الأقباط متحدون - مأساة غزة .. صدور كتاب لاوُن الرابع عشر: مواطن العالم .. مُرسَل القرن الحادي والعشرين : لنخرج من الاستقطابات ولنَبْنِ الجسور في الكنيسة والعالم
  • ١٣:٣٦
  • الخميس , ١٨ سبتمبر ٢٠٢٥
English version

مأساة غزة .. صدور كتاب "لاوُن الرابع عشر: مواطن العالم .. مُرسَل القرن الحادي والعشرين" : لنخرج من الاستقطابات ولنَبْنِ الجسور في الكنيسة والعالم

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٣٦: ٠١ م +03:00 EEST

الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠٢٥

البابا لاون
البابا لاون
كتب - محرر الاقباط متحدون 
صدر كتاب بعنوان "لاوُن الرابع عشر: مواطن العالم، مُرسَل القرن الحادي والعشرين" ويتضمّن النص الكامل للمقابلة التي منحها الحبر الأعظم للصحفية إليس آن ألن من موقع "Crux" ومن بين المواضيع التي تطرّقت إليها المقابلة: مأساة غزة، السياسة تجاه الصين، دور المرأة، استقبال الأشخاص من مجتمع الميم، قضايا الانتهاكات، الوضع المالي للكرسي الرسولي، الذكاء الاصطناعي والأخبار الكاذبة.
 
يؤكّد البابا أنّه، بصفته بابا، يسعى إلى "بناء الجسور" و"عدم تغذية الاستقطابات" القائمة في العالم والكنيسة. ويصف الوضع في غزة بأنّه "مروّع"، محذّراً من أن نصبح "غير مبالين" أمام ما يحدث، ويعلن أنّ الكرسي الرسولي "لا يرى في الوقت الحالي" إمكانية إصدار أي بيان بشأن توصيف ما يحدث كإبادة جماعية. ويؤكد أنّه لا يريد التدخل في السياسة الداخلية لبلده الأمّ، الولايات المتحدة، لكنّه "لا يخاف" من طرح القضايا الملحّة حتى في مواجهة الرئيس ترامب. وبخصوص الصين، يطمئن أنّه سيواصل السياسة التي اتّبعها الكرسي الرسولي وسابقيه، وعلى خطى البابا فرنسيس، يأمل في الاستمرار بتعيين النساء في مواقع قيادية، مؤكداً في الوقت عينه أنّه لا ينوي تغيير تعليم الكنيسة بشأن كهنوت المرأة. أما بالنسبة للأشخاص من مجتمع الميم، فيشدد على الانفتاح على "الجميع، الجميع، الجميع"، لكن من دون تغيير تعليم الكنيسة الذي "سيبقى كما هو". ويصف الانتهاكات بأنها أزمة حقيقية، داعياً إلى قرب أكبر من الضحايا، مع التذكير بأن بعض الاتهامات كانت كاذبة. أما بالنسبة إلى "الأزمة" المالية، فيطلب عدم "التذمّر" بل الاستمرار في وضع خطط، مضيفاً: "لكننّي لا أفقد النوم بسببها".
 
تضمُّ المقابلة – الأولى من نوعها –أسئلة وأجوبة حول قضايا راهنة تهمّ الكنيسة والعالم، وقد أُعلنت مقتطفات منها في ١٤ أيلول، يوم عيد ميلاد الكاردينال روبرت فرانسيس بريفوست، قبل نشرها كاملاً في الكتاب الذي صدر في ١٨ أيلول، باللغة الإسبانية عن دار"Penguin Perú" . من بين الأسئلة الأولى التي وُجّهت إلى البابا كان السؤال عن الوضع في غزة. ويشير إلى أنّه "رغم وجود ضغط ما" على إسرائيل من الولايات المتحدة، ورغم تصريحات الرئيس ترامب، "لم تكن هناك استجابة واضحة" لـ"تخفيف آلام السكان". ويؤكد البابا أنّ هذا الأمر "مقلق للغاية" نظراً إلى الظروف التي يعيشها كثيرون، خصوصاً الأطفال الذين يعانون "الجوع الحقيقي". ويرى أنّهم سيحتاجون في المستقبل إلى "مساعدات طبية كبيرة فضلاً عن المساعدات الإنسانية". ويأمل ألا نصبح "غير مبالين" لما يحدث في القطاع: "من المروّع رؤية تلك الصور على شاشات التلفزيون… لا يمكن تحمّل هذا الكم من الألم".
 
