(لو 1: 23)
سليمان شفيق
الدكتور مكرم مهني فراشة تطير حتي أخر المدي :
"أستشهد الماء ولم يزل يقاتل الندي
أستشهد الصوت ولم يزل يقاتل الصدي
ومكرم بين الماء والندي
بين الصوت والصدي
فراشة تطير حتي اخرالمدي"
رحل عن عالمنا في 23ديسمبر الماضي ،شخصية متفردة .. مثل الحجر الكريم ، كلما انعكس علية الضوء عكست أنسانيتة شعاع يختلف من ضوء لاخر .
الضوء الاول : القبطي الارثوزكسي :
كان الراحل دكتور مكرم قبطياً متديناً ملتزماً بتعاليم كنيسته الأرثوذكسية، ولكنه كان إنساناً رائعاً كان يجسد الانسان المسيحي غير "الفريسي" مثل البعض ، لم يفرق بين الاديان او الطوائف ،وكان يحترم الإنسان، ويقدِّره على قدر عطائه وقدراته دون النظر إلى دينه او مذهبة او مستواة الاجتماعي، من أكثر الناس تسامحاً في كل شيء، وكان إنساناً بسيطاً شديد التواضع مثالا لابية السماوي السيدي المسيح ، وخدم الدكتور مكرم مهني مع الأنبا موسى منذ أكثر من 35 عاما، كان أحد رواد العمل المسكوني من خلال الاتحاد العالمي المسيحي للطلبة ، وقدم للكنيسة وللوطن في صمت مالم يقدمة كثيرين من اصحاب الصخب الاعلامي ، او الذين يجلسون في الصفوف الاولي في الاعياد باحثين بكل السبل عن ذكر اسمائهم في القائمة الطويلة للاقباط الذين يبحثون عن المكانة عبر ذلك ، بل كانت الكنيسة بالنسبة لة الطريق للملكوت وليس الطريق للسلطة الزمنية .
الضوء الثاني : الاقتصادي الوطني :
ولد الراحل مكرم مهني في 20يوليو عام1943بقريه صندفا بمحافظة المنيا ، بعدما تخرج من كلية الصيدلة وحصوله على درجه البكالوريوس عام 1970، عمل في مجال الصيدلة إلى أن أصبح رئيس لمجلس إدارة ورئيسا سابق لغرفة الصناعات الدوائية وعضو مجلس إدارة المستثمرين، عدد من شركات الأدوية الكبرى وصار رائدا من صناع الأدوية و وعلى المستوى الاقتصادي فهو رجلاً من رجال الصناعة الذين ساهموا في تقدم صناعة الكيماويات والدواء في مصر، وفي تمثيل مصلحة الصناع المصريين والعاملين في هذا المجال والحريصين على الصالح العام في كل أنشطتهم العامة والخاصة وله العديد من الانجازات في صناعة الدواء بمصر وحرصه الدائم على توفير هذه الصناعة الوطنية ،وتقلد العديد من المناصب القيادية والمهام العملية مثل:
• رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة جلوبال نابي للأدوية مدينة6أكتوبر .
. رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمكتب العلمي إم.إم.فارما للمبيعات والتسويق
• رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة رامكو فارم لتوزيع الأدوية وأدوات التجميل.
• رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمكتب العلمي ثري.إم.فارما للمبيعات والتسويق.
• المالك والعضو المنتدب لشركة رامكو للاستيراد والتصدير لمنتجات الأدوية والكيماويات.
• رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة نفرتيتي للتنمية والاستثمار السياحي.
• رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة جلوبال للصناعات الدوائية بمدينة السادات.
• رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة جلوبال للتنمية والاستثمار بمدينة الشيخ زايد.
• نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية .
• عضو مجلس إدارة بالاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين.
• عضو مجلس إدارة لجمعية مستثمري 6أكتوبر .
• عضو مجلس الأمناء بمحافظة 6أكتوبر .
• عضو مجلس امناء الاستثمار بمحافظة مطروح .
رغم كل تلك المناصب لم نراه مطلقا ينشر اعلانا او يصادق اصحاب النفوذ او الاعلاميين كما يفعل بعض اصحاب راس المال ، ولم نسمع عنة يوما انة تهرب من ضرائب او قدم رشوة ، قضي نصف قرن في دعم الاقتصاد المصري ولم يسجن او يسأل عن اراضي للدولة استباحها ، او لم يسدد قروض بنكية ، فكان رمزا اقتصاديا ووطنيا لامثيل لة .
الضوء الثالث : المناضل الوطني الزاهد للسلطة :
كان الراحل أحد مؤسسي الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي البارزين في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير، وعضوًا بمجلس أمناء الحزب، وداعمًا له في كل مراحل نشاطه، وبخاصة خلال الانتخابات البرلمانية عام ٢٠١١، وعند التصدي للجمعية التأسيسية التي وضعت دستور ٢٠١٢، وفي جبهة الإنقاذ التي تصدرت المشهد السياسي المعارض حتى ثورة ٣٠ يونيو. ثم اختار أن يبتعد عن العمل الحزبي عام ٢٠١٤ بدون ضجيج وبدون ان يسئ الي من اساؤا الية والي التجربة، وظل صديقًا لمعظم قيادات وأعضاء الحزب، مخلصًا لرسالته، حريصًا على سمعته ومكانته، معتزًا بمشاركته في تأسيسه، ومتمسكًا بمبادئ العدالة والحرية والوحدة الوطنية التي دافع عنها طوال حياته من مختلف المواقع ما بعد ثورة 25 يناير . كان شريك في قناة التحرير وعضو بالمجلس الاستشاري القبطي ، وحرص على مساندة مصر فى فترة م بعد ثورة 30 يونيو ودعمها ضد حملات التشوية والترويج لمصر فى الساحات الدولية من خلال بعض المؤتمرات التي كان يحرص على حضورها .
ذلك الخادم الوطني الاقتصادي السياسي ، كان فعلا لؤلؤة انسانية حقيقية ، أعطي للوطن والكنيسة حياتة في صمت ، كان عطائة في الخفاء ، استفاد منة كثيرين فقراء وأثرياء ، لم يلتفت الي الخلف ابدا ، والان بعد ان كملت أيام خدمتة عاد الي بيت ابية ، مكرم مهني الرمز والنموذج الذي قلما يجود الزمان بمثلة ، عوض اللة الوطن والكنيسة عنة ، ومع المسيح ذلك أفضل جدا ..
ياعم مكرم يا من احببت المسيح اكثر من المال او الارض او المكانة فكنت حقا راهب الاقتصاد الزاهد في كل شئ الا المحبة والعطاء.