
أساقفة فرنسا يزورون القدس: الخوف آخذ بالانتشار ما يهدد باستمرار أعمال العنف وتفاقم المواقف العدائية
محرر الأقباط متحدون
الاثنين ٢٥ اغسطس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
قام وفد من أساقفة الكنيسة الفرنسية بزيارة إلى الأرض المقدسة الأسبوع الفائت، بهدف التعبير عن تضامنهم الكنسي والإنساني مع الجماعات المسيحية في المنطقة، ومع جميع الأشخاص الساعين إلى السلام. في ختام الزيارة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع نائب رئيس مجلس الأساقفة المطران فينسان جوردي سلط فيها الضوء على معنى هذه الزيارة وتحدث عما ينبغي فعله اليوم من أجل مساعدة الجماعات المسيحية المحلية.
استهل سيادته حديثه لافتا إلى أن الوفد الزائر لمس الحزن في كل مكان، وفي قلوب جميع الأشخاص، موضحا أن الأساقفة التقوا بشخصيات مسيحية، مسلمة ويهودية. وقال إن ثمة انقسامات عميقة جداً بين مختلف الجماعات التي تتجاهل بعضها البعض أكثر فأكثر، لافتا إلى أن غياب التعارف يزيد من حدة الريبة وانعدام الثقة، ويولّد المزيد من التوترات لاسيما وسط الأجيال الفتية. وأكد أن الخوف آخذ بالانتشار، ما يهدد باستمرار أعمال العنف وتفاقم المواقف العدائية، موضحا أن المسيحيين في بيت لحم يشعرون اليوم بالإحباط وقد قالوا للأساقفة الفرنسيين إنه لا يُسمح لهم بالتوجه إلى القدس للصلاة عند القبر المقدس. وشدد سيادته على أن عجز هؤلاء المسيحيين الفلسطينيين عن التنقل بحرية ولقاء أفراد من العائلة أو العمل أو الرعاية الطبية يولد لديهم ألماً كبيراً.
بعدها قال الأسقف الفرنسي إنه سبق أن زار الأرض المقدسة في العام ٢٠١٩، وقد لاحظ اليوم مدى الهشاشة التي تعاني منها الجماعات المحلية، فضلا عن تقلص نسبة الشباب في المجتمع، والنقص في الدعوات. وأوضح أن الأوضاع الراهنة أدت إلى رحيل العديد من الرهبان والراهبات الأجانب، مذكراً بأن هذا الموضوع سبق أن تحدث عنه بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيتسابالا معتبرا أنه في كل مرة يُقفل فيه دير يزول جزء من الكنيسة في الأرض المقدسة، وذلك لأن الكنيسة المحلية تتألف من جماعات عدة صغيرة تعيش في بيئة مسلمة ويهودية.
في سياق حديثه عن هذه الزيارة لفت نائب رئيس مجلس أساقفة فرنسا إلى أنها كانت علامة للرجاء، موضحا أن الأساقفة أرادوا أن يقولوا إن الغرب لم ولن ينسى سكان الأرض المقدسة، مع أن الرجاء بات أمراً صعباً جدا. وقال إن الزوار لمسوا شعوراً بالاستسلام لدى المسيحيين الشبان الذين يرغبون في الرحيل، في وقت تجد فيه العائلات صعوبة في إقناع أبنائها بالبقاء، نظراً لعدم وجود أي مؤشرات إيجابية، فالأوضاع السياسية معقدة جدا، والعنف ما يزال مستمراً بأشكال مختلفة.
رداً على سؤال بشأن سبل مساعدة الأرض المقدسة، قال المطران جوردي إن هناك خطوات كثيرة يمكن أن تُتخذ، لكن في المقام الأول لا بد أن يُصب الاهتمام على الشهادة المسيحية واستئناف زيارات الحج إلى المنطقة. وأضاف أن الأساقفة مدعوون لأن يشهدوا على ما عاشوه خلال الزيارة، مشيرا إلى وجود خشية لدى السكان المحليين، لاسيما المسيحيين، حيال الإعلام في الغرب الذي يمكن أن يُقدم صورة مخالفة للواقع. وأوضح أيضا أن الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعودة السياح والحجاج، لافتا إلى أن الكنيسة الفرنسية ستدرس إمكانية تنظيم زيارات حجٍ، مع اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية المناسبة، بانتظار التطورات الميدانية. وأكد أن الحجاج مدعوون إلى الالتقاء بالجماعات المحلية المتألمة، وليس الاكتفاء بالسياحة وحسب، لأن هذا اللقاء يولّد تضامناً مسيحياً وإنسانياً مع السكان.
هذا ثم أوضح سيادته أن الوفد الزائر توجه أيضا إلى كنيسة المهد في بيت لحم والتي كانت في الماضي تعجّ بالحجاج، لكنها هذه المرة كانت خالية تماماً من الناس، وهو أمر مؤسف جدا، كما قال. وحثّ الأسقف الفرنسي جميع المؤمنين على الصلاة على نية السلام في المنطقة، كما شجع المجالس الأسقفية في باقي الدول الأوروبية على زيارة الأرض المقدسة، على غرار الأساقفة الفرنسيين، من أجل لقاء السكان المسيحيين، وليدرك هؤلاء أن الكنيسة في الغرب لم ولن تتخلى عنهم.
في ختام حديثه لموقعنا شاء المطران جوردي أن يذكّر بكلمات البطريرك بيتسابالا عندما قال إن المسيحيين لا يملكون السلاح، وبالتالي لا يسعهم إلا أن يستخدموا الكلمات، وهم يتألمون من جانبي الجدار، الجدار الفاصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بالإضافة إلى الجدران الموجودة في القلوب والنفوس. وأكد سيادته أنه يتعين علينا اليوم أن نبذل كل جهد ممكن لنجد فسحات للقاء، وأماكن للحوار، كي لا تُشيّد جدران جديدة داخل الأشخاص، لأن هذه الجدران تجعل كل حوار مستحيلاً وتحول دون العودة إلى سلام حقيقي.