
الكاردينال بيتسابالا: الحرب في غزة ستنتهي لكن درب السلام طويل ومعقد
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ٣ اكتوبر ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
في مقابلة أجراها ماريو كالبريسي لصالح Chora Media، وصف بطريرك القدس للاتين معاناة المدنيين في القطاع، متمنياً نهاية وشيكة لأعمال العنف. كذلك أعرب الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، أولاً عن ارتياحه لسلامة طواقم أسطول "Global Sumud"، الذي كان له الفضل في إيقاظ وعي الرأي العام إزاء خطورة الوضع في غزة. وأكد في حديثه مع كالبريسي أن ظروف حياة الفلسطينيين في القطاع، على الرغم من النوايا الحسنة، لم يطرأ عليها أي تغيير
وقال الكاردينال: "لدي الانطباع أن مأساة غزة قد أظهرت وعياً بالكرامة كان دفيناً ولم يكن يتمّ التعبير عنه في الوعي العام. أما الآن فقد ظهر إلى السطح، فقد أيقظ شيئاً ما، حتى الغضب. أرى مشاركة واسعة، وهذا جانب إيجابي". ومع ذلك، لم يتغير شيء فيما يتعلق بالحياة داخل القطاع، يوضح الكاردينال: "إنّ الصور الواردة لا تعكس سوى جزء يسير من الواقع. إنّ الدمار هائل، أكثر من ٨٠% من البنى التحتية مدمرة. مئات الآلاف اضطروا إلى النزوح حتى سبع مرات خلال عامين مع أسرهم". وأوضح أن حياة الناس مدمَّرة بالكامل، مع غياب شبه تام للمستشفيات والرعاية الصحية، ليس فقط للجرحى والمصابين، بل أيضاً للمرضى المزمنين مثل مرضى الكلى والسرطان.
وأشار الكاردينال بيتسابالا إلى أن "الأطفال والشباب يعيشون عامهم الثالث من دون مدرسة. وبالتالي يصعب الحديث عن الرجاء من دون تعليم". وأضاف: "ومن ثمّ هناك الجوع، جوع حقيقي: نقص في الفواكه والخضروات واللحوم، أي نقص في الفيتامينات والبروتينات. والحدود مغلقة بإحكام، إنها كارثة تامة". وضع يعيشه أيضاً أفراد الرعية الكاثوليكية في غزة، نحو ٥٠٠ شخص معظمهم مرضى ومعوّقون ومسنون، إلى جانب الرهبان والراهبات. وأكد: "هؤلاء لا يمكنهم مغادرة المكان لأنهم لن يحتملوا السفر، وإذا بقوا، يبقى كهنة الكنيسة وراهباتها معهم. إنها ليست مسألة سياسية. لكن ما يفرحني هو رؤية هذه الكنيسة التي تقرر البقاء، شاهدة حية، سلمية، ولا تخاف".
ويرى البطريرك أن "هذا الوضع غير مقبول ولا يمكن تبريره. كنا نعلم أن هناك رداً بعد ٧ أكتوبر، لكن ما يحدث الآن غير مبرر ولا أخلاقي. المؤلم هو الاستهداف المستمر للمدنيين: الجوع، انعدام الاستقرار، التنقل القسري، تدمير كل شيء". لقد أثارت الحملة الدولية للتدمير الصارخ للقطاع الوعي بمعنى الكرامة الإنسانية والحقوق، لكن، بالنسبة لبيتسابالا، الدرب نحو السلام لا يزال طويلاً. وأوضح: "بينما نتحدث، ننتظر ردّ حماس على ما يسمى بخطة ترامب. إنّ الخطة مليئة بالثغرات، ولا توجد خطة كاملة أبداً. لكن الجميع مرهق ومنهك من هذه الحرب. من الواضح أننا نقترب من الخاتمة، وآمل أن تكون وشيكة بموافقة حماس. ومع ذلك، نهاية الحرب لا تعني السلام. لأن السلام هو كلمة كبيرة ومُلزمة. إنّ الحرب قد تنتهي، لكن الصراع سيستمر طويلاً، أولاً لأن جذور الحرب لم تُعالج، وثانياً لأن الحقد والضغينة التي خلّفتها ستبقى بين الشعبين زمناً طويلاً".
وتوقف عند أثر هجوم حماس في ٧ أكتوبر وأزمة الرهائن على المجتمع الإسرائيلي، قائلاً: "لقد كان ذلك صدمة عميقة. إنَّ إسرائيل قد وُلدت لتكون المكان الذي يشعر فيه اليهود بالأمان. وما حدث في ٧ أكتوبر شكّل صدمة كبرى، إذ لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية والمحرقة، شهدوا مجزرة بهذه الضخامة. لقد فقدوا الشعور بأن إسرائيل بلد آمن، وهذا جرح بالغ العمق".
واختتم بطريرك القدس للاتين حديثه قائلاً: "إنَّ الحديث الآن عن التعايش بين الشعبين غير ممكن، ولن يُفهم. لا بد أولاً من مسار طويل يعترف بالأخطاء المتبادلة ويهيئ لجوّ من الغفران. لكن هذا لا يعني عدم وجود أشخاص يعملون من أجل السلام. هؤلاء مهمون، لأنهم سيكونون ضروريين عند إعادة الإعمار، لأننا سنحتاج إلى أشخاص ما زال لديهم الشجاعة ليفكروا بطريقة مختلفة، خارج السائد والتيار. أعتقد أن الأمر ممكن، لكننا بحاجة إلى قيادة ورؤية، إلى من يجرؤ على التعبير عن هذا التوق".