في أنه يمكن للفرد أن يحقق أكثر من شيء في المشورة من بينها التعرف علي شخصية الجنس الآخر وعوامل القوة والضعف في الشخصية. فكل طرف لا يعرف الآخر وهناك العديد من الفروق النفسية والجسدية والمعرفة مهمة جدًا.
التأكييد على الجانب الروحاني في الزواج
طبيعة الحياة الزوجية تستلزم مشاركة الزوجين وأن يتفقا على قرارات لبناء الأسرة وكيفية أن يسامح كل منهما الآخر وكيف يلتقي الآخر وأهمية الحياة الروحية في حياتهما وأهمية وجود ربنا في حياتهما وأن ما جمعه الله لا يفرقه إنسان ومن المهم جداً أن يشعرا بأن الله هو الذي جمعهما ومن الأهم أن يعرفا أن للكنيسة دورًا في حياتهما وأن ربنا موجود وأنه يجب أن يكون لهما دور في الكنيسة بالاشتراك في الخدمة كأعضاء وعن عدم قدرة البعض عن المشاركة في الدورات التي أصبحت الزامية قال الأنبا بنيامين: إن الكنيسة تسهل على أبنائها وتساعدهم وتتفق معهم علي المشاركة في الدورات التي تسبق الزواج ودائماً تعقد في فترة الأصوام التي تسبق الأعياد وتكون بمعدل 8 أسابيع والدراسة لمدة يوم واحد كل أسبوع لأنه دائمًا يتم الزواج بعد عيد الميلاد وعيد القيامة وهي أنسب توقيت بالنسبة للمقبلين علي الزواج حتي تتعلق المعلومات في أذهانهم خلال تلك الفترة القصيرة.
نجاح للتجربة واستفادة المئات منها
أكد الأنباء بنيامين على أهمية نجاح تلك التجربة التي استفاد منها أكثر من 700 شاب وفتاة خلال العام بشكل إيجابي وقال "اللي ما عندوش وقت يحضر بأخذ الكتاب وال C.D اللي فيه المحاضرات لكي نطمئن علي استيعابهم". وعن فكرة عمل دورة للحموات الذين يشكلون خطرًا على الأسرة بشكل عام قال.. المهم إننا نعلم أبناءنا كيفية حل مشاكلهم وعدم الاستجابة للأصوات الخارجية ومن جهة أخري نحاول توفيق أوضاع الأسرة في البيت.
الاستعانة بطرق تعليم مختلفة
قول الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة أهمية دور مراكز المشورة لبناء الأسرة على أسس علمية ناجحة مع ضرورة الزامية الدورات كشرط للزواج من أجل القضاء على المشاكل الزوجية التي تطرأ وتؤدي إلى الانفصال الجسدي أو فكرة الطلاق وليس تعجيزًا لأبنائها. ومن جهة أخري تيسر الكنيسة للدارسين الطرق المختلفة للتعليم بهدف نجاح العملية التعليمية والاستفادة من هذه الدورات بشكل عملي.. فهناك التعليم من خلال حضور المحاضرات والتعليم من خلال الكتب والاسطوانات المدمجة للمناهج أو التعليم من خلال الإنترنت حيث يخضع المشاركون في الدورات للاختبار بعد انتهاء الدراسة ومدتها 3 شهور بمعدل يوم كل أسبوع وبعد أن يكمل الدارس أو الدارسة بياناتهم يرسلوها لنا ثم نعاود ونرسل لهم الأسئلة الخاصة بكل مادة.وأضاف الأنبا مرقس: نحن نحصل علي المراجع والكتب من المصدر الرئيسي بالمعادي ومدينة نصر.
الأنباء مرقس: المشروع جيد وله نتائج رائعة
أكد الأنبا مرقس مشروع المشورة "جيد" وله نتائج رائعة علي الجانبين بعد أن أدرك الجميع فائدة المحاضرات التي ساعدتهم علي تقييم العلاقة واتخاذ القرار الصعب مثل فسخ الخطبة بعد سلسلة من النقاشات اكتشف بعدها أحد الطرفين أو كلاهما أنهما غير متوافقين فالمحاضرات تشرح كيف تختار شريك الحياة ومدى التوافق بينه وبينك وفي كل مرة نكتشف أن التوافق غائب وأن أشخاصًا آخرين استفادوا من المحاضرات وأكملوا الطريق الصحيح.
