الأقباط متحدون | وخز الضمير في مواقيت الصلاة!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٥٧ | الخميس ٢٣ سبتمبر ٢٠١٠ | ١٣ توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٥٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس مع رئيس التحرير
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
١٩ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

وخز الضمير في مواقيت الصلاة!

الخميس ٢٣ سبتمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: عزت بولس 
لكل شعب من ساكني كورتنا الأرضية سمات خاصة به يترجمها الآخرون عنه بمجموعة من العبارات المميزة القصيرة الكلمات الكبيرة المعاني والدلالات، وإحقاقًا للحق أري أن تلك العبارات تفتقد للدقة في كثير الأحيان إلا أن هذا لا يمنع كون بعضها صحيح لا بل صحيح جدًا، على سبيل المثال نحن كمصريين نصف الشعب الإنجليزي بأنه" بارد الأعصاب" وبالطبع وصفنا هذا لهم جاء بعض مقارنة غير علمية بحثيًا وغير دقيقة قائمة على انطباعات شخصية تصل إلينا من وسائل الإعلام المتعددة، أو مبنية على تجارب شخصية من هنا وهناك. 
لننظر الآن لنا كمصريين ونسأل ما هي أكثر العبارات شهرة وتداولاً عنا في تلك الأيام؟؟ الأمر ليس محتاج لتفكير للتقرير فالعبارة التي تخلص سماتنا بعصر اليوم توصلت إليها أبحاث ودراسات عالمية وصفتنا بأننا أكثر شعوب الأرض تدينًا!!
لا تتعجبوا فنحن-أي المصريين- بنظر الكثير من شعوب العالم الآن وأنفسنا أيضًا أناس متدينين بطبيعتنا بفطرتنا الأولى التي نولد بها. 
لنتأمل معًا حال منهجنا" الفطري" للتدين هذا منذ عهد الفراعنة أجدادنا حتى الآن،سنجد أن المصري القديم أمن أشد الإيمان بفكرة وجود "حياة أخري" بعد الموت يتم تحديد كيفيتها- عذاب أو نعيم- وفق ما نؤتي به من أفعال بحياتنا الأرضية،لكن ذلك الإيمان للمصري القديم لم يشغله عن تحقيق ازدهار حضاري بالعالم الملموس الذي يعيشه،فبرع بالطب والرياضيات وأبدع في فن المعمار وحقق اكتفاء ذاتي بالزراعة،لم يقف تدين المصري في ذلك الوقت عائقًا أمام حياته الأرضية ومن ثم عطاءه لمجتمعه وتاريخ بلاده. 
 
اليوم وعندما أتجول بشوارع القاهرة أري أناس يرتدون أزياء التدين، لكنني لا أنظر لهم وأكتفي بالنظر لأسفل لتفادي السقوط في " الحفر وبرك المياه الرثة ومخلفات المباني" إضافة لتلك النظرة لأسفل أثناء سيري بشوارع القاهرة،يظل عقلي منشغلاً بالمخاطر التي تنتظرني أثناء قيادتي لسيارتي فربما أواجه سيارة سيفاجئني قائدها بحركة غير محسوبة العواقب- لأنه غير مُلم بقواعد القيادة و دفع حفنة من الأموال للحصول على رخصة قيادة- ومن الممكن أن جد بالوعة "مجاري" دون غطاء لأسقط بها وهى التي لها دور هام ألا وهو" جذب المزيد من الزبائن لأصحاب محلات ميكانيكا السيارات". 
أيمكننا أن نعقد مقارنة بين ماشيده المصري القديم "المتدين" من حضارة وما يقدمه أحفاده "المتدينين" من كوارث حقيقية في كل المجالات ومنها البناء وتنسيق الشوارع، حيث الإغفال التام لكل قواعد مواصفات الجودة في عمليات التنسيق والرصف والبناء،والنتيجة معمار ضخم صنعه الأجداد تحدى السنوات ومعمار هش لضمير مات وزمم تم شرائها بأبخس الأثمان لتجد مباني تتهاوى على رؤوس بسطاء فتحيلهم للموت وشوارع بأسوأ صورة تؤكد للزائر الأجنبي حجم ما وصلنا له من تدني حضاري كبير. 
 
"نحن المصريين شعب متدين بطبعه" عبارة تثير استفزازي وتقفز لذهني من حين لأخر سريعًا بالأوقات التي أقضيها بالقاهرة، حيث كنت في زيارة لصديق لي مريض بإحدى المستشفيات" الخاصة" وصدمت من حجم الإهمال الذي يعانيه المرضي بتلك المستشفي التي لا يتحرك بداخلها ملائكة الرحمة" الممرضات" إلا بعد أن يتم توزيع الإكراميات عليهن،والإكرامية يا سادة هي أحدث مصطلح مصري لـ"البقشيش".
 العجيب والمؤسف بذات الوقت  أن أولئك "الممرضات" تثير ملابسهن "النقاب الأسود" للكآبة، إضافة لأشياء أخرى يدركها جيدًا المريض بمجرد أن تقترب منه ملاك الرحمة الذي يفتقد لأبسط قواعد النظافة الشخصية،وبالطبع الأطباء ليسوا أفضل حالاً من ملائكة رحمتهم،فهمهم الأول هو"المال" وكيف سيحصلون عليه دون تدوين رسمي للمريض،والحالة الصحية لمريضهم فلتذهب للجحيم أو يتركونها" لتدينهم الشديد" بين يدي الله ونحن مؤمنين بقضاء الله وبالنهاية" محدش بيموت ناقص عمر واللي مكتوب على الجبين هتشوفه العين".
 
