
البطريرك برتلماوس: لا سلام بدون عدالة، وشهادة المسيحيين أساسية في زمن الحروب
محرر الأقباط متحدون
الاربعاء ٢٧ اغسطس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
مقابلة بطريرك القسطنطينية المسكوني مع وسائل الإعلام الفاتيكانية: "في أوكرانيا، حرب بين الإخوة، عار للعالم المسيحي وخاصةً الأرثوذكسي"
"كمسيحيين نحن بحاجة إلى أن نُسمع صوتنا، متحدين، كما فعل إخوتنا" و"علينا أيضًا أن نشهد لإرادة راسخة من أجل العدالة، لأنه لا سلام بدون عدالة". هذا ما قاله بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس، في لقاء له في ريميني بمناسبة مشاركته في ندوة حول مجمع نيقية، وذلك في مقابلة مع وسائل الإعلام الفاتيكانية حيث تحدّث عن تاريخ مشترك لعيد الفصح للمسيحيين، وعن شهادتهم في عالم تمزقه الحروب. كما تذكّر البابا فرنسيس وتحدّث عن البابا لاوُن الرابع عشر، مسلطًا الضوء على أن أول رحلة لأسقف روما الجديد ستكون إلى تركيا للاحتفال بذكرى مجمع نيقية.
في جوابه على السؤال حول الرسالة التي تصلنا اليوم من مجمع نيقية فيما نعيش ذكرى مرور ١٧٠٠ سنة على انعقاده قال بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس لقد كان مجمع نيقية حجر زاوية في التاريخ المسيحي بأسره. ووفقًا لوعود المسيح، إنّ الروح القدس قد تكلم وهو لا يزال يعمل في تاريخ الإنسان. إنّ الآباء في نيقية، إذ بقوا ثابتين على إعلان الكتب المقدسة، حدّدوا ما كانت الكنيسة المسيحية تبشر به منذ ثلاثة قرون من خلال رموز المعمودية، وصاغوا في قوانين الحقيقة التي تم إعلانها. إن المجمع يوقظ المسيحيين في كنائس زمننا على حقيقة أن المسيح هو حقًا الكلمة، الذي صار جسدًا، نورًا من نور، إلهًا حقًا من إله حق، ومساوٍ للآب في الجوهر. لأنه لو لم يكن يسوع المسيح هو الله، مع الروح القدس، الثالوث المتساوي في الجوهر وغير المنقسم، لكان التاريخ المسيحي مجرد فلسفة أخلاقية جميلة وليس تاريخ الخلاص. ومن هنا تنبع كل أعمالنا اليوم وغدًا!
تابع بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس مجيبًا على السؤال حول لماذا لا يزال من غير الممكن للمسيحيين أن يحتفلوا بعيد الفصح في اليوم نفسه، علمًا أنّهم ناقشوا في نيقية موضوع تاريخ عيد الفصح، وحاولوا التوصل إلى اتفاق وقال في نيقية تقرر أنه من المهم أن نشهد على قيامة المسيح في اليوم نفسه، في كل مكان في العالم المعروف آنذاك. لكن الظروف التاريخية المختلفة حالت دون تحقيق ما أوصى به المجمع. ليس من حقنا أن نحكم على ما جرى، ومع ذلك نحن نفهم اليوم أنه لكي نكون جديرين بالثقة كمسيحيين، علينا أن نحتفل بقيامة المخلّص في اليوم نفسه. بالاشتراك مع البابا فرنسيس الراحل، كلفنا لجنة بدراسة هذه المسألة. وقد بدأنا حوارًا. لكن هناك حساسية مختلفة بين الكنائس، وبالتالي من واجبنا أيضًا أن نتجنب انقسامات جديدة. إنّ ما قرره مجمع مسكوني بالنسبة للكنيسة الأرثوذكسية، لا يمكن تعديله إلا من خلال مجمع مسكوني آخر. ومع ذلك، نحن جميعًا منفتحون للإصغاء إلى الروح القدس، الذي نؤمن أنه أشار إلينا هذا العام بشكل خاص إلى أن توحيد تاريخ عيد الفصح هو أمر جوهري.
أضاف بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس مجيبًا على السؤال حول ما هي ذكرياته عن البابا فرنسيس وكيف قد ساهم برأيه في الحوار المسكوني وقال إنّ البابا فرنسيس، السعيد الذكرى، لم يكن فقط أسقف روما كما كان يصف نفسه، بل كان أخًا لنا يجمعنا به انسجام حول القضايا الكبرى للإنسان المعاصر، وشغف عميق بوحدة العالم المسيحي. منذ يوم انتخابه شعرنا بداخلنا بدافع للحضور في حفل تنصيبه: كانت تلك المرة الأولى في التاريخ التي يشارك فيها بطريرك مسكوني. لقد ناضلنا معًا من أجل السلام بين الشعوب، ومن أجل الحوار مع الديانات الكبرى، والحوار بين الأديان، ومن أجل العدالة المشتركة، ومن أجل البيئة الطبيعية، ومن أجل المهمّشين في العالم. لقد التقينا مرارًا، وكان كل لقاء بيننا لقاء إخوة يحبون بعضهم بعضًا. والرب سيكافئه على ما شهد له بحياته وبعمله. ليسترح بسلام.
تابع بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس مجيبًا على السؤال حول كيف جرت اللقاءات الأولى مع البابا لاوُن الرابع عشر، وما الذي لفت انتباهه في الخطوات الأولى لرسالته كأسقف روما وراعي للكنيسة وقال لقد تأثرنا كثيرًا بشخصية البابا الجديد، الذي، وإن كان بأسلوب مختلف عن البابا فرنسيس، قد أظهر منذ البداية قناعته الراسخة بمواصلة السير على خطى سلفه. ومعه أيضًا نشعر بانسجام كبير، ونحن مسرورون بشكل خاص لأن رحلته الأولى إلى الخارج ستكون إلى البطريركية المسكونية في تركيا، عندنا، وإلى نيقية، حيث سنشهد معًا على قناعتنا الراسخة بمواصلة الحوار المسكوني والتزام كنائسنا أمام التحديات العالمية. نحن ننتظره بترقّب كبير.
وخلص بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس حديثه لوسائل الإعلام الفاتيكانية مجيبًا على السؤال حول ما الذي يمكننا أن نفعله لكي نعزز ثقافة الأخوّة والسلام وقال للأسف هناك حروب كثيرة في العالم، وغالبًا ما تكون بعيدة عن اهتمام وسائل الإعلام العالمية الكبرى. وهناك أوكرانيا، حرب بين الإخوة، تشكّل فضيحة للعالم المسيحي وخاصةً الأرثوذكسي. وهناك غزة والشرق الأوسط بأسره، حيث تدفع المصالح البعيدة عن احتياجات الشعوب المعنية إلى الاستمرار في حرب مدمرة وغير إنسانية بدل السير نحو سلام عادل. كمسيحيين نحن بحاجة إلى أن نُسمع صوتنا، متحدين، كما فعل إخوتنا، بطريرك القدس للروم الأرثوذكس، ثيوفيلوس، وبطريرك القدس للاتين، الكاردينال بيتسابالا. علينا أيضًا أن نشهد بإرادة راسخة من أجل العدالة، لأنه بدون عدالة لا يوجد سلام. ولكن كمسيحيين لدينا أيضًا سلاح لا يُقهر، هو الصلاة. وهذا لا يجب أن ننساه أبدًا!