أسقف جنوب أمريكا: ظهرت أهميتها في الفترة الأخيرة
وأشار الأنبا يوسف أسقف جنوب أمريكا إلى أن الكنيسة تهتم بإعداد جيل قادر على مواجهة الحياة المعاصرة ومن ثم بناء الأسرة من خلال الدور الذي تقوم به مراكز المشورة التي ظهرت أهميتها خلال الفترة الأخيرة وخاصة في دعم المتزوجين حديثاً والمخطوبين الذين لا يملكون الخبرة الكافية لإدارة حياتهم بشكل سليم وناجح ولابد من إرشادهم ودعمهم وهنا لابد أن نساعدهم في كيفية التغلب علي المشاكل وتوضيح أهم النقاط التي تتسبب في حدوثها وفهم كل من الزوجين للآخر في إطار الحياة الزوجية المقدسة وغلق أبواب الشر التي تهدم العلاقات الأسرية وتدمر النفوس.
مشاركة بدورة المشورة: معظم قضايا الطلاق سبها جهل الطرفين أو أحدهما بمعنى الارتباط
وتقول مريم سعد إن معظم قضايا الطلاق والانفصال الجسدي والمشاكل الأسرية بشكل عام كان سببها جهل الطرفين أو أحدهما بمعني الارتباط ومعني سر الزيجة ومسئولية كل منهما تجاه الآخر، ولذلك تهتم مراكز المشورة النفسية بالدراسة لمدة عامين يشمل العام الأول دراسة نمو الشخصية حيث يدرس الطالب نمو علم النفس وتطور النظريات الخاصة بالشخصية وأنماط الشخصية وأيضًا الاضطرابات النفسية التي يمكن للشخصية مواجهتها ومن ثم يعرف الطالب صورته الذاتية وكيف يفهم نفسه ويعرف المشاعر بأنواعها وكيفية التعامل معها وكيف يبني ثقته بنفسه في ضوء تعاليم الكتاب المقدس. ويقوم أيضا بدراسة النمو النفسي للمراحل العمرية من المهد إلي الشيخوخة ويفهم كل ما يخص كل مرحلة حتي يفهم التواصل من خلال لغات الحب والاعتذار والتسامح بالاضافة إلي المهارات الحياتية لكيفية التعامل مع الآخرين ومن هنا نجد الاقبال الشديد علي الدراسة بمراكز المشورة لأهمية ما تقدمه مجانًا. والمشورة المتخصصة في أعداد المخطوبين وما قبل الزواج والمتزوجين حديثًا هي الأكثر إقبالًا وتأتي بعدها تربية الأبناء ومشاكل الطفولة من حيث الإقبال.
مشارك بإحدى الدورات: هناك بعض القصور التي يجب الانتباه إليها
قال مينا منير أحد المشاركين في إحدى دورات المشورة أن رغم جدية اهتمام القائمين علي مراكز المشورة في مصر والعالم والتعامل من خلال منطق الوقاية خير من العلاج فهناك بعض القصور التي لابد من الانتباه إليها وهي من أبرز أسباب المشاكل الأسرية والتي أحياناً تفشل المراكز في إيجاد حل لها مثل تدخل أسرة أحد الطرفين بما يخلق خلافات تطيح بأحد الطرفين وينتج عنها فشل الخطبة وعدم إجراء مراسم الزواج. أعتقد إنه ليس هناك ضمن مراكز المشورة مساحة كافية لجمع أسر المقبلين علي الزواج وخاصة الأب والأم في دورات مشابهة لتعليمهم عدم التدخل في حياة أبنائهم ليكون قرارهم مستقلاً سواء بالاستمرار أو بالانسحاب دون ضغوط من أحد ومع اختلاف الأفكار بين الصغار والكبار يري كلا الآخر بشكل مختلف تماماً يصعب تقبله.هناك أيضا مشكلة تتمثل في أن معظم المقبلين علي الزواج يركزون تفكيرهم علي كيفية الاهتمام بالعمل لكي يتمكنوا من الحصول علي ما يلزم البيت الحديث الذي يؤسسونه ولا توجد مساحة من الوقت لكلا الطرفين للالتزام بالمشاركة في دورات المشورة ومن هنا يشعرا بأنها غير مفيدة والأكثر أهمية منها تدبير الموارد المالية اللازمة لإعداد بيت الزوجية.