أما بالنسبة لاستخدام كلمة "إبادة جماعية" التي "تتردد أكثر فأكثر" حول مأساة غزة، فيوضح البابا أنّ "الكرسي الرسولي رسمياً لا يرى في الوقت الحالي إمكانية إصدار بيان بهذا الشأن". ويذكّر بأن "هناك تعريفاً تقنياً دقيقاً لما يمكن أن يُعتبر إبادة جماعية. لكن عددًا متزايدًا من الأشخاص يطرحون هذه المسألة، من بينهم مجموعتان لحقوق الإنسان في إسرائيل قد أصدرتا بياناً بهذا الخصوص".
 
وفي سياق الجغرافيا السياسية أيضاً، ينظر البابا لاوُن الرابع عشر إلى الصين باعتبارها طرفاً عالمياً أساسياً، مؤكداً استمراره في "السياسة التي اتبعها الكرسي الرسولي منذ سنوات"، من دون ادعاء "الحكمة أو الخبرة" أكثر من أسلافه. ويشير إلى أنه "في حوار مستمر منذ فترة مع عدة شخصيات صينية" ويسعى إلى "فهم أوضح لكيفية استمرار الكنيسة في رسالتها مع احترام الثقافة والمشاكل السياسية"، وكذلك احترام الجماعة الكاثوليكية التي "عاشت لسنوات طويلة نوعاً من الاضطهاد أو الصعوبات في عيش الإيمان بحرية". ويعترف البابا بأنّ "الوضع معقد للغاية".
 
ويضيف أوّل بابا من الولايات المتحدة أنّه لا يعتقد أن أصله الأميركي يحدث فرقاً كبيراً في الديناميكيات العالمية، لكنه يأمل أن يُحدث فرقاً في العلاقة مع أساقفة الولايات المتحدة حيث ظهرت توترات مع الحبرية السابقة: "كوني أميركياً يعني، من بين أمور أخرى، أنّ الناس لا يمكنهم القول كما قالوا عن البابا فرنسيس: "إنه لا يفهم الولايات المتحدة، إنه لا يرى ما يحدث". ويوضح بجلاء: "ليس لدي أي نية للتدخل في السياسة الحزبية"، مشدداً على أنّه إذا استدعى الأمر مواضيع محدّدة "فلن أتردّد في طرحها". ويشير البابا إلى أنّ ترامب نفسه قال مؤخراً إنه لا ينوي لقاء البابا، مضيفاً أنّ "أخاه شخص جيد"، في إشارة إلى شقيق البابا الأكبر لويس، الذي استقبله ترامب في المكتب البيضاوي بعد أيام من الكونكلاف. ويؤكد البابا: "أحد إخوتي التقى به وكان صريحاً جداً في آرائه السياسية".
ويتحدث أيضاً عن علاقة القرابة مع إخوته، قائلاً: "ما زلنا قريبين جداً، حتى لو كان أحدهم بعيداً سياسياً".
 
حيّز واسع من المقابلة خُصّص لأزمة الاعتداءات الجنسية في الكنيسة، والتي يصفها البابا بأنها "أزمة لم تُحل بعد"، داعياً إلى "احترام كبير" للضحايا الذين يحمل كثير منهم جرح الإساءة طوال حياتهم. ويذكر إحصاءات تشير إلى أن "أكثر من ٩٠٪ ممن يقدّمون اتهامات هم ضحايا حقيقيون". ومع ذلك، يقرّ بوجود "حالات مثبتة لبعض الاتهامات الكاذبة" ما دمّر حياة بعض الكهنة. ويشدد على أنّ "الاتهام لا يلغي قرينة البراءة"، ما يعني ضرورة حماية حقوق المتهمين أيضاً. لكنه يضيف أن مجرد قول ذلك قد يكون سبباً لألم أكبر للضحايا. ويوضح أنّ "مسألة الاعتداءات لا يمكنها أن تصبح محور الكنيسة"، إذ إنّ "الغالبية الساحقة من الكهنة والأساقفة والمكرّسين لم يسيئوا لأحد"، وبالتالي لا يمكن حصر اهتمام الكنيسة بهذا الموضوع فقط.
 
