بقلم : ماجد سمير
"عليك أن تنام مبكرا حتى ترى الحلم من بدايته" نصيحة قديمة قدمها الأهالي على مر الأجيال لأطفالهم حتى يقنعوهم بالنوم مبكرا، أحيانا تجد الأب والأم يصرخا في وجه طفلهما وأحيانا بهدوء شديد، وفي كل الحالات الأطفال لايسمعوا الكلام أبدا وتظل اعنيهم "مفنجلة" ترفض النوم، وبسبب هذه الثقافة ظل عدد غير قليل من الأطفال على مر العصور – منهم أنا - على قناعة تامة أن النوم المتأخر ليلا السبب الوحيد لعدم تذكرهم جزء قليل من أحلامه أو ربما نسيان الحلم كله.
حاولت كثيرا تنفيذ النصيحة القديمة للامساك بحلمي ومع الوقت اكتشف أن "قفش" الحلم لاعلاقة له بالنوم سواء مبكرا أو متأخرا لأنك مع الأسف لاتملك حرية تحقيقه بل أن الحكومات المتتالية والحكام القابعين على كرسي حكم مصر فقط هم من يملكون حصريا تحقيق حلمك.
لعبت الحكومات على مدار العقود السابقة لعبة الأحلام مع الشعب بل وزرعت داخلهم شكل من أشكال التواكل يتسق تماما مع ثقافة القطاع العام واستسهال الحصول على النتائج دون كد واجتهاد وغزت اعلانات "0900 " وغيرها عقول ووجدان الشعب، مجرد اتصال تليفوني يحقق كل ماتحلم به، بل حددت لك نوع الأحلام وحولت فيصل كبير من الشعب إلى "كائنات استهلاكية شغلتهم حشو المصارين "كما كتب مولانا أحمد فؤاد نجم ولحن وغناء الرائع الراحل الشيح امام في رائعته "هما مين واحنا مين".
ربما نجحت السلطة لسنوات طوال في تشفير الحلم وربما كانت تهدف أن يأتي يوما تبيع لنا – بهدف تنمية مواردها - فرص الأحلام عن طريق وصلات مثل "الفتلة" المنتشرة في مناطق كثيرة في مصر تشاهد من خلالها كل القنوات المشفرة وتتابع مباريات كأس العالم رغما عن أنف "الجزيرة" وأمثالها.
والغريب أني لم أتعلم من الأحداث السابقة، في كل مرة أقع في نفس الفخ وأكرر نفس الأخطاء وأتبع نفس الخطوات متوقعا نتيجة مختلفة، فأحلم وأفيق على صدمة، تذكرت كل هذا الكلام مع كثير من جلد الذات خلال متابعتي لأحداث جلسة الصلح العرفية في المطرية إثر اشتباك بين عائلتين مسحية واخرى مسلمة والنتيجة مزيد من القهر والاذلال للمسحيين رغم ماقدموه من تضحيات من أموال ومنشائات وأيضا أرواح من أجل الوصول بالوطن إلى بر الأمان بعيدا عن سطوة حكم الاخوان وجماعتهم الارهابية.
نحلم في يوم بإختفاء خطايا سنوات طويلة من التخلف والقهر وسن قوانين غير منصفة المسحيين، ونعرف جيدا أن تحقيق الحلم لن يكون أمرا يسيرا وسيأخذ وقتا طويلا، لكن هذه المرة كان حلمنا الذي "نمنا" كلنا مبكرا لنراه كاملا دون تشويش أو تشفير، لم يكن أكثر من مواقف الدولة المتكررة طوال الماضي تجاه جرائم سنوات الهزل والقهر والذل حملنا أن تختفي جلسات الصلح العرفية ويفعل القانون ..يا سيداة الرئيس "الفراخ" فقط من يحكمهم صاحب "العُرف" والأقباط أفراد من الشعب كاملي الأهلية ليسوا قطيعا من الدجاج ومصر دولة لها دستور مستفتى عليه ويحكمها قانون ، غير ذلك نصبح مجرد "فراخ" في تقفيصة تسمى الوطن".