مريم حنا

 
 
طُبق هذا الأسلوب في بداية المفاوضات بين الكوريتين, حيث اتفقت كل من كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية على أن تبدأ المفاوضات في حضور 6 أعضاء من الدول المحايدة على أن تختار كل منهما ثلاثة أعضاء حيث اختارت كوريا الجنوبية ثلاث دول من بينها أمريكا, بينما اختارت كوريا الشمالية دولتين فقط ليس من بينهما الاتحاد السوفيتي, بعد بداية المفاوضات بفترة قصيرة قامت كوريا الشمالية بإضافة الاتحاد السوفيتي كدولة ثالثة.
 
 
هنا اعترضت كوريا الجنوبية على أساس أن الاتحاد السوفيتي دولة غير محايدة ولكن كوريا الشمالية ردت بأن الاتحاد السوفيتي ليس طرفًا مباشرًا في النزاع مثل أمريكا, بعد الكثير من المجادلات والمحاورات وافقت كوريا الشمالية على استبعاد الاتحاد السوفيتي بعد الحصول علىبعض التنازلات من كوريا الجنوبية.
 
 
يستخدم هذا الأسلوب عندما يقوم أحد الأطراف بعرض أحد الطلبات غير الواقعية ليس لغرض إلا الحصول على تنازلات من الطرف الأخر مقابل التخلي عن هذه الطلبات, ويُستخدم أيضًا عندما يكون الوقت عامل هام لدى الطرف الآخر. ولقد سُمي باسم الرنجة نظرًا لأنه يقوم بتسوية الآخر على نار هادئة مثل الرنجة.
 
عزيزي القاريء
أليس هذا ما حدث؟!
ألم يحاول الإخوان الاستقواء بامريكا وغيرها على الشعب المصري؟!
ألم يكن الهدف هو الحصول على الكثير من التنازلات لصالحهم ؟
هل ظن الإخوان أننا دجاج ولسنا نسور؟
يُحكى أن نسرًا كان يعيش في إحدى الجبال ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار, وكان عش النسر يحتوي على 4 بيضات, ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت إلى أن استقرت في حظيرة للدجاج, وظنت الدجاجات بأن عليها أن تحمي وتعتني ببيضة النسر هذه, وتطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة إلى أن تفقس. وفي أحد الأيام فقست البيضة وخرج منها نسر صغير جميل, ولكن هذا النسر بدأ يتربى على أنه دجاجة, وأصبح يعرف أنه ليس إلا دجاجة, وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة حظيرة الدجاج شاهد مجموعة من النسور تحلق عاليًا في السماء, تمنى هذا النسر لو يستطيع التحليق عاليًا مثل هؤلاء النسور لكنه قُوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلين له: ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عاليًا مثل النسور, وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي, وآلمه اليأس ولم يلبث أن مات بعد أن عاش حياة طويلة مثل الدجاج.
 
عزيزي القاريء
لعلك أدركت المعنى, إن كنت نسرًا فلا تستمع لكلمات الدجاج.
ألم نثبت للعالم كله أننا نسور ولسنا دجاج, ألم نحلق في سماء الحرية وأمامنا قائد عظيم.
 
عزيزي القاريء
أقول لك أننا الآن في أهم مرحلة من مراحل إدارة الأزمة ألا وهي مرحلة حل الأزمة.
 
تتجلى الحاجة للإدارة خلال أوقات الأزمات. وفي هذا يقول الرئيس الأمريكي جيفرسون كثيرًا ما أشقاني التفكير في إحدى المشكلات العويصة حتي ساعات متأخرة من الليل فلا أجد مخرجًا سوى إعلان الرئيس بها ولكن ما إذا استيقظت في الصباح حتى أدركت أني أنا الرئيس. إن غالبية السياسات والإجراءات تم تصميمها للتعامل مع الحالات الاعتيادية فغالبيتها لا تصلح للتعامل مع الأزمات وأحد أسباب ذلك هو عدم وجود طريق مخصص للتعامل مع الأزمات.
 
عند انفجار الأزمة يجب الحرص على التدخل المباشر لأعلى شخصية في الهيئة الإدارية وفي معظم حالات الأزمات يجب أن تخرج هذه الشخصية لتلقي بتصريحات وتتعامل مع الأطراف الأخرى ولم تحدث حالة نجحت فيها المؤسسة في إحتواء الأزمة إحتواءًا تامًا دون التدخل المباشر لهذه الشخصية. يدفعنا هنا للتوصل لمركزية صناعة القرارات أثناء الأزمات ولكن لا يجب أن تتم مركزية صناعة القرارات على حساب سرعة التعامل والتفاوض مع الأطراف الأخرى.
 
إحدى المميزات التي كانت في الجانب الأمريكي على الجانب السوفيتي طوال تاريخهم التفاوضي هي سرعة صناعة عملية القرار لدى الجانب الأمريكي عن السوفيتي والذي يقيد فيه الحلف سلطان الرئيس.
 
لكن هذا لا يعني أن مجرد تواجد الشخصية الإدارية الأكبر يكفي وحده لفك لعنة الأزمة. فهذه الشخصية الإدارية يجب أن تتمتع بالقبول وأن يرى فيها الآخرون المصداقية اللازمة.
 
هذا هو داري جيتس رئيس شرطة لوس انجلوس يتدخل في الأحداث الدامية التي هزت المدينة عقب عرض شريط فيديو يصور أفرادًا من الشرطة يعذبون الزنجي دوثي ليندج بعد القبض عليه. لكن شخصية دارى جيتس الرافضة للاعتذار والاعتراف بالخطأ وتهدئة مشاعر الجماهير الثائرة من التمرد وكانت النتيجة خسائر تزيد ثمانمائة مليون دولار نتيجة لتحطيم الممتلكات أثناء أحداث الشغب وإمتناع أفراد الشرطة عن منع هذه الأحداث تعبيرًا عن امتعاضهم. إن ما يريده جمهور الناس عقب الأزمة هو شخصية ذات مصداقية تعبر عن قدرتها على قيادة الأمور إلى بر الأمان. وكما أن هناك وقتًا أخر لإرخاء العنان وكما يعرف المدير الذكي متي يقفز إلى منصب الديكتاتور ليفرض أوامره المركزية للجميع عليه أيضًا أن يعرف متى يمثل دور الغائب ويرخي العنان دون أن يفعله.
 
أليس هذا ما فاجأنا به الفريق السيسي ألا وهو السرعة والدقة في اتخاذ القرار.
فهنيئًا لنا بالقائد النسر.