
البابا لاوُن يتسلم وسام القديس أوغسطينوس من الرهبنة الأوغسطينية في فيلادلفيا
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ٢٩ اغسطس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
مُنح البابا لاوُن الرابع عشر أرفع وسام من مقاطعة القديس توما دي فيلانوفا الأوغسطينية في فيلادلفيا (الولايات المتحدة الأميركية). وكانت الجائزة مقرّرة في الأصل للكاردينال بريفوست، غير أنّ الرهبان سلّموها إلى الحبر الأعظم الذي بعث برسالة فيديو مسجّلة من كاستل غاندولفو لشكرهم. وقد عُرض التسجيل خلال الاحتفال الذي جرى بعد الظهر في الـ "Union League" بحضور نحو سبعمائة ضيف. وقال البابا: "لنمضِ قُدماً كصانعي سلام".
وجّه قداسة البابا لاوُن الرابع عشر رسالة فيديو شكر فيها الرهبان الأوغسطينيين الأميركيين في مقاطعة القديس توما دي فيلانوفا في فيلادلفيا (بنسلفانيا، الولايات المتحدة) على منحه ميدالية القديس أوغسطينوس. إنّه تقدير ورمز، وهو أعلى وسام تمنحه المقاطعة سنوياً لشخصيات – كما جاء في حيثيات الحدث – "تُجسّد روح القديس أوغسطينوس وتعاليمه"، وتُظهر "التزاماً عميقاً" تجاه الرهبنة الأوغسطينية وقيم "الحقيقة والوحدة والمحبة"، كما تعبّر عن "رغبة قوية" في اتباع خطى أسقف هيبّو في حياتها الشخصية والمهنية والروحية. في الأصل، كان من المقرّر أن تُسلّم الميدالية للكاردينال روبرت فرنسيس بريفوست، حين كان لا يزال يشغل منصب عميد دائرة الأساقفة، وقد كان متوقعاً حضوره إلى احتفال اليوم، ٢٨ آب، القديس أوغسطينوس. لكن الأوغسطينيين في بنسلفانيا وجدوا أنفسهم يقدّمونها لأشهر إخوتهم، ذاك الذي يعرفه العالم منذ ٨ أيار مايو بالبابا لاوُن الرابع عشر. وقد عُرض الفيديو حوالي الساعة الثامنة مساءً (بتوقيت الولايات المتحدة) خاتماً مراسم الاحتفال الذي سبقه قداس إلهي ومداخلات متعدّدة، وأقيم بعد الظهر بحضور نحو سبعمائة مشارك. وكان من بينهم عدد من المحسنين والرعاة الذين قدّموا تبرعاتهم من خلال شراء بطاقات حملت أسماء "أم المشورة الصالحة"، القديسة مونيكا، القديسة ريتا، القديسة كلارا دي مونتيفالكو، وغيرهم من قديسي الرهبنة الأوغسطينية. وسيُخصَّص ريع جمع التبرعات لدعم الآباء المسنين والمرضى، ولتنمية الدعوات والتنشئة، وللخدمات الرعوية الأوغسطينية.
قال البابا لاوُن الرابع عشر في رسالته في عيد أبينا القديس أوغسطينوس، أشعر بالتواضع والفخر العميق بقبول وسام القديس أوغسطينوس من إقليم القديس توما دي فيلانوفا. وبينما أسجّل هذه الرسالة، أنا بعيد قليلاً عن حرّ روما، وأقضي بعض الوقت في كاستل غاندولفو للصلاة والتأمل والاستراحة. ويسرّني أن أخبركم أن الكنيسة الرعوية في هذه البلدة الواقعة خارج روما تحمل اسم القديس توما دي فيلانوفا، المعروف بأب الفقراء، وهو راهب أوغسطيني موهوب وأسقف كرّس حياته في خدمة الفقراء. ونحن كأوغسطينيين نسعى كل يوم لأن نعيش وفق مثال أبينا الروحي القديس أوغسطينوس. إن الاعتراف بي كأوغسطيني هو شرف أعتزّ به، إذ إن جزءاً كبيراً مما أنا عليه اليوم أدين به لروح القديس أوغسطينوس وتعاليمه. وأنا ممتن لكم جميعاً على ما تُظهره حياتكم بطرق عديدة من التزام عميق بقيم الحقيقة، والوحدة، والمحبة.
أضاف الحبر الأعظم يقول كان القديس أوغسطينوس، كما تعلمون، أحد كبار مؤسسي الحياة الرهبانية؛ أسقفا ولاهوتي وواعظ وكاتب وملفان للكنيسة. لكن هذا لم يحدث بين ليلة وضحاها. فقد كانت حياته مليئة بالمحاولات والإخفاقات، مثل حياتنا. غير أنّه بنعمة الله، وبفضل صلوات أمّه مونيكا، والجماعة الصالحة المحيطة به، استطاع أن يجد طريق السلام لقلبه القَلِق. إن حياة القديس أوغسطينوس ودعوته إلى القيادة في روح الخدمة تذكّرنا بأننا جميعاً نمتلك مواهب وعطايا من الله، وأن غايتنا وتحقيق ذواتنا وفرحنا يتحققون عندما نقدّمها مجدّدًا في الخدمة المُحبّة لله وللقريب.
