
البابا لاون يترأس أمسية صلاة في البازيليك الفاتيكانية لمناسبة يوبيل التعزية :موت يسوع وقيامته انتصار الخير على الشر
محرر الأقباط متحدون
٥٥:
٠١
م +03:00 EEST
الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥
كتب - محرر الاقباط متحدون
ترأس البابا لاون الرابع عشر أمسية صلاة في البازيليك الفاتيكانية لمناسبة يوبيل التعزية، وألقى كلمة شدد فيها على أن موت يسوع وقيامته من بين الأموات هما انتصار الخير على الشر وحذر من مغبة أن يولد الألم العنف قائلا إن تعزية الرب تصل إلينا عندما يبقى الإيمان راسخا وثابتا.
استهل الحبر الأعظم كلمته متوقفا عند العبارات المأخوذة من سفر النبي أشعياء "عَزُّوا عَزُّوا شَعْبي"، وقال إن هذه الدعوة تصل إلينا اليوم أيضا بشكل ملح وملزم: إنها تدعونا إلى أن نشارك تعزية الله مع إخوة وأخوات كثيرين يعيشون أوضاعا فيها ضعف وحزن وألم. وللباكين والمحبطين والمرضى والحزانى، يتردد صدى الإعلان النبوي لإرادة الله في إنهاء الآلام وتحويلها إلى فرح بشكل واضح وقوي. الكلمة المليء بالرأفة، الذي صار جسدا في المسيح، هو السامري الرحيم الذي كلمنا عنه الإنجيل: هو الذي يضمد جراحنا، ويهتم بنا. في لحظة الظلام، حتى في غياب كل نور، الله لا يتركنا وحدنا، بل في هذه اللحظات نفسها نحن مدعوون أكثر من أي وقت مضى إلى أن نملأ قلبنا بالرجاء في قربه، فهو المخلص الذي لا يتركنا أبدا.
مضى البابا إلى القول: نحن نبحث عمن يعزينا، ومرارا لا نجد أحدا. أحيانا حتى أصوات الذين يريدون أن يشاركونا ألمنا، صادقين، تصير لنا أمرا لا يطاق. ولفت إلى أن الدموع لغة تعبر عن مشاعر عميقة في القلب المجروح. الدموع صرخة صامتة تطلب الرحمة والعزاء. حيث يوجد الألم، يظهر حتما السؤال التالي: لماذا كل هذا الشر؟ من أين يأتي؟ لماذا كان لا بد من أن يحدث لي أنا بالذات؟
وقال لاون الرابع عشر إن الانتقال من الأسئلة إلى الإيمان هو ما يعلمنا إياه الكتاب المقدس. هناك أسئلة تجعلنا ننطوي على أنفسنا وتفصلنا في داخلنا وتبعدنا عن الواقع. هناك أفكار لا يمكن أن يأتي منها شيء. من الأفضل أن تكون الأسئلة احتجاجا أو شكوى أو ابتهالًا من أجل العدل والسلام اللذين وعدنا الله بهما. فنلقي جسرا نحو السماء، حتى عندما يبدو الله صامتا. في الكنيسة نبحث عن السماء المفتوحة، التي هي يسوع، وهو جسر الله نحونا. هناك تعزية تصل إلينا، عندما يبقى ذلك الإيمان "راسخا وثابتا" رغم أنه يبدو لنا "غامضا ومتأرجحا" مثل سفينة في العاصفة. وحيث يوجد الشر، هناك يجب أن نبحث عن القوة والتعزية اللتين تغلبان الشر ويقاومانه بلا هوادة. في الكنيسة هذا يعني: أننا لسنا وحدنا أبدا. في الكنيسة ضع رأسك على كتف يعزيك، ويبكي معك ويقويك، هو دواء لا يمكن لأحد أن يحرم نفسه منه، لأنه علامة المحبة. حيث يكون الألم عميقا، يجب أن يكون الرجاء الذي يولد من الوحدة والشركة أقوى. وهذا الرجاء لا يُخيب.
مضى البابا إلى القول إن الألم يجب ألّا يولّد العنف، والعنف ليس له الكلمة الأخيرة، لأن الحب يغلبه، الحب الذي يعرف أن يغفر. أي تحرر أكبر يمكننا أن نرجو تحقيقه إن لم يكن التحرر الذي يأتي من المغفرة، التي يمكنها أن تفتح القلب بالنعمة رغم كل ما تعرض له من كل أشكال الوحشية؟ العنف الذي تعرضنا له لا يمكننا أن نمحيه، لكن المغفرة التي نمنحها لمن سبّبها هو استباق لملكوت الله على الأرض، وهي ثمرة عمله الذي يضع حدا للشر ويُقيم العدل. الفداء هو رحمة، ويمكن أن يجعل مستقبلنا أفضل، فيما نحن ما زلنا ننتظر عودة الرب يسوع. هو وحده سيمسح كل دمعة من عيوننا وسيفتح كتاب التاريخ ويجعلنا نقرأ الصفحات التي لا يمكننا اليوم أن نبررها ولا أن نفهمها.
تابع الحبر الأعظم كلمته قائلا: أيها الإخوة والأخوات، ستقدم لكم هدية صغيرة: "حمل الله" إنها علامة يمكننا أن نحملها إلى بيوتنا لنتذكر أن سر يسوع، وموته وقيامته من بين الأموات، هو انتصار الخير على الشر. هو الحمل الذي يعطي الروح القدس المعزي، الذي لا يتركنا أبدا، ويواسينا في احتياجاتنا ويقوينا بنعمته. أحباؤنا الذين انتزعهم منا الموت لا يضيعون ولا يتلاشون في العدم. حياتهم ملك للرب يسوع الذي يعانقهم ويضمهم إليه، مثل الراعي الصالح، وسيعيدهم إلينا يوما لكي ننعم معهم بالسعادة الأبدية. توجد اليوم أيضا جماعات بل شعوب بأكملها فريسة للألم، مسحوقة تحت وطأة العنف والجوع والحرب، وتتوسل من أجل السلام. صراخهم شديد، يُلزمنا أن نصلي ونعمل لكي يتوقف كل عنف ويتمكن المتألّمون من أن يستعيدوا الطمأنينة، ويُلزم قبل كل شيء الله، الذي يخفق قلبه بالرحمة، لكي يأتي ملكوته. التعزية الحقيقية التي يجب علينا أن نكون قادرين على نقلها هي أن نبين أن السلام ممكن، وأنه يزهر في كل واحد منا إن لم نخنقه.
وختم البابا كلمته قائلا: ليُصغِ مسؤولو الأمم بشكل خاص إلى صراخ الأطفال الأبرياء الكثيرين، لكي يضمنوا لهم مستقبلًا يحميهم ويعزيهم.
الكلمات المتعلقة