بقلم مدحت بشاى
قال الإمام أحمد بن حنبل «إن أكثر فساد سيصيب الأمة سيأتى من سوء التأويل»، مستشهداً بما جاء فى القرآن الكريم «فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله».. وقال الجاحظ «إياك من زيغ الهوى»، و«زَيْغُ المسؤولِ» هو مَيْلُهُ عَنِ الحَقِّ، اِنْحِرافُهُ.
نعم، لدينا حكومة يمارس بعض أعضائها الميل عن الحق، وبعض آخر يتصرف بعد تأويله السيئ للنظم والقوانين واللوائح الحاكمة والمتعارف عليها عن قصد، أو بحسن نية نتيجة لنقص الخبرات والبعد عن نبض الشارع، وعليه يُفسد النظام عبر فقدانه مفاتيح التشغيل فتنهار إدارته لميوعة وليونة تم إشاعتها فى كل دوائر منظمته.
أيوه، لما يخرج د. حسام عيسى وزير التعليم العالى الذى يملك صلاحيات نائب رئيس وزراء، ويقول للناس «أنا لا يمكن أخالف أحكام القضاء وأرجع الحرس الجامعى»، فقد زاغ بكلامه عن عين الحق، هوه معاليه ما يعرفش وهو أستاذ قانون إن الحكم اللى بيتكلم عليه يخص جامعة القاهرة فقط.. ولو مش عارف مافيش حد يقول له.. وإيه العناد ده اللى يوصله لدرجة ترك الأمور إلى حد قتل طالب وإصابة العشرات فى العديد من الجامعات.. ولما الكارثة وصلت لإحراق العديد من المبانى وتخريب المنشآت الجامعية فى فوضى غير مسبوقة، وفشل الأمن الإدارى فى السيطرة على الموقف، اتصلت الجامعات بالشرطة التى أتت متأخرة ولكنها نجحت فى فرض السيطرة على الأمر، فتفضلت حكومتكم المكسوفة من اللى كان واللى حصل، بتصريح بتقول فيه إنه ممكن دخول الحرس عند الضرورة وبدون إذن لأنه تم كمان محاصرة قيادات جامعية. يا معالى الوزير لقد وصل الحال ببنات جامعة الأزهر إلى القيام بالهجوم على عميدتهم وحبسها ولولا حكمة العميدة وتصرفها واتصالها بقيادات عسكرية كان زمانها لسه مُحاصرة.. هوه معاليك ما سمعتش رئيس نادى هيئة التدريس بجامعة الأزهر، وهو بيحكى تليفزيونياً إن الطلبة فى جامعته أسقطوا «جيب» أستاذتهم لتقف بالأندروير.. إفرض الست مش مستعدة للموقف ده؟!!.. يافضيحتى، ماذا بعد سقوط «جيب»، أقصد هيبة ومكانة، الأستاذ الجامعى.. لقد قال نصاً إن الجامعات تم هتك عرضها فى عصركم !!.
أما الأقسى والأمر على النفس والضمير الوطنى وقوف الست «باكينام» سيدة القصر الإخوانى سابقاً تقود مظاهرة على سلالم مبنى قبة جامعة القاهرة، وهى متشحة بوشاح جماعة من أساتذة الجامعة ضد اللى قالوا إنه انقلاب، وفى مقدمتهم د.سيف عبدالفتاح مستشار «المعزول» السابق.. يا فضيحتى يا جامعة القاهرة لما أساتذة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يقفوا للدفاع عن شرعية حكم جماعة إرهابية بهدلت البلد وعملت كوارث هى الأبشع فى تاريخ مصر.. ماذا يمكن أن يقوموا بتعليم طلابهم؟!!.. ورئيس الجامعة رجل القانون وفارس لجنة وضع الدستور «لاحس ولا خبر»، قاعد فى مكتبه فى نفس المبنى، إن شالله يروح اسم وتاريخ جامعته فى داهية.. قاعد وعلى قلبه مراوح..لا أكاد أتصور أنه يجلس على مقعد «أحمد لطفى السيد» رائد التنوير والمدافع عن حرية الجامعات ورقيها.. أظن أن وظيفة رئيس الجامعة مازالت شاغرة.. مطلوب رئيس جامعة يعرف يعنى إيه ما ينفعش التسويق لإرهاب الإخوان على بابها!!
الظاهر أنا وقعت فى بير الغلط، هيعرف إزاى رئيس الجامعة، إنها جماعة إرهابية إذا كان رئيس حكومته الرشيدة بيعلن عدم قدرة حكومته على وصف جماعة الإخوان المسلمين بالجماعة الإرهابية، إلا من خلال المحاكمات وفى إطار القانون !!.. والحقيقة فى هذا المجال أتفق تماماً مع قول الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وهو يتحدث عن الببلاوى، إن الرجل حاله ككل من عملوا لمدد طويلة فى وظائف دولية من المَرضىّ عنهم، فيمدد لهم بقبول من أنظمة الدول الكبرى مثل الدكتور البرادعى (وذكر أن د. يطرس غالى تم الإطاحة به لأنه صاحب رأى مستقل وحر)، وأضاف أن غربة هؤلاء تغيبهم عن الإحساس بأحوال مواطنيهم ومشاكلهم.. أعتقد أن توصيف الدوافع التى تجعل رئيس الحكومة يتورط فى مثل تلك المواقف، والاندفاع بإطلاق تصريحات كما أشار إليها النمنم- معقول جداً.
لقد كان ينبغى لرئيس الحكومة الرجوع إلى المادة ٨٦ والمادة ٨٦ مكرر من قانون العقوبات، التى حددت المقصود بالأعمال الإرهابية، قبل إطلاق تلك التصريحات التى باتت مشجعة لكل فصائل الإرهاب على أرض الوطن.
كان ينبغى للببلاوى ألا يزيغ كمسؤول عن قول الحق، بالاستعانة بخبرات أنظمة الدول التى اعتبرت بالفعل جماعة الإخوان جماعة إرهابية، بل يقرأ تاريخ بلاده ليعرف كيف أطاح بهم النقراشى وناصر، ولّا «مصر» يا دولة رئيس الحكومة بتتقزم إرادتها وبتتنيل «لا مؤاخذة» إدارتها، ولّا ناوى ترفع علامة رابعة.. ليكى ربنا يا ثورة شعبنا!!
medhatbe@gmail.com