
ريميني تحيي الذكرى المئوية لميلاد الأب أوريستي بينزي مؤسس جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين
محرر الأقباط متحدون
السبت ٦ سبتمبر ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
تحيي مدينة ريميني الإيطالية ذكرى الأب أوريستي بينزي، مؤسس جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين، من خلال فعاليات ومبادرات عدة شهدتها المدينة بدأت يوم الجمعة واستمرت لغاية هذا الأحد، هدفها تسليط الضوء على حياة هذا الكاهن الإيطالي وإعادة اكتشاف حداثة النبوءة التي تركها، وذلك في الذكرى المئوية لولادته. وقد انطلقت الفعاليات عصر الجمعة بقداس إلهي ترأسه رئيس مجلس أساقفة إيطاليا ورئيس أساقفة بولونيا الكاردينال ماتيو زوبي.
شاء الأب بينزي أن يعيش حياته وسط الأشخاص المهمشين، بما في ذلك بنات الهوى والشبان المدمنين على المخدرات والمعوقين، وذلك لمساعدتهم على استعادة كرامتهم كأبناء محبوبين من قبل الله. وأمضى حياته مناضلاً في وجه كل شكل من أشكال الاستغلال، وأطلق فكرة كنيسة تخرج من قوقعتها، قبل أن تُصبح هذه العبارة شائعة كما هي اليوم.
تزامناً مع انطلاق الفعاليات في مدينة ريميني والتي ستستمر لثلاثة أيام، أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع ماتيو فادّا، رئيس جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين، الذي قال إننا أردنا أن يتذكّر الناس هذا الكاهن بصفته مواطناً، لا كمؤسس لهذه الجماعة وحسب. ولهذا السبب أقيمت مبادرات عدة بلغت ذروتها هذا الأحد الذي يصادف عيد ميلاد الأب بينزي. وأضاف أن هذا الأخير كان كاهن رعية طيل حياته وخدم رعية صغيرة في إحدى ضواحي ريميني، وكان أيضا مواطناً ناشطاً شارك في العديد من التظاهرات التي جرت في تلك الحقبة. وقد لقيت أفكاره معارضة من قبل البعض وكان يُنظر إليه أحياناً على أنه شخص مزعج، لكن مما لا شك فيه أنه كان محبوباً جداً، ومن هذا المنطلق أرادت جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين ألا تعيش هذه المناسبة كاحتفال خاص بها، بل شاءت أن تكون مناسبة تُحييها الأبرشية والمدينة بأسرها.
بعدها قال فادّا إن الكاردينال زوبي شاء أن يحتفل بالقداس عصر الجمعة عند شاطئ ريميني المجاور للمرفأ، والذي تحول إلى كنيسة في الهواء الطلق. ولم يقع الاختيار على هذا المكان من باب الصدفة، لأن فيه بالتحديد بدأ الأب بينزي يقرع أبواب المنتجعات السياحية، برفقة الجماعة التي أسسها، مع العلم أن تلك الأماكن لم تكن تقبل الأشخاص المعوقين، في سبعينيات القرن الماضي. وسرعان ما نجحت عزيمته في هدم الجدران غير المرئية، وقرر البعض أن يستضيفوا الشبان المعوقين، الذين كانوا يُعتبرون عبئاً على المجتمع. وأطلق الكاهن الراحل شعاراً مفاده "حيث نحن موجودون ينبغي أن يكونوا هم أيضا موجودين". وكان يقول إنه لا يوجد أشخاص من الدرجة الثانية، ويجب ألا يشعر أي شخص أنه مهمش، وكان يحق لكل فرد أن يتمتع بالبحر في موسم الصيف. وأضاف فادّا أن هذا الانفتاح الذي قام به الأب بينزي عند شواطئ ريميني يبقى علامة جلية للإنجيل الذي يهدم الجدران وهو في الوقت نفسه قادر على مخاطبة الجميع.
وكان هذا الكاهن قد اعتاد على الاحتفال بالقداس عند الشاطئ مع الأشخاص المعوقين والمشردين، والفتيات اللواتي تخلص من عبودية الدعارة، لأنه كان يعتبر أن الكنيسة مدعوة لأن تكون قريبة من الأشخاص، لاسيما الآخِرين، وقد تحقق ذلك في مكان كان يُعتبر مرادفاً للهو والتسلية. وفي هذا السياق جاء احتفال الكاردينال زوبي بالقداس في هذا المكان بالتحديد، إحياء لذكرى النشاط "الاستفزازي" الذي قام به الأب بينزي وجماعة يوحنا الثالث والعشرين في سبعينات القرن الماضي. وأوضح المسؤول الإيطالي أن النضال الذي قام به الكاهن الراحل أصبح لاحقاً جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الإيطالي، مشيرا على سبيل المثال إلى تأسيس منازل عائلية تستضيف القاصرين المشردين، حيث وجد هؤلاء الصغار أباً وأماً يحتضنانهم.
أما يوم أمس السبت فقد شهدت المدينة سلسلة من المؤتمرات والمحاضرات تناولت مسائل اجتماعية، تربوية وسياسية سعى من أجلها الأب بينزي، وتمحورت حول مواضيع متعلقة بالسلام والروحانية والاعتناء بالخليقة. وتعليقاً على هذه المبادرات قال أسقف ريميني المطران نيكولو أنسلمي إن النشاط الذي قام به مؤسس جماعة يوحنا الثالث والعشرين كان دائماً مرفقاً بإيمانه الكبير بالله. وذكّر سيادته بأن الأب بينزي كان يكرر دائماً أنه كي نستطيع أن نقف على رجلينا أمام العالم، يجب أن نجثو على ركبتينا أمام الله، وأضاف الأسقف الإيطالي أن الراحل كان كاهناً ومربياً، ونبياً، وكان يحركه أيضا حبّ كبير تجاه المسيح. وهذا هو الإرث الحي الذي يتركه لنا، بعد ثماني عشرة سنة على رحيله، وقد كتب في وصيته أن من سيقول إن الأب بينزي مات يكون قد قال كذبة، لأن الحياة الحقيقية تبدأ عند الممات، وعندما يغمض المؤمن عينيه للمرة الأخيرة يفتحهم في حضرة الله وإلى الأبد.
وذكّر سيادته في الختام أنه لمناسبة مرور مائة عام على ولادة هذا الكاهن ما يزال صوته يتردد اليوم في مسامعنا، لا كذكرى بعيدة من الماضي، بل كنداء ما يزال يحاكي الكنيسة والمجتمع لغاية اليوم. والشعار الذي أطلقه بشأن قبول المعوقين يبقى دعوة آنية، إنها وصية لنا للحاضر وتحدّ لجيل المستقبل.