كتب نادر محمد
أثناء حضوره للصلاة التأبينية لروح شهداء الأرمن فى كاتدرائية برلين والتى شارك فيها العديد من رؤساء الطوائف المسيحية بألمانيا وصف الرئيس الألمانى يواخيم جاوك جرائم القتل الجماعى التى أرتكبها العثمانيون ضد الأرمن سنة ١٩١٥ والتى راح ضحيتها مليون ونصف أرمنى بالإبادة الجماعية, الوصف الذى لا تقبله تركيا وتشكك فيه. كما وصف الرئيس الألمانى دور بلاده فى تلك الجرائم بالمتواطئ بالإشارة إلى دور العسكريين الألمان فى المساعدة فى التخطيط لتلك الجرائم والمساعدة فى تهجير الأرمن وكذلك بالإشارة لصمت حكومة ألمانيا حليف الإمبراطورية العثمانية فى الحرب العالمية الأولى وعدم إتخاذ أى إجراءات لوقف تلك المذابح, على الرغم من توافر التقارير المفصلة التى كان يرسلها الدبلوماسيون الألمان من إسطنبول فى ذلك الوقت والتى يحتفظ بها حاليا أرشيف الخارجية الألمانية وتعد من أهم مصادر تأريخ تلك الفترة وأهم الأدلة على جرائم العثمانيين.
تذكر الرئيس الألمانى تصريحات مستشار ألمانيا أثناء الحرب العالمية الأولى تيودور فون بيتمان هوفيج والذى قال فى ديسمبر ٢٠١٥ '' هدفنا الوحيد هو وقوف تركيا إلى جانبنا حتى نهاية الحرب, سواء أبادوا الأرمن أم لا.''
قال الرئيس الألمانى فى كلمته '' طبقاً لما نعرفه الآن عن الخلفيات السياسية والظروف الإنسانية للأهوال التى حدثت فى القرن العشرين أصبح من الواضح أمام أعيننا أن مصير الأرمن لا مثيل له فى تاريخ الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والتهجير, بل ويوصف بالإبادة الجماعية الأصعب فى القرن العشرين'' . كلمات الرئيس الألمانى أكثر وضوحاً من تصريحات الحكومة وبخاصة الخارجية الألمانية والتى تخشى الغضب التركى.
بدأت الإبادة الجماعية للأرمن يوم ٢٤ إبريل ١٩١٥ بالقبض على النخبة الأرمينية والتى تتكون من ٢٣٥ شخصية سياسية وفنية وصحفية ورجال أعمال وإعدامهم. بعد ذلك إستمرت لعدة شهر عملية التصفية الجسدية للأرمن ثم قامت قوات الجيش والشرطة بطرد الأرمن إلى خارج البلاد معظمهم ذهب إلى شواطئ سورية.
كانت جرائم الإبادة الجماعية ضد الأرمن هى المثال الذى إتبعه الألمان فى التعامل مع اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية. فقبل دخول ألمانيا فى الحرب ضد بولندا سنة ١٩٣٩ قال هتلر ''من يتذكر الإبادة الجماعية ضد الأرمن اليوم.''
تضمنت المراسم اليوم مسيرة صامتة من أجل أروح الشهداء إلى بوابة براندنبورج ببرلين. مثل الطائفة القبطية فى تلك المسيرة وفى الصلاة المسكونية نيافة الأنبا دميان الذى يرى من أحاديث الساسة الألمان درس للمنطقة العربية فى التعامل مع مسيحى الشرق فاللغة الواضحة والصدق والإعتراف بالخطأ والتعلم من الماضى يوفر لنا مستقبل أفضل ويجنبنا سقوط الكثير من الضحايا ودفع ثمن باهظ للمداراة على الماضى وتكرار الأخطاء كما أضاف نيافته لو تعلم الألمان من الحرب العالمية الأولى ما كرروا أخطاءهم ووقعوا فى الحرب العالمية الثانية.
جدير بالذكر أن التطهير العرقي والديني الذي ارتكبه العثمانيون سنة ١٩١٥ طال الآشوريين والسريان الأرثوذكس والمسيحيين الكلدان، فصحيح أن المجازر التي ارتكبت ضد الأرمن راح ضحيتها 1.5 مليون إنسان، ولكن كانت هناك كوارث حلت على شعوب أخرى في المنطقة. فعلى سبيل المثال 500,000 من المسيحيين من الطوائف الأخرى فقدوا حياتهم، أي أن هناك إجمالياً اثنين مليون شهيد مسيحي يجب ألا ننساهم.