بقلم - أثناسيوس جورج
في أسبوع الوحدة المسيحية من كل عام؛ نرى أن جميع الذين يحبون ربنا يسوع المسيح وينتظرون ظهوره؛ يجمعهم هو بشخصه الإلهي ويجعلهم واحدًا فيه؛ لأننا لا نتوقع (حسب الواقع الحاضر) أن نكون كنيسة واحدة متراصّة ذات هيكلية قانونية؛ في ظل مداخلات اعتبارية ترى أن الآخر على خطأ كبير كان أو صغير. كذلك يتوقع البعض أنه من الممكن أن يصير الكل تحت سلطة مركزية واحدة؛ وعصمة إلهية؛ ورؤية أممية أمست من مخلفات عصور مضت...
لذلك قال بابا روما في حضور البابا تواضروس الثاني (لقد ظهر اليوم بالكرسي الرسولي؛ أنه بالصلاة وإدارة الحوار عبر المحبة؛ يمكن فقط أن تحقق الوحدة الكاملة بيننا). كذلك وصف الزيارة التاريخية لبابا الإسكندرية بأنها "نعمة" وأنها ستجمع مقر القديس بطرس الرسول ومقر الكاروز مرقس الرسول؛ وكنيسته التي هي إرث الشهداء وعلماء اللاهوت والقديسين والرهبان والمؤمنيين أتباع المسيح؛ الذين يحملون الإنجيل على مدى الأجيال في ظروف غاية الصعوبة.. وقد أضاف البابا فرنسيس الروماني قائلاً : إن البركة الرسولية ومناخ المحبة بين كرسي الأسكندرية وروما بين خليفة بطرس ومارمرقس؛ علامة على أن الكنيستين تتمثلان بالصليب رمز الوحدة التي تتوقف وتبدأ بالمحبة؛ وتستمر بالدراسة والحوار ثم تستكمل بالصلاة.
كذلك رد البابا تواضروس قائلاً : (لقد جئتُ من بلد النيل من كنيسة العراقة والقرون العشرين وموطن الرهبنة واللاهوت) معربًا عن أمله في أن يكون هذا اللقاء الرسولي بادرة وبداية سلسلة ممتدة من لقاءات الأخوة والمحبة بين اثنين من أكبر الكنائس ... كذلك أضاف البابا السكندرﻱ مشيرًا إلى أن (الجبل الكبير كي ينهدم يحتاج إلى ضربات الفأس؛ هذه الضربات تهدم الحاجز الجبلي رويدًا رويدًا... إذ أنه لن ينهدم الجدار الجبلي دفعة واحدة ...
لذلك لقاؤنا هذا خطوة جادة على الطريق؛ وبادرة ينظر إليها المسيح ربنا ويكملها ... إن مسيحًا واحدًا يجمعنا وإنجيلاً واحدًا وملكوتًا واحدًا؛ ثلاثة أعمدة هرمية تجمعنا؛ ونقاط الاتفاق والوحدة أكثر بكثير (بما لا يقاس بغيرها).
إننا نتطلع أن تكون هذه اللقاءات جادة ومثمرة في خطوات وحدتنا للسعي نحو توحيد الوجدانات والمساعي؛ التي تجعلنا نعي جميعًا أنه إذا قويت المعرفة اللاهوتية وخبرة التقوى العملية؛ سنغتني من عظمة الروح والقداسة التي تجعلنا نشهد للبشارة المفرحة أمام الخليقة كلها؛ وهذا بدء ومنتهى طريقنا على الصعيد الإقليمي والعالمي أيضًا؛ مبدعين في العطاء اللاهوتي والرعوﻱ والاجتماعي؛ بتدريب وفطنة؛ عبر الحضور والإبداع والفكر الخلاق المنفتح؛ لأن السير نحو الوحدة نابع من السعي نحو الحقيقة التي في المسيح يسوع ربنا ورب كل أحد؛ وهو الذﻱ يقدس الجميع ويسكب المحبة والفهم عند الجميع؛ ذلك الفهم هو مدخل للتلاقي العميق البعيد عن التحجر أو الهجوم أو الاقتناص والمزايدات؛ تصحيحًا لرواسب التاريخ.
فاللاهوت الحقيقي لا نبلغه إلا بالصلاة والإنجيل العملي قولًا وعملًا لينجلي عبر استقامة الرأي orthodoxy ويتضح علانية عبر استقامة الفعل والعمل orthoproxy شهادة عملية للكرمة المشتهاه التي فاضت من جنب المخلص..
ومن هنا يجب على كل دارس للاهوت أن يغوص في حلاوة ودسم الغنى والزخم غير الموصوف؛ ويسلك ليجعل من غير المنظور منظورًا في سلوكه وتدبيره؛ لبلوغ حرية أبناء الله؛ ورؤية الرب البهيجة في كل الشعوب والأمم والألسنة؛ ومَنْ يسعى كثيرًا بمحبة يرى كثيرًا ويسير كثيرًا ليصل إلى الشاطئ الأبدي.