الأقباط متحدون - فلك مصر… وطن لا يُفرَّط فيه
  • ٠٤:٠٥
  • الأحد , ١٤ سبتمبر ٢٠٢٥
English version

فلك مصر… وطن لا يُفرَّط فيه

شريف منصور

مع رئيس التحرير

٢٩: ٠٤ م +03:00 EEST

الأحد ١٤ سبتمبر ٢٠٢٥

شريف منصور
شريف منصور

شريف منصور
مصر بالنسبة لي ليست مجرد حدود على خريطة، بل هي فلك نوح الذي يحملنا جميعًا — أقباطًا ومسلمين، مؤمنين وأصحاب أفكار مختلفة — فلك إن ثُقِب بثقوب العنصرية والبغضاء غرقنا جميعًا. هي أرضٌ ارتوت بدماء الشهداء، من شهداء الكنيسة الأولى الذين قاوموا الإمبراطوريات، إلى شهداء ماسبيرو والبطرسية وليبيا والكشح، مرورًا بآلاف الأرواح التي قدّمت حياتها على مذبح الإيمان والوطن. هذه الدماء لم ولن تُسفك عبثًا، بل هي شهادة حيّة أن الانتماء للوطن والإيمان بالمسيح لا ينفصلان.

لكن ما يؤلم أن الوطن اليوم مهدَّد من الداخل:
 • قوانين مجحفة ودستورٌ لم يُنصف الأقباط بعد، وكأننا مواطنون من درجة أدنى.
 • مؤسسات دينية رسمية ووزارات بعينها تصرّ على صبغ الدولة بلون ديني واحد، لتوسيع الهوة بين الدين والوطن.
 • خطابات دينية لا تدعو للوحدة، بل تغذي الانقسام وتضعف الفلك من الداخل، وكأنها لا تعي أن غرق الوطن سيغرق الجميع.

أنا أكتب لا من موقع الشكوى، بل من موقع الولاء الحقيقي لمصر. أقولها صريحة: لن يكون هناك وطن قوي إلا بالعدل والمساواة الكاملة بين كل أبنائه. لا دستور يفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين أو العقيدة. لا قوانين تحرم الأقباط من بناء كنائسهم، أو تقلّص وجودهم في الوظائف السيادية. لا مناهج تعليم تُقصي تاريخ الكنيسة القبطية من ذاكرة الوطن.

إن الكنيسة القبطية — منذ قرون طويلة — حملت لواء الوطنية بصلابة. لم تفرّط يومًا في هوية مصر، ولم تساوم على كرامتها، وظلّت دائمًا صوتًا ينادي بالحب والسلام والصمود في وجه الاضطهاد. التعاليم المسيحية التي غُرست فينا هي في جوهرها وطنية صافية: “مصر لنا جميعًا، نحيا فيها ونموت فيها، ولا نتخلى عنها مهما كان الثمن”.

رسالتي إلى الدولة:
 • عدّلوا الدستور ليكون على مسافة واحدة من الجميع.
 • ألغوا القوانين المجحفة التي كرّست عقودًا من التمييز.
 • حاسبوا من يستغل الدين ليقوّض الوحدة الوطنية.

رسالتي إلى الشعب:
لا تسمحوا للثعابين الداخلية والخارجية أن تقنعكم أن مصر مجرد “فلاوكة هزيلة”. مصر لن تكون إلا “فلك مصر” القوي الراسخ، الذي يحمل العالم كله في ذاكرته وتاريخه. نحن مسؤولون أن نحافظ على هذا الفلك من التمزق والغرق.

في النهاية، يبقى حب مصر في قلبي عهداً لا ينكسر: أن أكتب وأشهد وأدافع عن وطني، وطن الشهداء، وطن العدالة التي لا بد أن تأتي، ووطن الكرامة التي لا يملك أحد أن يسلبها من شعبه.