مينا ملاك عازر
حتى كتابة تلك السطور، لم يعكر صفو ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير إلا بعض التفجيرات المتناثرة أو يمكنك اعتبارها احتفالات الإخوان بطريقتهم المفضلة دائماً بذكرى الثورة، هم اعتادوا في هذا التوقيت سفك الدماء، وليس كيوم اندلاع الثورة، فقد كان سبيلهم لذلك القناصة واليوم التفجيرات، لا يفهمون أن سبيلهم الأول جمع الناس في الميدان والثاني يرهبهم ويفرقهم، كان مفترض أن يكون السبيلين واحد، ولكن لأن الأول كان الكل يظن في نظام مبارك هو الذي يقف وراء تلك الأحداث بعكس الجاري الآن الكل يعرف أن وراءه أنصار الإرهابية وأتباعها وأذنابها، فالكل يتقي شرهم اللهم إلا من تواجد في الشارع أصلاً لأغراض شخصية، فتجده يتجه تجاه صوت الانفجار ليشاهد ماذا جرى، المصريون لا يخافون ولا يرهبون ولكنهم لا يحتفلون لأنهم حزانى لموت ملك السعودية السابق، ولأنهم لا يفضلون الاحتفال بذكرى ثورة يناير في تلك الأجواء لو ارادوا لفعلوها ولا فت في عضدهم مئات التفجيرات من الجماعات الإخوانية.
التوعد الإخواني في ذكرى الثورة ليس هو توعد للداخلية، وإنما توعد في تشويه ما يدعون هم بالقيام به، وإبقاءه ذكرى في الذاكرة، وليس احتفال يحتفل به الإخوان، حولوه للحظات يحسب لها الف حساب من جهة التأمين، أما المصريين فيعرفون أن اقصى ما في وسع الإخوان هي بضعة قنابل يرشقونها، ونشاط تفجيري زائد لانعدام ولضعف -في أفضل التقديرات- نشاط الحشد في مستوى تظاهرات الإخوان حيث لم يعد لهم شعبية وكثافة بالشارع، فاستعاضوا عن هذا بالقوة التدميرية التي تخلفها القنبلة المنفجرة حتى تلك القنابل معظمها هيكلية وأغلبها بدائية - والحمد لله- كلها بلا تأثير وتنكشف قبل إلحاق الأذى بالمواطنين الأبرياء. نسيت أن أقول أن أكثر ما عكر صفو الذكرى مقتل شيماء الصباغ، أياً كان مقتلها على يد من؟ فهو عكر بحق ذكرى ثورة قامت في الأصل ضد الشرطة، شابها عيوب كثيرة، ولكن لم ولن يبقى معلقاً بها دماء الشهداء،
فيجب الكشف عن من قتل شهداء يناير ومنذ يناير 2011 وحتى يناير الجاري بل يجب وقف الاستشهاد في يناير، يجب أن تعمل الداخلية على تغيير عقيدتها وتفهم أن التأمين لا يبدأ وينتهي عند تأمين الميادين من الاحتشاد بها أو منع زرع المتفجرات التي تزرع رغم تأمينهم، وإنما هو تأمين المظاهرات حتى ولو مخالفة لقانون التظاهر إلى أن تفض، أي فض التظاهرة بشكل تأميني تام، هل تفهمون هذا؟ هل سيفهمون هذا، هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة حينما يقدمون من قتل الصباغ أياً من كانوا ولو كانوا رجال منهم، ما داموا أساءوا استخدام تسليحهم، ومن الآن لو كان من اغتال شيماء شرطياً لا يعني هذا ابداً أنهم المتورطون في كل الجرائم السابقة ولكن يعني فقط أن الداخلية أخذت تطهر نفسها وتقدم الجناة الحقيقيون، يعني أنه يبحثون مثلنا عن الحقيقة، ولا يحتمون بهواجس حماية أمن البلاد في سبيل تنجية أنفسهم من العقاب والجزاء والقصاص.
المختصر المفيد تطهير الداخلية ضرورة، وتغيير عقيدتها، وفهمها لعلاقاتها مع المواطن أمر هام لا فرار منه.