كتب: هــــاني شـــهدي
يــونان أحد رجال الله في العهد القديم وصـــاحب قصــــة رائعة تحكي بها الأجيال، هذه الحكاية مدوّنة في احد اسفار العهد القديم بأسمه ومكون من أربع أصحاحات بحجم "ورقــــة" في الكتاب ، بمراجعة هذه "الورقة" توقفت عند ملاحـــظات مهمـــة حـــقا وكأن الأيام تعيـــد نفـــسها.
١. أحداث السفر ســـريعة ومـتلاحقة وحرف "الـــفاء" مُسيطر علي معظم الأيات مما يدل علي وضـوح شـبكة الأتصال بين الله ويونان برغــم اصرار يونان علي مخالفة أمر الله "قم اذهب" "فقام ليهرب" مَن منا يسمع صوت الله هذه الأيام بهذا الوضوح؟! ، من منا يسمع صوت الله بدون طـــرف ثالـــث ولا قديـــس ولا شهـــيد ولا شــــفيع؟! برغم أن الأحداث كانت في العهد القديم لم يكن الله تجـــسد في صورة انــسان بعد ، يالعظـــمة يونان الذي يتــكلم ويفــهم ويــعي ويمــيز صوت الألــه الذي لم يـــراه ونــحن الأن بعد تجسد هذا الأله ووجــود كــتاب وأحكــام مقــدسة مكتــوبة وتـــكنولوجية جبـــارة مازالت الشبكة مشـــوّشة للـــــــغاية. ما أجمل شعور يونان بالبــــنوّية رغم معصــيته وكــبريائه لــم يخجل من الحديث مع الله وهذا هو الفرق بين خـــوف العــبد من الوقوف أمام سيده مهما أطاعه ، و"دالــة البـــنين" ودخول الأبن في حضرة أبيه رغم معصــيته لثقته في أبيه.
٢. شـــياكة وانـــسانية أخــلاق الـــبحارة، وحتي أخر لحظة لا يريدوا أن يجعل الله عليهم دماً بريئاً، وبرغم تأكدهم من أنه الخاطي المقصود، و برغم أنهم كانوا من ديانات مختلفة يعني "كــــفّار" بتعــبير اليوم لم يمسوا جسده بسوء ، في الماضي كانت النفس البشرية غاليــة وذات قيمة، في حين اليوم أصبحت النفس البشرية تُقــــتل وتُــــذبح وتُـــحرق وتُهــــجّر وتٌبـــاع وتُســـبّي بأسم الله والدين ، من يمتلك انسانية أكثر كـفار زمان أم مدّعين منفذوا شـــرع الله الأن؟! وبرغم ذلك ذبحوا ذبيحة شكر لوقوف البحر عن هيجانه ولم يفكروا في أن يذبحوه هو نفسه ويلوثوا أيديـــهم بالدم. ما أحوجنـــا حقاً هـــذه الأيام إلي كُــــفار ذلك الـــزمن الجمــــيل.
٣. تعجبت للغاية من مناداة الله لنينوي بالمدينة العظيمة وفي نفس الوقت يقول صعد شرهم أمامي، هكذا الله دائماً لا يقيْمنا من خلال أفعالنا لكن من خلال قيمتنا لديه ، لأنه من يقف في الموازين أمامه. أكبر خطر يُخضع به الشيطان الناس هو أن الله يقيمنا من خلال أعمالنا فقط. الله يقيّمنا من خلال نعمة غنية في عينيه تقدر ضعفنا وتقودنا إلي الخلاص، والدليل بمجرد مناداة يونان في المدينة الجميع سمع واطاع من الملك حتي البهائم.
٤. هل يونان هــــرب بمفــــرده ؟! كــــلا هربنا معه أنــا وانــــت عزيزي القارء، ففي الوقت الذي هرب يونان من المسؤلية بسبب كبريائه ولم يدرك مقاصد الله إلا عندما ضربت الشمس رأسه شخصياً ، هرب المجتمــع الدولي ومعظم الأقبـــاط من مسؤليتهم تجاه شعب العراق ونينوي وسورية ولم نشعر بجرام الأرهاب هناك الا عندما يضربنا في أرضاً ونتذوق مرارته وآخرهم حادث سيناء الكتيبة ١٠١.
ليتــــنا الأن لا نكون يونان يـــهرب إلي بـــطن السفيـــنة وينام، لكن يونان يـــحمل رســـالة ســـلام لشعـــب عظيـــم شعــب الــــــعراق ونيـــنوي الغالية علي قلب الله.