
الكاردينال بارولين: يسوع وحده هو باب الحياة والخلاص
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ٢٩ اغسطس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
في الذكرى السنوية الحادية والثلاثين بعد السبعمائة للغفران السلستيني الذي يُحتفل به سنوياً في مدينة لاكويلا الإيطالية، إحياء لذكرى اليوبيل الذي أعلنه البابا سلستين الخامس في العام ١٢٩٤، ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين القداس في بازليك القديسة مريم في كولّيماجو، ملقياً عظة أكد فيه أن يسوع وحده قادر على تثمين هوية كل إنسان، وشدد على أن عبور الباب المقدس – الذي فُتح لمناسبة هذا اليوبيل – ليس "ضربا من السحر" نقوم به، إذ يجب أن يحرّكه الإيمان الأصيل.
استهل الكاردينال بارولين عظته، يوم أمس الخميس، مشيراً إلى أن البابا لاون الرابع عشر يود أن يتقاسم هذه الفرحة التي يعيشها أبناء أبرشية لاكويلا، هذه الأرض التي طُبعت بالتاريخ والإيمان، خلال إحيائهم ذكرى الغفران السلستيني، والتي تتزامن هذا العام مع سنة يوبيل الرجاء. وأضاف نيافته أن بازيليك القديسة مريم في كولّيماجو تشكل رمزاً حياً لرحمة الله وللغفران الذي شاء أن يمنحه البابا سلستين الخامس لشعبه، في أواخر القرن الثالث عشر. وقد فتح المسؤول الفاتيكاني الباب المقدس في هذه البازليك على أن يقوم بإقفاله، مساء اليوم الجمعة، المطران أنطونيو دانجيلو، رئيس أساقفة لاكويلا، بعد أن يكون قد عبره المؤمنون الراغبون في ذلك.
تابع الكاردينال بارولين عظته متوقفاً عند إنجيل القديس يوحنا الذي يقدّم فيه الرب يسوع ذاته على أنه "باب الخراف". وشدد نيافته على عبارات ثلاث تكتسب أهمية كبرى في هذا اليوبيل ألا وهي: الباب والقلب والإيمان الأصيل، مشيرا إلى أن يوبيل الرجاء، الذي افتتحه البابا الراحل فرنسيس مرتبط أيضا بالباب المقدس، واليوم يُفتح هذا الباب المقدس السلستيني في هذه البازيليك الكائنة في مدينة لاكويلا، هذا الباب الذي يتحدث منذ قرون عن الغفران وعن السلام.
بعدها ذكّر نيافته بأن فتح هذا الباب يندرج هذا العام في سياق المسيرة اليوبيلية، ويحمل نكهة مميزة، حيث تصبح هذه العلامة ذكرى حية وصرخة وصلاةً ووعداً بالحرية وبالرحمة. ولفت بارولين في هذا السياق إلى أن الباب الذي يعبره المؤمنون ليس بحد ذاته أمراً مقرراً في حياتهم، وذلك لأن باب اليوبيل هو الرب يسوع نفسه، إذ هو من يقودنا إلى الخلاص، وعلينا أن نعبر من خلاله هو، ومن خلاله وحده يمكننا أن ندخل ملء الحياة ونخرج من العبودية.
وأوضح نيافته أن الدرب التي يدلنا إليها الرب هي واضحة، لا لبس فيها. إذ يقول لنا إنه هو باب العبور نحو الله، نحو الحياة، ويؤكد أن من جاؤوا من قبله، مقدّمين أنفسهم على أنهم قدوة، كانوا لصوصاً لأنهم جاؤوا ليسرقوا ويدمّروا ويقتلوا ويحققوا مصالحهم الخاصة. وقال بارولين: كم هي كثيرة اليوم الأصوات التي تَعد بالخلاص بدون المسيح، كم هي كثيرة الأيديولوجيات والمعتقدات التي تتفادى الباب ولا تعبره.
مضى أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان مشيرا إلى أن شعب الله لم يتبع الأصوات المزيفة، لأنه يحمل حكمة في قلبه، إنه صوت داخلي يرجع إليه ويتعرف من خلاله على الراعي الحقيقي. وعاد بارولين ليؤكد أن يسوع المسيح هو الباب، وكل ما لا يمرّ من خلاله، من خلال جسده وصليبه، لا يمكن أن يمنح الخلاص. وشدد على أن عبور الباب يعني أن نقبل الإنجيل، ولا بد أن نعبر الباب لأن المسيحية ليست عبارة عن منظومة من الأفكار أو من المبادئ الخلقية، بل هي عبورٌ، الدخول والخروج من خلال هذا الباب الذي هو المسيح.
والدخول من خلال يسوع – تابع يقول – يعني اللقاء مع الخلاص، وتحقيق ملء الحياة، يعني أن نصير ما دُعينا إليه، وأن نختبر الشركة معه وأن نجد الغذاء الحقيقي وأن نعيش أحرارا، دون أن ننسى أن هذا الباب هو ضيق، لكنه في الوقت نفسه جميل جداً وثمين للغاية، وعبوره يتطلب خياراً شخصياً، منسجماً مع الذات ومثابرا. ولفت في هذا السياق إلى أن اتّباع يسوع يتطلب منا أن نكون تلاميذه، أن نصغي إلى صوته وأن نعيش كلمته.
لم تخلُ عظة الكاردينال بارولين من تنبيه المؤمنين من الخدعة الكبيرة التي تروّج لها البشرية اليوم، ألا وهي أن نفكر أن السعادة تكمن في الاستحواذ على الأمور المادية، وقال إن هذه هي ذهنية اللص، الذي يدمّر كل ما يلمس، وترتكز إلى وعود زائفة تبدو سهلة، لكنها في الواقع تترك فينا فراغاً. وقال إن يسوع جاء ليمنحنا ملء الحياة.
بعدها توقف نيافته عند طقس فتح الباب المقدس الذي يُقام سنوياً في تلك البازيليك، وقال إن عبور هذا الباب لا يمكن أن يُنظر إليه على أنه ضرب من السحر يؤدي إلى تغيير حياتنا تلقائيا، مضيفا أن عبور هذا الباب – أو أي باب مقدس آخر – ليس كافياً للحصول على شيء مميز، لأن هذا العبور يحمل معنى عميقاً، إذ إن الباب المقدس هو دعوة للولوج إلى قلب يسوع، دعوة لأن نترك نعمته تبدّلنا حقاً، والأمر لا يقتصر فقط على فعل خارجي نقوم به.
في ختام عظته طلب الكاردينال بارولين من مؤمني الكنيسة في لاكويلا أن يعرفوا كيف يعبرون الباب الذي هو يسوع، ويمكن أن يقوموا بذلك – بصورة رمزية – في أي لحظة، حتى لدى عبورهم باب المنزل، ويصبح هذا الفعل علامة مرئية لهذه المسيرة.