الأقباط متحدون - خيمة الأجتماع3
  • ١٢:٢٦
  • الأحد , ٣١ اغسطس ٢٠٢٥
English version

خيمة الأجتماع3

الراهب القمص يسطس الأورشليمى

مساحة رأي

٤٦: ٠٢ م +03:00 EEST

الأحد ٣١ اغسطس ٢٠٢٥

الراهب يسطس الاروشليمى
الراهب يسطس الاروشليمى
بقلم الأب يسطس الأورشليمى
لقد كان موت الرب يسوع على الصليب نهاية معركة، فشل فيها إبليس في أن يجعله يتراجع عن فدائه لنا بسبب هول الآلام، إذ ثبّت الرب وجهه إلى أورشليم حيث ارتفاعه على خشبة الصليب والآلام (لو51:9)..
 
ناظرين إلى رئيس الإيمان ومُكمّله يسوع، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه، احتمل الصّليب مُستهيناً بالخزي (عب2:12).. 
 
فهو الإنسان الكامل الذي احتمل نار الدينُونة، وستظل إلى الأبد في جسده آثار جروح المسامير في اليدين والقدمين، وأثر الحربة في جنبه وإكليل الشوك على رأسه، والجلدات على ظهره، تشهد عن حبه العجيب لنا، وهناك أمام عرشه سنفرح، ونتهلّل ونعطيه المجد قائلين: لك البركة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين (رؤ13:5)..    
 
لم يُسجل لنا الروح القدس حياة الرب يسوع بالجسد في إنجيل واحد، بل في أربعة أناجيل، لأن إنجيل واحد لا يكفي ليُقدم صورة كاملة عن حياة مُخلصنا الصالح وهو على أرضنا، فكل إنجيل يُقدم الرب من زاوية خاصة ليُبرز جانباً من هذه الجوانب الأربعة، والتي تُحدثنا الألوان في الخيمة:
 
أولاً: الأسمانجُوني، الإله قد تجسد في اتضاع عجيب ليقترب إلينا..
ثانياً: الأرجوان، هو الملك الذي يملك على قلوبنا وحياتنا كلها..
ثالثاً: القرمز، اتخذ صورة العبد ليتألم ويقدم نفسه ذبيحة لأجلنا..
رابعاً: الكتان، فالرب هو الإنسان الكامل الذي لا يوجد له نظير..
 
هل تعلم أن هذه الجوانب الأربعة أشارت لها بوضوح، الأربعة أوجه التي كانت لكل كروب من الكارُوبيم الذين رآهم حزقيال في رُؤياه ؟!
  لقد رأى لكل كروب وجه إنسان يُحدثنا عن إنسانية الرب، أما وجه الأسد يتحدث عن الرب الملك، هُوذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهُوذا ووجه الثور يرمز إلى الرب الخادم المذبوح من أجلنا، وهو من الحيوانات التي تقدم منها الذبائح، ويُعرف عنه بالتحمل والقوة والمثابرة، ووجه النسر الذي يُحلق عالياً يتحدث عن ألوهية الرب يسوع المسيح..
 
ففي إنجيل متى البشير سنتقابل مع الرب الملك الذي أتى لكي يملك، وفي إنجيل مرقص الرسول سنراه الخادم الذي جاء ليخدم ويتألم من أجلنا، في إنجيل لوقا الطبيب ابن الإنسان الذي يُشارك البشر آلامهم ويتحنن عليهم أما إنجيل يوحنا الحبيب فيظهر لاهوته، ابن الله الذي أتى ليهبنا الحياة الأبدية، وهكذا تظهره الأناجيل: أنه الملك الخادم، والإله الإنسان..
 
نلاحظ أن: إنجيل متى البشير ينتهي بقيامة الرب يسوع، ولم يُسجل صعوده، بينما في إنجيل مرقس الرسول ينتهي بارتفاعه إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب، وفي إنجيل لوقا البشير ينتهي بالرب الذي صعد مباشرةً بعد أن وعد تلاميذه بإرساله الروح القدس لهم من الأعالي، وفي نهاية إنجيل يوحنا الحبيب نرى الرب سائراً وبطرس ويوحنا تلميذيه يتبعانه بعد أن أشار لهم أنه سيأتي ثانية إلى الأرض (مر19:16؛ لو49:24؛ يو22:21)..
 
فإنجيل متى البشير ينتهي بقيامة الرب، أما إنجيل مرقس الرسول فيواصل الحديث إلى صعوده، وإنجيل لوقا الطبيب يذهب إلى أبعد من هذا، فيُشير إلى مجيئه الثاني، فتأمل في التدرج وكيف تنسجم نهاية كل إنجيل وتُكمل بعضها البعض مع الجانب الذي يُريد أن يبرزه..
 