أضاف الحبر الأعظم يقول يسرّني أن أكون بينكم هذه الليلة فيما تجتمعون في فيلادلفيا التاريخية، موطن كنيسة القديس أوغسطينوس، إحدى أقدم جماعات الإيمان في الولايات المتحدة. نحن نقف اليوم على أكتاف الرهبان الأوغسطينيين، مثل الأب ماثيو كار والأب جون روسيتر، الذين دفعهم روحهم الرسولي في أواخر القرن الثامن عشر لكي ينطلقوا ويحملوا بشرى الانجيل السارة إلى المهاجرين الإيرلنديين والألمان، الذين كانوا يبحثون عن حياة أفضل وعن حرية دينية.
تابع الأب الأقدس يقول وإلى يومنا هذا، نحن مدعوون لمواصلة هذا الإرث في الخدمة المحبة لجميع أبناء الله. يذكّرنا يسوع في الإنجيل أن نحب قريبنا، وهذا الأمر يتحدانا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نرى القريب بعيون المسيح: أن ندرك أن جميعنا مخلوقون على صورة الله ومثاله، وأنه من خلال الصداقة والعلاقات والحوار والاحترام المتبادل يمكننا أن نتجاوز خلافاتنا ونكتشف هويتنا الحقيقية كأخوة وأخوات في المسيح. وكجماعة مؤمنين، تلهمهم الروحانية الأوغسطينية، نحن مدعوون إلى أن نكون صنّاع سلام في عائلاتنا وأحيائنا، وأن نعترف حقاً بحضور الله في بعضنا البعض. فالسلام يبدأ بكلماتنا وأفعالنا، وبالطريقة التي نقول ونفعل بها.
تابع الأب الأقدس يقول يذكّرنا القديس أوغسطينوس أنه قبل أن نتكلّم، علينا أن نصغي. وككنيسة سينودسية، نحن مدعوون إلى إعادة اكتشاف فن الإصغاء من خلال الصلاة، والصمت والتمييز والتأمل. لدينا الفرصة والمسؤولية لكي نصغي إلى الروح القدس؛ ولكي نصغي إلى بعضنا البعض؛ ونصغي إلى أصوات الفقراء والمهمشين الذين يحتاج العالم أن يسمعهم. ويحثنا القديس أوغسطينوس على أن نتنبّه ونصغي إلى “المعلّم الداخلي”، ذاك الصوت الذي يتحدث من أعماقنا. لأنّ الله يكلمنا في قلوبنا.
أضاف الحبر الأعظم يقول في إحدى عظاته شجّع القديس أوغسطينوس مستمعيه قائلاً: "لا تجعل قلبك في أذنيك، بل اجعل أذنيك في قلبك". فما الذي نحتاج أن نفعله لكي نتعلم الإصغاء بآذان قلوبنا؟ إن العالم مليء بالضجيج، ويمكن أن تغمر عقولنا وقلوبنا رسائل شتى. هذه الرسائل قد تغذي قلقنا وتسلب فرحنا. ولكن كجماعة إيمان تسعى لبناء علاقة مع الرب، لنجتهد في تصفية الضوضاء والأصوات المنقسمة داخل عقولنا وقلوبنا، ونفتح ذواتنا على الدعوات اليومية لكي نتعرّف أكثر على الله ومحبته. وعندما نسمع ذاك الصوت المحب والمطمئن من الرب، يمكننا أن نشاركه مع العالم ونسعى لنصير واحداً فيه.
تابع الأب الأقدس يقول أنا ممتنٌّ لهذا التكريم، وبشكلٍ خاصّ للقداديس والصلوات التي رُفِعت من أجلي، فيما أسعى لأن أخدم بتواضع. أرجوكم أن تواصلوا الصلاة من أجلي، ومن أجل نوايا جميع أبناء الله في العالم. وكونوا واثقين من صلواتي من أجلكم أنتم، الذين اجتمعتم هنا الليلة، ومن أجل إخوتي الأوغسطينيين، وزملائي مرسلي فيلانوفا، الماضيين والحاضرين والمستقبليين، ومن أجل الكبار والصغار، الأغنياء والفقراء، وجميع أصدقائنا الأحبّاء في الرهبنة. فكما عاش القديس أوغسطينوس لحظات القلق والظلمة والشكّ، هكذا نحن أيضًا، ولكن بنعمة الله يمكننا أن نكتشف أنّ محبّته تشفي حقًا. فلنسعَ معًا لبناء جماعة تتجسّد فيها تلك المحبّة.
وخلص البابا لاوُن الرابع عشر إلى القول لنواصل تعزيز رسالتنا المشتركة ككنيسة وجماعة، ولننشر السلام، ونحيا في الرجاء، ونعكس نور الله ومحبّته في العالم. ففي وحدتنا في المسيح، وفي شركتنا مع بعضنا البعض، ينمو هذا النور ويزداد إشعاعًا في عالمنا. وتحت إرشاد وحماية العذراء مريم، أمّ المشورة الصالحة، لا ننسَينَّ أبدًا العطايا التي منحتنا إيّاها من خلال "نعمها" المليئة بالإيمان، تلك التي قالتها حين قبلت ما كان الله قد أعدّه لها. ليبارككم الله جميعًا، وليمنح السلام لقلوبكم القلقة، وليساعدكم على متابعة بناء جماعة من المحبّة، متّحدة في الفكر والقلب، متّجهة إلى الله. ولتحلّ عليكم جميعًا بركة الله القدير، الآب والابن والروح القدس، ولتبقَ معكم إلى الأبد.