الكاردينال بارولين: الفرح الحقيقي يولد وسط الألم في عظة يوبيل الحرس السويسري
محرر الأقباط متحدون
الثلاثاء ١٦ ديسمبر ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين يوم السبت الفائت القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان احتفالاً بيوبيل الحرس السويسري والدرك ورجال الإطفاء في دولة حاضرة الفاتيكان، وذلك قبل أسابيع قليلة على اختتام السنة اليوبيلية وإقفال الباب المقدس، وألقى عظة خلال القداس حثّ فيها المشاركين على أن يقبلوا، على غرار القديس يوحنا المعمدان، "فرح ومفارقة الخلاص" حتى وسط الألم الشديد.
استهل نيافته العظة لافتا إلى أن الرب يأتي إلينا ويزورنا في البراري الوجودية، وهو لا يجعل المشاكل تختفي، لكنه يساعدنا على مواجهتها معه. بهذه الكلمات شاء الكاردينال بارولين أن يسلط الضوء على الاحتفال بهذا اليوبيل تزامناً مع اقتراب عيد الميلاد المجيد، الذي شكل لحظة دخول الرب المخلص في تاريخ البشرية وفي تاريخ كل إنسان. وأضاف أن هذا الفرح ينبع أيضا من رجاء اليوبيل، وهو موجه بنوع خاص إلى من يعتقدون أنهم فقدوه بالكامل، مشيرا إلى أن الرب يريد، قبل كل شيء آخر، أن يصل هذا الفرح إلى الأشخاص المهمشين والمقصيين والمحرومين من السعادة، إلى من يبكون وهم فريسةٌ للحزن والألم الشديدين. ومن المفارقة أن الفرح يترافق مع الحزن، بيد أن الكتاب المقدس يعلمنا أن الرجاء هو بمثابة باب مشرع على واقع أعظم، يساعدنا على تخطي محدودية أفكارنا.
بعدها شدد نيافته على ضرورة أن نسعى إلى عبور هذا الباب، وإلى تقبل هذه المفارقة التي يتحدث عنها الإنجيل، لكونها تساعدنا على الارتداد والتوبة. وهي الدعوة التي وجهها القديس يوحنا المعمدان، من على ضفاف نهر الأردن، إلى الخطأة حاثاً إياهم على التوبة. وتوقف بارولين عند واقعة اعتقال يوحنا المعمدان من قبل الملك هيرودس وبلاطه الفاسد، ومن المفارقة أن هذا القديس الذي جاء ليُعد طريق الرب استُعملت الفأس ضده، عندما قُطعت رأسه، وبعد أن كان قد أكد أن الفأس ستوضع عند جذع كل شجرة فاسدة كي تُقطع وتُرمى في النار. وأكد نيافته أن هذا الاختبار الذي عاشه يوحنا المعمدان ليس بعيداً عنا في هذه الحياة خصوصا عندما يُجرَّب إيماننا، ويتهيأ لنا أن الله فقد السيطرة على مجريات الأحداث والتاريخ.
هذا ثم ذكر المسؤول الفاتيكاني بأن تلاميذ يوحنا المعمدان ذهبوا إلى يسوع ليسألوه ما إذا كان المسيح المنتظر، فأجابهم الرب قائلا لهم إن بشارة الإنجيل تُعلن على المساكين، وقد تعين على يوحنا أن يتقاسم المصير المرّ لأفقر الفقراء والمساكين، وأن يختبر أن الخلاص لا يمكن أن يتم بعيداً عن الألم والمعاناة والموت، إذ يحصل داخل هذه الأبعاد المأساوية من حياة الإنسان. وخلال تواجده وحيداً في السجن اختبر أن الرب لم يتخلى عنه، وأدرك أيضا أن البشرى السارة موجهة أساساً إلى الأشخاص المهمشين والمقصيين، في كل زمان ومكان.
وعاد نيافته ليؤكد أن ما يختاره الرب ليس أن يجعل مشاكلنا تختفي بسحر ساحر، إذ شاء أن يأتي ليزورنا في ضعفنا وبؤسنا وألمنا، وهو يمكث معنا وسط المعاناة. وذكّر الكاردينال بارولين أيضا بأن النبي أشعياء تحدث عن البذور التي ستنبت في البرية، في المكان حيث يبدو أن الموت هو سيد الموقف، وهناك بالتحديد تنبت الحياة وتزهر، وتحصل الولادة الجديدة. وأكد بعدها أن هذه التعزية وهذا الفرح الذي يأتي من المسيح يجعلاننا أشخاصا أسخياء قادرين على الغوص داخل معاناة الآخرين وآلامهم، ويمنحاننا أيضا إرادة اكتشاف الشخص الآخر، ومساعدته بشتى الوسائل على التحرر من كل ما يبعده عن الله والآخرين.
في ختام عظته احتفالاً بيوبيل الحرس السويسري والدرك ورجال الإطفاء في دولة حاضرة الفاتيكان أوكل الكاردينال بارولين المشاركين في القداس إلى شفاعة العذراء مريم، قائلا إنها مصدر الفرح وسبب سعادتنا، مضيفا أننا نتعلم منها أن نحتفظ في قلوبنا على إيمان ساكن ومطمئن، وعلى رجاء مفعم بالثقة اللذين يمكناننا من عيش حياة سعيدة حتى وسط المحن.