الأقباط متحدون - من قلب الحصار: الأب رومانيلّي يروي تفاصيل الهجوم البرّي على غزّة
  • ١٧:٣٠
  • الاربعاء , ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥
English version

من قلب الحصار: الأب رومانيلّي يروي تفاصيل الهجوم البرّي على غزّة

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٣٥: ١٢ م +03:00 EEST

الاربعاء ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥

الأب رومانيلّي
الأب رومانيلّي

محرر الأقباط متحدون
مع انطلاق الهجوم البرّي الإسرائيلي على مدينة غزّة، والذي سبقه تصعيد جوي كثيف استهدف عشرات المواقع وأجبر المئات من العائلات على النزوح من شمال غربي المدينة، وأوقع العشرات من الشهداء والجرحى، ارتفع صوت الكنيسة ليشقّ صخب الحرب. فمن مقر إقامته الصيفي في كاستل غاندولفو جنوب شرق روما، أجرى البابا لاوون الرابع عشر اتصالًا هاتفيًا مع الأب غابرييل رومانيلّي، كاهن رعية العائلة المقدّسة في حي الزيتون بغزّة.

مأوى وحيد في مدينة محاصرة
منذ اندلاع الحرب، تحوّلت رعية العائلة المقدّسة في غزّة إلى ما يشبه الحصن الأخير للضعفاء. فهذه الكنيسة، التي كانت قد أصيبت في غارة إسرائيلية في حزيران الماضي أدّت إلى جرح كاهنها الأب غابرييل رومانيلّي، باتت اليوم مأوى لنحو 450 شخصًا من أبناء الحي ومحيطه.

داخل جدرانها القديمة اجتمع مزيج من كبار السن والمرضى والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب عائلات كاملة نزحت من بيوتها المدمّرة أو التي باتت مهدّدة بالقصف. لم يجد هؤلاء سوى الكنيسة مكانًا يقيهم الخوف والعزلة، فتحوّل المذبح إلى نقطة صلاة جماعية، فيما غدت الأروقة والقاعات مساحات للنوم والانتظار.

ورغم ضيق المكان ونقص الإمكانات، تبقى الرعية شاهدًا حيًا على صمود جماعة صغيرة تبحث عن الحياة وسط حرب تتّسع دوائرها يومًا بعد يوم.

ورغم شحّ الموارد، يستمر الكاهنة والراهبات ومتطوّعون من أبناء الرعية في توفير ما تيسّر من طعام وماء، والإبقاء على صيدلية صغيرة داخل الرعية، إلى جانب أنشطة مخصّصة للأطفال والشباب، في محاولة للحفاظ على شيء من الحياة الطبيعية داخل واقع يزداد قتامة.

صرخة من المذبح
في حديثه لوسائل الإعلام الفاتيكانية، وصف الأب رومانيلّي الوضع بكلمات تجمع بين الألم والرجاء: "من مذبح غزّة، مذبح السلام، نرفع صرختنا من أجل الحرّية للجميع: للفلسطينيين، للإسرائيليين، وللرهائن. نصلّي كي تتوقّف الحرب ويُسمح للناس أن يعيشوا حقّاً، لا أن يكتفوا بالبقاء على قيد الحياة".
ويضيف أنّ دويّ الانفجارات كثيراً ما يقطع الصلوات داخل الكنيسة، لكن الإصرار على الاستمرار في الصلاة هو ما يمنح المؤمنين سنداً روحياً أمام مشهد لا يترك مجالاً كبيراً للأمل.

ملامح الهجوم
من خلال متابعة شهادات الأهالي والتواصل مع من بقي في المدينة، رسم رومانيلّي صورة تقريبية لمسار العمليات العسكرية. الضربات تركزت على الأحياء الغربية والشمالية الغربية، مع امتداد محدود إلى بعض النقاط جنوباً، بينما ظلّ حي الزيتون – حيث تقع الرعية – بعيداً نسبياً عن القصف المباشر. لكن أصوات المدافع والغارات، كما يقول، تبقى الخلفية الدائمة لحياة اللاجئين داخل الكنيسة.

ورغم تصاعد العنف، لم تغب اللحظات الصغيرة التي تحمل شيئاً من الرجاء. فقد شهدت الكنيسة مؤخراً معمودية طفل لاجئ، واحتفلت بزواج شابين مسيحيين، كما سلّم الأب رومانيلّي ثوب عذراء الكرمل لعشرات الأطفال والشباب كعلامة حماية وبركة.

ويعلّق قائلاً: "نحن نحيا على درب الجلجلة في غزّة، ونواصل الصلاة من أجل السلام والعدالة للجميع. نعم، الآلام موجودة، لكن لدينا أمور كثيرة نشكر الله عليها".

وبين القلق الذي حمله اتصال البابا من بعيد، والصوت الذي يرفعه كاهن الرعية من قلب غزّة، تتشكّل صورة الكنيسة في زمن الحرب: مبنى صغير محاصر بالقصف، مفتوح أمام من لا يجدون مأوى، ومذبح يظلّ قائماً ليحمل صلاة وصموداً في وجه آلة حرب تهدّد بمحو كل شيء.