بقلم : علي سالم | الثلاثاء ٢١ يناير ٢٠١٤ -
٠٤:
٠٩ ص +02:00 EET
هيفاء وإليسا ونانسي
هو نجار ريفي كان يعبر النهر إلى موقع العمل عندما وقع منه المنشار في الماء وغاص في القاع، استولت على الرجل حالة من الضياع إلى الدرجة التي جعلت جنيّة في السماء من ذلك النوع الذي يهتم بمساعدة البشر، تنزل مسرعة كالشهاب وتغوص في النهر ثم تخرج له منشارا من الذهب، سألته: هل هذا هو منشارك؟
فأجاب في تعاسة: لأ.
فغاصت مرة أخرى ثم طفت على سطح الماء ومعها منشار من الفضة وصاحت: هل هذا هو؟
فأجابها: لا.. يا سيدتي الجنية.
وفى المرة الثالثة، غاصت ثم عادت ومعها منشار حديدي، فصاح الرجل فرحا: نعم يا سيدتي.. هذا هو.
فخرجت الجنية من الماء واقتربت منه وقالت له في رقة: أنت شخص أمين وقنوع في عصر امتلأ بالطماعين.. لا تريد شيئا أكثر مما لديك، اسمح لي أن أهديك هذه المناشير الثلاثة تقديرا لقناعتك وأمانتك.
وبعد أسبوعين حدثت لنفس النجار كارثة مفجعة، زوجته المسكينة سقطت وغاصت على الفور في النهر وكأنها صخرة، فصرخ الرجل وقد رفع عينيه إلى السماء: الحقيني يا سيدتي الجنية.
فى أقل من ثانية هبطت الجنية مندفعة كالصاروخ وغاصت في النهر ثم عادت وهى تحمل بين يديها جسم امرأة شابة، على الفور أيقن الرجل أنها ليست زوجته، فهذه الأنثى ذات جسد انسيابي جميل بينما جسم زوجته أشبه بالبرميل، استولت عليه الدهشة والحيرة بينما الجنية ترقدها على شاطئ النهر، ثم تضغط على جسمها لكي تخرج المياه من جوفها، الحمد لله، هي حية، تأملها الرجل، كانت صورة طبق الأصل من هيفاء وهبي، عادت الجنية تسأله: هل هذه هي زوجتك؟
فرد في حماس: نعم يا سيدتي.. إنها هي.
فصاحت فيه بغضب: زوجتك يا كداب يا نصاب.. يا غشاش يا مجرم.. هذه نسخة معدلة من هيفاء وهبي.. لقد خدعتني.. حالا سأعيد لك زوجتك ثم أفكر في حكم فظيع أصدره عليك يا مجرم.
وهنا قال النجار بثبات: يا سيدتي الجنية.. اسمعي دفاعي قبل أن تصدري حكمك عليّ.. نعم لقد أخطأت ولكن لأسباب نبيلة وإنسانية.. لقد خشيت أن أقول لك إنها ليست هي فتغوصين مرة أخرى وتأتيني بنسخة من إليسا، وعندما أقول لك ليست هي، تغوصين مرة ثالثة وتأتيني بنسخة من نانسي عجرم، وعندما أقول لك ليست هي ، تأتيني بزوجتي في النهاية.. ولأنك جنية كريمة فستقومين بإهدائي الثلاث سيدات تقديرا لنزاهتي وأمانتي.. وبالطبع لن أستطيع أن أرفض لك طلبا، وتكون النتيجة أن آخذ النساء الأربع معي إلى البيت.. لا إمكانياتي الجسمانية ولا المادية ولا النفسية تسمح لي بتلبية احتياجاتهن، ولذلك فضلت أن أضحى بزوجتي للخروج من هذا المأزق.
ما رأيك في تبريرات الرجل التي ساقها دفاعا عن نفسه؟ أليست منطقية؟ نعم، ولكنه المنطق الصوري الذي يستخدم عادة في ترويج الأكاذيب وليّ عنق الحقائق؛ لقد رفض المنشار الذهبي ليس لأمانته بل لأنه يعرف أنه تحفة لا تصلح في النجارة وأنه سيقبض عليه بعد دقائق من محاولة بيعه، أما هيفاء.. فلا بد أن يكذب طبعا، هو رجل وليس حمارا
الشرق الاوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع