محمود خليل
موقف المشير «السيسى» من قانون التظاهر واضح أشد الوضوح، فهو متمسك به ويرى أن التظاهرات لا بد أن تتوقف، وأكد أنه سيتعامل بـ«القانون» مع أية محاولة للتظاهر للضغط على الحكومة لتحقيق مطالب معينة، وقال ما معناه إنه يريد أن يلبى للناس مطالبها، لكنه ليس لديه ما يعطيه، بسبب الظروف التى تعيشها البلاد.
أتفهم هذا الموقف الذى يتبناه «السيسى» من قانون التظاهر، فهو محق فى أن هدوء واستقرار الأوضاع هما المقدمة الطبيعية والمنطقية لعودة الحياة إلى الاقتصاد المصرى، وبالتالى البدء فى الاستجابة لمطالب الناس، «المشير» مطالب من ناحيته بأن يتفهم لماذا يعارض البعض استمرار قانون التظاهر بصيغته الحالية، ويطالب بتعديله.
كيف وصل المشير «السيسى» إلى دائرة منافسة -تكاد تكون نتيجتها محسومة لصالحه- على كرسى الرئاسة؟ إنها موجة الثورة الثالثة فى 30 يونيو. فالمظاهرات التى اندلعت فى هذا اليوم هى التى هيأت لـ«المشير» التحرك والتخلص من حكم الرئيس المعزول، وليس من المنطقى أن يصادر إنسان على سبب كان الأساس فى الوصول إلى نتائج استفاد منها بصورة شخصية.
و«المشير» يعلم أن محاولة الإخوان -خلال فترة حكمها للبلاد- إصدار قانون للتظاهر قوبلت برفض عنيف من جانب الكثيرين، ونجاح القوى الوطنية فى ذلك هو الذى يسر لها، عندما أرادت التخلص من «الجماعة»، أن تنسال إلى الشوارع، لتستخدم الأداة الوحيدة التى استقر الوجدان الشعبى على صلاحيتها للتعامل مع الأنظمة السياسية التى يرفضها، وهى أداة التظاهر. هناك قانون اسمه «قانون السببية» يقول إن لكل شىء سبباً، ولو تأمل «المشير» فى واقع الحال الذى تعيشه مصر حالياً فسوف يتفهم مطالب البعض بتعديل قانون التظاهر انطلاقاً من فكرة «السببية»!.
وقع المشير «السيسى» فى تناقض أظن أن الفريق المحيط به كان مطالباً بتنبيهه له، ففى أكثر من حوار قال «المشير»: «لو نزل الناس وطالبونى بالرحيل مش حتنّى الكلمة» وقرر أنه سيترك الحكم فوراً، وأنه لن ينتظر أية إشارات من الجيش تطالبه بالرحيل، وأكد أن انحياز الجيش المصرى للشعب أمر يقينى لا نقاش فيه.
والسؤال: لو فرضنا -على سبيل الجدل ليس إلا- أن الناس نزلت ضد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» ليطالبوه بالرحيل.. هل سيكون لزاماً على هؤلاء الحصول على تصريح بمظاهرة تطالب برحيل رئيس الجمهورية؟! ولو قيل إن العدد هو الفيصل فى الأمر، فإن العدد الذى نزل يوم 25 يناير 2011 كان
يعد بالآلاف، ثم أخذت كرة الثلج فى التمدد، حتى وصلت إلى ملايين البشر يوم 28 يناير وخلال الأيام التى أعقبته. هل يستقيم أن يقول المشير «السيسى» إنه لن يتوانى عن الرحيل إذا خرجت مظاهرات تطالبه بذلك، فى الوقت الذى يؤكد فيه أنه لن يتوانى عن التعامل مع أية مظاهرات تضم أفراداً يطالبون برغيف عيش أو زيادة فى مرتب أو قبض حوافز؟! أظن أن «المشير» سيفعل خيراً إذا أعلن أنه ينظر بعين الاعتبار إلى مطالب البعض بتعديل قانون التظاهر، فسوف يفيده أن يطمئن المصريين بأنه منحاز إلى الحرية، بما فيها حرية التظاهر، لأن الحرية لا تعرف «التقشف»!
نقلآ عن الوطن