
المطران جلوف: ضرورة وقف نزيف هجرة الشباب المسيحيين في سورية
محرر الأقباط متحدون
الاربعاء ٢٧ اغسطس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
اختُتمت هذا الأربعاء في مدينة ريميني فعليات لقاء الصداقة بين الشعوب، وهو حدث ينظم سنوياً في المدينة الإيطالية، وقد تخللتها حلقة نقاش شارك فيها وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني والنائب الرسولي للاتين في حلب المطران حنّا جلوف، تم التطرق خلالها إلى الأوضاع الراهنة في سورية، على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، في وقت يسعى فيه البلد العربي إلى استعادة حياته الطبيعية، وهي مسيرة لم تخلُ وللأسف من الحوادث المؤلمة.
في أعقاب مشاركته في اللقاء، الذي التأم هذا العام من الثاني والعشرين وحتى السابع والعشرين من آب أغسطس حول موضوع في "الأماكن القفار سوف نبني بحجارة جديدة"، أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الأسقف السوري تزامنت مع مرحلة حساسة تعيشها سورية، إذ تسعى الحكومة الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، إلى إطلاق عملية تهدف إلى تطبيع الحياة الاجتماعية والاقتصادية وإعادة إعمار البلاد. قال سيادته إن الأنباء التي تصل إلى الغرب تقدّم غالباً صورة تختلف عن الواقع الذي يعيشه المواطنون السوريون. وأكد أنه لا يوجد في البلاد اضطهاد يطال الجماعة المسيحية، بل على العكس، إن الحكومة تريد مشاركة المكون المسيحي في الحياة السياسية لسورية الجديدة، وما يعكس هذه الرغبةَ تعيينُ امرأة مسيحية وزيرة للعمل وللشؤون الاجتماعية. مع ذلك فإن التغيير في سورية ينبغي أن يتم بصورة تدريجية نظرا لوجود العديد من المصالح التي تعارض بلوغ الاستقرار في البلاد، كما هناك مجموعات تريد قيام حكم إسلامي راديكالي.
رداً على سؤال بشأن الأولويات اليوم لدى الجماعات المسيحية في سورية، قال المطران جلوف، إن ثمة حاجةً ملحة لوقف نزيف الهجرة، لاسيما وسط الأجيال الفتية، الذين يجدون صعوبة كبيرة في تصوّر مستقبل مسالم بعد سنوات الحرب الطويلة. وأضاف سيادته يقول: صحيح أن المسيحيين هم أقلية في سورية، لكن يتعين عليهم أن يدركوا جيداً أنهم ملح الأرض، مؤكدا أن المسيحية وُلدت في تلك المنطقة، ولا بد أن يبقى المسيحيون متمسكين بهذا الإرث التاريخي لحضورهم. وذكّر الأسقف السوري بأن الماضي كان أيضا شاهداً على الكثير من الصعوبات، بيد أن المسيحيين تمكنوا من تخطيها، وظلوا أمناء للإنجيل، وقال: مما لا شك فيه أن الجميع يريدون أن ينعموا بحياة جميلة، لكن الرب لم يقل قط أنه يتعين علينا إنه نكون من النخبة، بل قال "طوبى لكم إذا اضطُهدتم من أجل اسمي".
تابع سيادته حديثه لموقعنا الإلكتروني مشيرا إلى أن الأمانة للإنجيل ولقيمهم الخاصة سمحت للمسيحيين بأن يقيموا علاقة مع الحكومة الجديدة تتميز بالصراحة والانفتاح. وقال المطران جلوف بهذا الصدد: "لقد عرفنا كيف نقدّم شهادة من خلال تصرفاتنا". وذكّر بأنه لمناسبة يوبيل الشبيبة تمكنت الكنائس السورية من إرسال وفد من شبانها إلى روما. وختم بالقول إن هذه الخبرة كانت رائعة جداً، وسمحت لنا أن نقول إننا كنا حاضرين نحن أيضاً، ولا بد أن توصل الكنيسة رسالة إلى الشبيبة مفادها أن يثقوا ببلدهم وبالحضور المسيحي في سورية.
بالعودة إلى جلسة النقاش شاء وزير الخارجية الإيطالي أن يؤكد أن استراتيجية بلاده الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في سورية والحفاظ على سيادة ووحدة أراضيها لم تتغيّر لافتا إلى أن هذه المسألة بالغة الأهمية من أجل منطقة الشرق الأوسط ككل، مع أن هذا الأمر يتطلب وقتاً. وذكّر بأنه في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب المناطق الشمالية في العام ٢٠٢٣ كانت إيطاليا في طليعة الدول التي ساعدت سورية. وقال إن بلاده تؤيد سياسة الأبواب المفتوحة، لكنها في الوقت نفسه تريد أن تُبقي الأعين مفتوحة للتأكد من احترام حقوق الإنسان لكن لا بد من التعامل بثقة مع الإدارة السورية الجديدة.
وشدد تاياني أيضا على أن حكومة روما عازمة على إرسال المزيد من المساعدات إلى البلد العربي وقد كثّفت حضورها الدبلوماسي في سفارتها بدمشق، وهي تتعاون أيضا مع السفير البابوي. وأضاف أن بلاده تريد أن تكون نقطة مرجعية بالنسبة لسورية أيضا في إطار مجموعة الدول السبع على أمل أن يتم التغلب على التطرف الديني. لم تخل كلمات الوزير الإيطالي من الحديث عن أوضاع المسيحيين في المنطقة وهي مسألة لا تقتصر على سورية وحسب، وتساءل لماذا نريد الدفاع عن المسيحيين؟ ليس لأننا نحن أيضا مسيحيون ولا لأننا نعتقد أنهم أهم من سواهم، لأن جميع الأشخاص متساوون أمام الله. وختم حديثه يقول: يجب أن يُدافع عن المسيحيين لأنهم يشكلون عنصراً للاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، وإلغاء الحضور المسيحي يعني إلحاق الضرر بالسلام.