
الأنبا عمانوئيل في منتدى دندرة: التعليم هو قاطرة التنمية وأغلى استثمار للمستقبل
محرر الأقباط متحدون
الثلاثاء ٧ اكتوبر ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
ألقى نيافة الأنبا عمانوئيل عياد، مطران إيبارشية طيبة للأقباط الكاثوليك، كلمة خلال مشاركته في منتدى دندرة الاقتصادي (11)، تحت عنوان "التعليم محور النماء الإنساني والنمو الاقتصادي"، وجاء بها:
بسم الله الواحد الخالق الذي نعبده جميعًا مصدر الحياة ويجمعنا في كيان واحد وهو الأخوة الإنسانية، صاحب السمو الأمير هاشم الدندراوي، رئيس مركز دندرة التنموي، السيدات والسادة، أصحاب الفكر، وصُنّاع الأمل، الحضور الموقر، تحية طيبة مباركة، تحية قلبية صادقة لكم جميعًا، باسم الكنيسة الكاثوليكة، وبالأصالة عن نفسي، أتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان إلى مركز دندرة التنموي، ممثلاً في صاحب السمو الأمير هاشم الدندراوي، رئيس المركز، على دعوتكم الكريمة لحضور هذا اللقاء.
إن مشاركتنا في هذا المنتدى تمثل فرصة ثمينة للحوار المشترك، وتعكس روح التعاون والتكامل من أجل بناء مستقبل أفضل لمجتمعاتنا في صعيد مصر، في ظل ما تبذلونه من جهود صادقة لدفع عجلة التنمية، وتعزيز الوعي الاقتصادي، وفتح آفاق جديدة أمام الشباب.
إنه يسعدني ويشرفني أن أشارك معكم اليوم في هذا المؤتمر الهام، الذي يأتي في توقيت بالغ الأهمية، ويعالج واحدًا من أعمدة النهوض الحقيقي بمجتمعاتنا، وهو التعليم، باعتباره جوهر النماء الإنساني، وقاطرة التنمية الاقتصادية.
إن الإنسان هو محور التنمية، ولا يُمكن أن يزدهر أي مجتمع ما لم يكن التعليم فيه أداة للارتقاء بالعقل، وبناء القيم، وتعزيز الإبداع. والتعليم الذي ننشده، هو ذاك الذي يُنمي الوعي، ويزرع في القلوب حب الوطن، وفي العقول روح المبادرة، وفي السلوكيات ثقافة العمل والتعايش والانتماء.
إن التعليم ليس مجرد تلقين معلومة، بل هو تربية متكاملة تهدف إلى تمكين الإنسان ليُدرك ذاته، ويُحسن علاقته بالآخر، ويضبط تفاعلاته داخل المجتمع وفق قيم راسخة. الإنسان المُتعلِّم بحق، هو ذاك الذي يُحسن الإصغاء كما يُحسن التعبير، ويُوازن بين الحرية والمسؤولية.
إن التعليم الذي نطمح إليه، هو الذي يغرس في نفوس النشء قيم الانتماء، والاحترام، والمواطنة الصالحة. وهو الذي يُنشئ جيلاً يُدرك أهمية الحوار، ويؤمن بالتنوع، ويسعى إلى الإصلاح لا إلى الصدام. إن بناء الوعي للجميع هو الضامن الحقيقي لوحدة المجتمع وسلامه واستقراره، لذلك لا تنمية بدون وعي، ولا وعي بدون تعليم.
إن من أخطر ما يُواجهنا اليوم هو النظر إلى التعليم كعبء، في حين أن الحقيقة تقول: التعليم هو أغلى استثمار وأطولُه أثرًا. فبالعلم تتقدم الأمم، وبالمعرفة تُولد الفرص، ومن خلال تنمية الإنسان تتولد القيمة الحقيقية لأي اقتصاد.
علينا أن نعيد الاعتبار إلى الإنسان كأهم مورد، وأن نجعل من نظامنا التعليمي منصة لصناعة الكفاءات، لا مجرد إنتاج الشهادات.
إن أي محاولة لتحقيق نمو اقتصادي دون أساس تعليمي متين، محكوم عليها بالهشاشة والزوال. فالتعليم هو الطريق إلى الابتكار، والابتكار هو روح الاقتصاد الجديد.
حين نربط التعليم بسوق العمل، ونغرس فيه ثقافة ريادة الأعمال، ونفتح أمام الشباب مسارات جديدة، نكون قد وضعنا حجر الأساس لتنمية مستدامة قادرة على الصمود والتطور.
السيدات والسادة،
إنّ رسالة هذا المنتدى تتلاقى بشكل وثيق مع رسالتنا في الكنيسة، حيث نؤمن أن بناء الإنسان العقلي والروحي والخلقي هو واجب مقدس.
وختامًا، نؤمن أن التعليم ليس مجرد عملية لنقل المعلومات، بل هو رسالة، ورسالتنا جميعاً – كمؤسسات دينية، وتنموية، ومجتمعية – أن نُسهم في ترسيخ هذه الرسالة، من أجل بناء إنسانٍ واعٍ، ومجتمعٍ قادرٍ على مواجهة تحديات الحاضر وصناعة مستقبل أفضل.
في النهاية أود أن أعبر عن خالص تقديري لمركز دندرة التنموي، على ما يبذله من جهود ملحوظة في دعم قضايا التنمية في صعيد مصر، وحرصه الدائم على إشراك كل فئات المجتمع في هذا الحراك الفكري والاقتصادي البنّاء، بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني والديني، مما يُجسد وحدة الهدف والمصير.
كما أشكر صاحب السمو الأمير هاشم الدندراوي، على رؤيته الواعية، وإيمانه بأن التنمية لا تنجح إلا إذا كانت شاملة، يشارك فيها الجميع، وتُبنى على العلم والمعرفة.
نصلي إلى الله أن يبارك عملكم، ويوفق مساعيكم لما فيه خير الوطن وخدمة الإنسان. مع كل الشكر والتقدير لحضراتكم جميعاً ودمتم في حفظ الله.