مصر هى الدولة"الأكثر تدينًا" حسب استطلاع معهد "جالوب الأمريكي" ولكن أين هي المظاهر السليمة لهذا التدين الكبير؟؟
 أتابع مظاهر هذا التدين العجيب في المصالح الحكومية بين الموظفين الأتقياء، الذين يتفننوا في معاملة روادهم من الجمهور العادي بكل استعلاء لينهوا لهم مجموعة أختام أو إمضاءات على أوراقهم الرسمية.
يتخلل عادة استعلاء التعامل هذا-من قبل الموظفين المتدينين- أفعال أخرى تدل على عمق "الإهمال واللامبالاة" ألا وهى تناول وجبات الطعام والأحاديث الشخصية أثناء أوقات العمل الرسمية، إضافة للذهاب لأداء فريضة الصلاة طلبًا لرضي الله،كل ذلك وطالب المصلحة منتظر بطابور لا ينتهي ولا يتحرك، وماذا عليه أن يفعل؟ أيقوم بالاعتراض على أمر الله بالصلاة!!
إذا وصل طالب المصلحة بعد العذاب سالف الذكر في الانتظار والترقب ووجد ذاته أمام نافذة "الموظف المتدين الذي لاينسي فروض الله عليه" يبقي أمامه خيارين لا ثالث لهما الأول دفع " رشوة" عفوًا " إعانة" بمصطلحها الجديد للموظف المسكين الذي أمامه والذي يعيل عدد كبير من الأطفال وراتبه الحكومي لا يكفي شيئًا وربما يتجه-لا سمح الله- للسرقة من أجل تحقيق حياة ميسورة، أما الحل الثاني أن يُكابر ويرفض دفع "الرشوة" عفوًا أنسي دائمًا " الإعانة" أقصد وبتلك الحالة سيسمع طالب المصلحة عبارة واحدة ألا وهي" فوت علينا بعد أسبوع ورقك مش كامل" وإذا ظل بمكابرته سينتظر حياته كلها أسابيع وراء أسابيع. 
 
الحال برأيي ليس أفضل حالاً بالشركات الخاصة،فالعاملين بها" المتدينين" أيضًا يقوموا بتأدية الحد الأدنى من المنتظر منهم فقط أثناء وجود السيد المدير، الذي بتغيبه يختفي  ضمير موظفيه سريعًا.
نحن شعب متدين بالفطرة أنظروا حتى هواتفنا المحمولة أصبحت نغماتها آيات قرآنية وترانيم كنسية،نحن نحب الله والدليل صوت النغمات المرتفعة المُسبحة بأسمه على هواتفنا...نحن نحب الله وضميرنا لا يتحرك لإصلاح كل أوجه فسادنا فقط يتحرك ويعطينا وخزه قوية لنؤدي الصلاة في مواقيتها.
لقد أدرك العالم كله تدينا كمصريين ومعهد "جالوب " الأمريكي أكد أننا 100 بالمئة متدينون....وأمام تلك النتيجة المذهلة لتدينا نجد أن رجالنا سجلوا أرقام قياسية بالتحرشات الجنسية بالنساء!!
  بناتنا المتدينات يستخدمن أغشية البكارة الصينية ليستطيعوا الزواج بأمان،ولا يفكروا كثيرًا ويشغلوا أنفسهن بأن استخدام ذلك الغشاء الاصطناعي أكبر خداع يبدئون به حياتهم الزوجية!!
 
حالتنا الدينية المتضخمة وفق الإحصائيات والأبحاث العالمية ومظاهر ملابسنا الخارجية،لا تتناسب منطقيًا مع حجم ألفاظ السباب الموجودة بقاموسنا اللغوي اليومي، لا تتناسب مع كل هذا الإيذاء والتلوث السمعي الذي نردده على اعتبار أن" الشتيمة مش بتودي النار" واستخدام عبارات جنسية لسب خصومنا أمر لم يرد به نص ديني واضح يجرمه،أما الكذب فحدث ولا حرج عن حجم ممارستنا له بكل شهيق وزفير متناسين أن الله بوصاياه العشر إلينا نهانا عن الكذب،ولكننا ننسي كل تلك الوصايا ونتذكر واحدة فقط نتحدث عنها طوال الوقت لا داعي لذكرها فجميعنا يعلمها جيدًا. 
الأمثلة الواردة الذكر بالأعلى بجعبة كل قارئ الكثير منها عن مصر،وعند مقارنة بعضها بما عايشته وتقبلته من أفكار وأشياء جميلة عن اقتناع ورغبة في "سويسرا" البلد الذي لا يصف ذاته بالعلم والإيمان أتعجب وأتأكد أنه ببلدي مصر لايوجد علم أو إيمان. 
الدين ليس مجموعة مظاهر وطقوس، الدين الحقيقي عند المسلم الحقيقي معاملة، وعند المسيحي الحقيقة طريقة حياة...فلنواجه أنفسنا بأخطائنا وبفهمنا المحدود لـ"الدين" ذلك المفهوم الذي نستر وراءه سقطاتنا الأخلاقية والحضارية الكبيرة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :