الأقباط متحدون - سكك حديد مصر والتربية الوطنية !!
أخر تحديث ٠١:١٧ | الأحد ٦ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢٦ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

سكك حديد مصر والتربية الوطنية !!

بقلم : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com

وكانت الحكومة قد أعلنت عن إنشاء هيئة لضمان الجودة في إطار إيجاد سبيل آخر غير افتكاسة حدوتة "البرامج الموازية" للاسترزاق .. فهل للناس أن تسأل ماذا عساهم في جامعاتنا يفعلون عندما يمر عليهم أعضاء لجنة الجودة للتفتيش والمراقبة والمتابعة ، وقد أصبح لدى جامعاتنا العديد من النوعيات .. برامج متميزة .. انتساب موجه .. تعليم مفتوح .. تعليم بالإنجليزية .. تعليم بالفرنسية .. وأخيراً طلاب السبنسة أصحاب المقاعد المجانية .. فعلى أي معايير للجودة يتم تقييم تلك الجامعات العجيبة التي تتباين فيها مستويات التعليم ؟ ..

وعلى التوازي مع تلك الأحداث العجيبة في التعليم العالي تتلاحق الكوارث في وسائل النقل من عبارات تغرق وحافلات وقطارات تتصادم .. وفي خضم تلك الأزمات أعود إلى مكتبتي لأكتشف أن لدي كتاباً أصدرته وزارة المعارف العمومية عام 1929 في التربية الوطنية والمقرر على طلاب المدارس الثانوية .. أي منذ أكثر من 75 عاماً .. والكتاب تم تأليفه بخطاب تكليف من وزير المعارف علي ماهر إلى حضرة الأستاذ أحمد أمين بك وكيل مدرسة الحقوق الملكية عام 1925 يقول له فيه " تعلمون أن وزارة المعارف تناولت بالتغيير مناهج التعليم بجميع شُعبه .. تحرت به حاجة الأمة إلى العلم من جهة ، والتوجه به إلى الوجهة العملية من جهة أخرى .. وقد رأينا أن نتوج هذه المناهج بمادة التربية الوطنية يؤخذ بها الطلاب في المدارس الأولية والابتدائية والثانوية للبنين والبنات .. لما للتربية الوطنية من جليل النفع ، وعظيم الأثر .. فقد عهدنا إلى حضرتكم بوضع كتاب في هذا الموضوع لاتخاذه في المدارس الثانوية ، ورأينا أن نضم إليكم كلاً من حضرات ، عبد الفتاح بك السيد وويت أفندي إبراهيم الأستاذين بمدرسة الحقوق الملكية ، والشيخ عبد العزيز البشري القاضي بمحكمة مصر الشرعية " ..

وفي رسالة من أحمد أمين السكرتير العام لوزارة المعارف إلى وزير المعارف العمومية يُرفق به كتاب التربية الوطنية .. يقول فيها " وقد تعمدنا الكتب الموضوعة لهذا الباب من التعليم في البلدان المختلفة ، واحتذينا من كل شيء فيها أكمله وأوفاه لنا وأشبهه بنا ، وتحرينا بقدر ما اتسعت له الطاقة أن نلم فيه بكل مايحسن بالناشئ الوطني علمه " ..

يحدث هذا قبل ثورة يوليو بأكثر من 25 عاماً ، وهو ما يهدم حجة أن مشاعر الانتماء الوطنية كانت في أعلى درجاتها في زمن الثورة لأن رجالها والناس في تلك الفترة كانت لديهم مشروع وطني نفتقده الآن .. إن إدراك كل مسئول في موقعه لواجبه الوطني والإنساني يمكن أن يشكل في النهاية حالة من الانتماء ودفع الدماء في عروق الناس فتشتعل فيهم جذوة الحياة ويرتفع سقف طموحاتهم ..

أما عن الكتاب فهو من القطع المتوسط ويقع في 200 صفحة رائع التبويب والإعداد المنهجي في موضوعية وصياغة محفزة للقراءة واكتساب المعلومات .. تتضمن أبوابه مجموعة تعريفات رائعة للأمة والوطن والوطنية والدولة والحكومة والدستور والحريات بداية من الحرية الشخصية ومروراً بحرية العمل والفكر والدين والتعليم والتعلم والاجتماع وصولاً إلى مفاهيم المساواة في القانون وأمام القضاء وفي المناصب وتسديد الضرائب .. ثم استعراض هائل ودقيق لدور كل الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية ..

إلا أنني توقفت عند الفصل الذي خصصه الكتاب للتعريف بمصلحة السكك الحديدية .. فيذكر عنها أنها من أهم مصالح الحكومة وأخطرها شأناً ، وهي تتولى أعظم وسائل النقل في البلاد ، ويبلغ ما لها من الخطوط الحديدية الممدودة في أرجاء القطر نحو 13000 كيلو متر ..

وليس يخفى أن وسائل النقل من أهم أسباب العمران بجميع مظاهره في البلاد ، لذلك لم تأل الحكومة جهداً في الإكثار من مد خطوطها والزيادة في عدد ما يسير عليها من القطارات تقريباً للمسافات البعيدة عن الناس، وتسهيلاً لنقل البضائع والحاصلات ، كما لم تأل جهداً في تيسير دواعي الأمن والراحة في تلك القطارات .. وبلغ المقدر لتلك المصلحة في ميزانية " 1928/ 1929 " 6.850.000 جنيه فهي تلي مصلحة الجمارك في ضخامة الإيراد ، ولهما معاً أبلغ الأثر في ميزانية الدولة .. " ثم تتم الإشارة إلى ثلاث شركات لها خطوط حديدية ضيقة ممدودة في نواح من البلاد ، وللحكومة رقابة عليها ، فهل أوصى قادة وزارة النقل بقراءة فصل الهيئة في ذلك الكتاب فيرون تلك النظرة المحترمة لتلك الهيئة والتقدير لدورها ومكانتها وريادتها والسماح للقطاع الخاص بالمشاركة في تنفيذ خطوط منذ ذلك الزمن البعيد ..

هل أنصح المسئولين في وزارة التربية والتعليم بقراءة هذا الكتاب لإعادة النظر في مناهجنا الدراسية ؟ وهل لنا أن نحلم بوجود مناهج تعلي قيم الولاء والانتماء وتثري معارف شبابنا بكل الموجودات على أرضه ، ودعم عملية إدراك الحقوق والواجبات لدي طلابنا ؟ والسباحة في التاريخ وتفهم أسباب النهضة ، والإطلاع على الواردات والصادرات والميزانيات والأرصدة .. وهل أدعو قادة وزارة التعليم العالي ليتعرفوا على حقوق شبابنا في اختيار ماذا يتعلمون
وكيف يتعلمون في الزمان والمكان ، وبالوسائط التي يفضلونها ؟
تحية إلى روح وزير المعارف على ماهر ومن تشاركوا في وضع المنهج الرائع للتربية الوطنية ولا عزاء في حال التعليم على أرض المحروسة في بداية الألفية الثالثة ..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter