د. مينا ملاك عازر
رغم تقديري للكثيرين ممن يملأون الفضاء الإلكتروني بأفكار قد تكون ذات قيمة لكن ثمة هشتاجات معادية لقصف إسرائيلي لغزة أسفر عنه استشهاد طفل فلسطيني، ويحتوي واحد منها هجوماً على السيد أبو الغيط واتهامه بأن مهمته الأولى هي الحفاظ على أمن إسرائيل، أمر مؤسف بحق لأنه يعكس انشقاق في الصف العربي وتمويل أحمق للجان إلكترونية جاهلة موجهة بلا أي عقل، فلقد اتهمت الرجل بتهمة لا ذنب له فيها وهي تظن أنه قد تولى مقاليد منصبه الجديد كأمين عام لجامعة الدول العربية، وليس هدفها في الحقيقة أبو الغيط وإنما من كان وراء تعيينه وهي مصر.
لا أكتب تلك السطور دفاعاً عن مصر ولا أبو الغيط ولكن إحقاقاً للحق فقط، فالسيد أبو الغيط ليس الأمين ولن يولى إلا بعد قرابة الثلاث شهور أي أن المسئول الآن السيد الدكتور نبيل العربي، والذي له مني كل تقدير، ولا ألومه هو الآخر ولكن تذكيراً الدكتور نبيل العربي هو الذي وافقت عليه قطر ودعمته حينما دفعت به مصر كبديل للمرفوض حينها السيد مصطفى الفقي، وفي عهد السيد الدكتور نبيل العربي تم قصف غزة عدة مرات منها عمليات عسكرية طويلة ليس أولها ما تم على إثره للأسف استشهاد الطفل المذكور ولم يحرك الدكتور نبيل العربي ساكناً، وذلك ليس عيباً في السيد نبيل العربي ولا السيد أبو الغيط ولا من سبقهم ولا من سيليهم، ولا من أتى بهم، وأقول هذا ليس مستغلاً الموقف بأن ألوي الحقائق وأكسر عنقها لأدين قطر ولكن لإقرار بأمر أسلفت الإشارة إليه مراراً وتكراراً، ولن أكل عن الإشارة إليه، وهو أن ميثاق جامعة الدول العربية يعيق عن القيام بأي دور، قد يعيب الأمناء السابقين عدم محاولتهم أو عدم نجاحهم بالأحرى لتقوية ميثاق جامعة الدول العربية والتحسين والتطوير منه، بيد أنني أيضاً لم أرى قطر مثلاً تقوم بتقديم ميثاق مقترح أكثر قوة يتيح للأمين مثلاً القيام بدور أكثر وضوح ضد عمليات كتلك التي قامت بها إسرائيل.
على كل حال، ليست المسألة هنا تتوقف عند نقطة اختلاف حول من المسئول عن استشهاد الطفل الفلسطيني، ومن قبله ومن سيأتون بعده للأسف، بل تتخطاها للإجابة عن السؤال الذي طرحه المغردون المغرضون، بمن المسئول عن أمن إسرائيل؟ والذي في الحقيقة لا أرى أفضل من تلك الدولة العربية التي تحط على أراضيها طائرات وقوات عسكرية لأهم دولة في العالم تحفظ أمن إسرائيل، ولا تكتفي بهذا بل تقم معها علاقات تجارية من خلال مكتب لإسرائيل في عاصمتها، كما أن تلك الدولة أيضاً تستطيع أن تجد على أرضها قاعدة عسكرية أخرى لدولة أخرى من كبريات الدول المتعاونة مع إسرائيل عسكرياً وتجارياً، هل عرفنا الآن من هو الذي مهمته الحفاظ على أمن إسرائيل!؟.