أما في ما يخصّ الأشخاص من مجتمع الميم والنساء، فيوضح البابا أنه لا يريد تشجيع أي استقطاب داخل الكنيسة. ويشير إلى وثيقة "Fiducia Supplicans" مبيّناً أنّ مضمونها الأساسي هو "نعم، يمكننا أن نبارك الجميع، لكن لا ينبغي أن نسعى إلى طقس يضفي طابعاً احتفالياً على أي بركة من هذا النوع". وإذ يعانق رسالة البابا فرنسيس إلى استقبال الجميع يؤكد البابا لاوُن الرابع عشر أن الجميع "مدعوون" لا بسبب "هوية محدّدة" بل لأنهم "أبناء الله"، من دون أن يعني ذلك تغيير العقيدة: "أجد من غير المرجح، بالتأكيد في المستقبل القريب، أن يتغير تعليم الكنيسة حول موضوع الجنس والزواج"، مشيراً إلى أنّ الزواج هو "اتحاد بين رجل وامرأة" "يتبارك في سرّ الزواج". وبخصوص كهنوت المرأة، يؤكد أنّه "سيسير على خطى البابا فرنسيس في تعيين النساء في مناصب قيادية على مستويات مختلفة في حياة الكنيسة"، لكنّه لا يعتزم تغيير التعليم الكنسي حول ما يسمّى بالشمّاسات.
 
أما على الصعيد المالي، فيقدّم البابا رؤية واقعية: "بدأت تتضح لي الأمور"، يقول مؤكداً تحقيق فائض يناهز ٦٠ مليون يورو في ميزانية إدارة أملاك الكرسي الرسولي لعام ٢٠٢٤، مشيراً إلى ملف صندوق التقاعد الذي "يجب النظر فيه" وواصفاً إياه بأنه "مشكلة عالمية"، وإلى تأثير جائحة فيروس الكورونا على متاحف الفاتيكان، "أحد أهم مصادر الدخل للكرسي الرسولي". كذلك شدد البابا على ضرورة تجنّب "الأخطاء" التي ارتُكبت في السنوات الماضية، مذكّراً بقضية عقار لندن وما سبّبته من "خسائر بملايين اليورو" ومن "دعاية كبيرة". ويثني على "الخطوات الهامة" التي اتُّخذت في عهد البابا فرنسيس على صعيد الرقابة والتوازنات، لكنه يحذر من "الاسترخاء والقول إن الأزمة انتهت".
 
وفي ملف الإصلاحات، يعلن البابا عن نيته اتخاذ "قرارات" تتعلق بـ "تفكيك أو إعادة تشكيل" طريقة عمل الدوائر الفاتيكانية، موضحاً أنّ ما يُسمى بـ "العقلية الانعزالية" بين الدوائر قد سبّب أحياناً "أضراراً كبيرة" لعمل الحوكمة الكنسية. ويتناول البابا أيضاً مسألة القداس التريدنتيني، معتبراً إياها "مشكلة" لأن البعض استغلّها كـ "أداة سياسية"، ويأمل في التوصل إلى حلّ "بروح السينودسية" بعد حوار مع أنصار هذا الطقس.
 
ويختم البابا متطرّقاً إلى ظاهرة الأخبار الكاذبة واصفاً إياها بـ "الهدّامة"، ومعبّراً عن قلقه إزاء الذكاء الاصطناعي الذي يستثمر فيه "الأثرياء جداً" متجاهلين "قيمة الإنسان". ويؤكد أنّه "على الكنيسة أن تتدخل" أمام خطر أن "يمضي العالم الرقمي في طريقه" بحيث نصبح جميعاً "مجرد بيادق". ويروي حادثة طلب فيها أحدهم إذنه لإنشاء "بابا اصطناعي" يتيح لكل شخص الحصول على مقابلة خاصة افتراضية، فأجاب: "لن أسمح بذلك. إذا كان هناك شخص لا ينبغي تمثيله بأفاتار، فأقول إن البابا هو على رأس القائمة".