يبرز لنا الرُوح القُدس في إنجيل متى البشير، لون الأرجوان ووجه الأسد، ويُرينا الرب يسُوع باعتباره الملك، فيقول: كتاب ميلاد يسُوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم، أي إنه من نسل داود الملك، فهو الوريث الشرعي لعرش داود، إنه الملك المسيا المنتظر، والمجوس يسألون عنه: أين هو المولود ملك اليهود، وفي نهاية الإنجيل يقول: دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض، أنظر (مت6:1؛ 2:2؛ 18:28-20)..
 
لون الأرجوان اللون الملوكي ظاهر بقوة في هذا الإنجيل، حيث ترد فيه كلمة: ملكوت أكثر من خمسين مرة، وملكوت السموات نحو اثنين وثلاثين مرة، بينما لا تأتي في الأناجيل الثلاثة الأخرى، وواضح هنا سلطانه السباعي على المرض والشياطين والطبيعة، وحتى الموت في النهاية.. 
 
وفي إنجيل مرقس الرسول، يظهر فيه بوضوح لون القرمز الدم، كما أن صورة الثور الرمزية في خدمته وذبحه ظاهرة هنا بكل وضوح، فيظهر باعتباره الخادم الذي أطاع حتى الموت موت الصليب، ولا نقرأ عن قصة ميلاده الجسدي، وهو لا يُعلّم كثيراً بل يعمل أكثر، عمل كل شيء حسناً حتى جعل الصُمّ يسمعون والخُرس يتكلّمون (مر37:7)..
 
وفي إنجيل لوقا البشير، نرى فيه لون الكتان الأبيض الفاخر، ويبرز لنا جمال إنسانيته، الذي هو أبرع جمالاً من بني البشر، ويرمز له بوجه إنسان فيُقدم لنا ابن الإنسان الذي أقترب للإنسان ليصادقه وليهبه الخلاص مجاناً تأمله وهو يُقابل المرأة الخاطئة، ويدخل بيت زكا العشار، وقصة السامري الصالح، والابن الضال، أنظر (لو37:7؛ 30:10؛ 11:15؛ 10:19).. 
 
في إنجيل يوحنا الحبيب نرى بُوضُوح اللُون الأسمانجوني السماوي ومنظر النسر المُحلق عالياً ظاهراً تماماً، فنرى لاهوت الرّب يسوع أقنوم الابن الأزلي، والأحداث والأقُوال التي سجلها الرُوح القُدس تُعلن مجده، فهُو الخبز النازل من السماء، والقيامة والحياة الذي يُعطي الخاطيء الحياة الأبدية، وفي صلبه نرى مجده الإلهي معلناً بقُوة، عندما قال الرّب لرُؤساء الكهنة والفريسيين: إنيّ أنا هُو، رجعُوا إلى الوراء وسقطُوا على الأرضِ أنظر الكتاب (يو14:1؛ 18:5؛ 50:6؛ 28:10؛ 25:11؛ 6:18)..
في إنجيل متى البشير يتميز بكلمة: لكي يتم، وقد تكرّرت 17 مرة..
وفي إنجيل مرقس الرسول تميز بكلمة: للوقت، وتكرّرت 40 مرة..
وفي إنجيل لوقا الطبيب تميز بكلمة: قيل، وقد تكرّرت 32 مرة..
وفي إنجيل يوحنا الحبيب تميز بكلمة: الحقّ، تكرّرت 25 مرة..
 
كل هذا يتفق تماماً مع الزاوية التي يبرز منها كُل إنجيلحياة الرّب على الأرضِ، فهُوالرّب الملك المسيّا الذي تتحقق فيه كُل النبُوات التي أشارت إلى مجيئه، وهُو الخادم الذي يفتدي الوقت، والإنسان صديق الخطاة الذي جعل نفسه جزءً من قصصهُم، والكلمة المتجسد وعبارته: الحقّ الحقّ، تُشير إلى أن كلماته هي الإعلان الإلهي القاطع النهائي..
 
فاحرص أيها الأخ المحبُوب أن تقرأ باستمرار في الكتاب المُقدس برُوح الصلاة والفهم، وثق أن الرُوح القُدس يتحدث إليك شخصياً من خلاله فتتقابل مع الرّب الملك الخادم، ابن الله وابن الإنسان الذي جاء لكي يطلب ويُخلّص ما قد هلك، وقال: مَن يُقبل إليّ لا أخرجه خارجاً..
 
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد