
عَلَيْكِ سَلامُ اللّه يَا مَرْيمَ الطُّهْرِ
مقالات مختارة | حمدى رزق
الأحد ٢٤ اغسطس ٢٠٢٥
وكأنها ظهرت من جديد، فى غلالة نورانية، تبارك شعب مصر.
فى عيد صعود العذراء مريم عليها السلام، تزينت صفحات الفيس بصور «البتول»، وفتحت الأديرة أبوابها لاستقبال الصائمين، وكنائس فى أرجاء المحروسة منورة تحمل اسم «أم النور»، وتلهج الألسنة بالظهورات المعجزات.
فى عيد صعودها تستحضر الذاكرة سطوع نورها فى ظلام النكسة الحالك فى كنيسة الزيتون (يوم 2 أبريل 1968)..
معلوم إذا ألم بالمصريين قرح تشوقوا إلى ظهوراتها، المصريون فى حبهم مذاهب، يحبون العذراء على اختلاف مشاربهم، مسلمون ومسيحيون على السواء، ويشيرون فى الفضاء الإلكترونى صورا بديعة للعذراء فى غلالة من نور، ودعوات مباركات وصلوات، وتراتيل وترانيم وآيات من الذكر الحكيم، «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ» (آل عمران / 42).
ندرة من المسلمين الطيبين من يعرفون مناسبة عيد صعود العذراء عند إخوتهم، احتفالا مسيحيا بذكرى صعود جسدها الطاهر إلى السماء. وفى العقيدة المسيحية «إذ سبَقَتنا وجلست عن يمين عريسها وابنها فى السماء هذا العيد يحمل شهادة قوية لحقيقة إيماننا بالحياة العتيدة».
عيد صعود جسد العذراء مريم إلى السماء، يتم الاحتفال به مصريًا فى يوم الجمعة 22 أغسطس فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو ختام لصوم العذراء الذى بدأ فى 7 أغسطس من نفس العام.
وبعيدًا عن العقائد التى يستوجب احترامها امتثالًا، الطيبون من المصريين يحبون مريم البتول، وبلغ قدر محبتها عن المسلمين من المصريين يسمون إناثهم باسم مريم تبركًا.
إحصاء مصرى فريد قبل سنوات، يشير إلى أن اسم «مريم» يحتل المركز الأول بين أسماء الإناث فى مصر، ووصل عددها لنحو 48 ألفًا، واحتل اسم «مكة» المركز الثانى، واسم «ملك» احتل المركز الثالث، (إحصاء 2018).
و من رمزيات الحلف عند الطيبين، طلبا للتصديق، «و العدرا..» بالداء دون همزة تخففا، وفى فتوى منسوبة للدكتور «على جمعة»، مفتى الديار المصرية الأسبق، يجيز التوسل بالسيدة العذراء مريم بنت عمران، وغيرها من الصالحين والصديقين، فى الدعاء.
المسلمون يحبون البتول مذكورة فى قرآنهم، ذكر الله تعالى اسم السيّدة مريم، عليها السّلام، فى القرآن الكريم أربعًا وعشرين مرّةً، وقد ذُكرت وحدها إحدى عشرة مرّةً، وثلاث عشرة مرة بنسب ابنها عيسى، عليهما السّلام، وقد أثنى الله تعالى عليها فى كتابه العزيز كثيرًا، لذلك أكثر من ذكرها وذِكر اسمها، كما انفردت سورة كاملة فى القرآن الكريم باسمها.
وفى حقها المستحق، ومن الحديث الشريف قولا عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران» صدقت يا رسول الله، يا من أحببت أم حبيبك المسيح عيسى عليه السلام، فأحببناها على حبك طوعًا قلبيًا وامتثالًا.
وقرنها طيب الذكر شاعر العربية العظيم «جبران خليل جبران» بمصر: عَلَيْكِ سَلامُ اللّه يَا مَرْيمَ الطُّهْرِ
وَفُدِّيتِ مِنْ أُمٍّ وَفُدِّيتِ مِنْ بِكْرِ
حَبِلْتِ بِلا وِزْرٍ وَأَنْجَبْتِ لِلْفِدَى
مُخَلِّصَ هَذَا الْخَلْقِ مِنْ رِبْقَةِ الوِزْرِ
وَجِئْتِ بِهِ مصرًا فرارًا مِنَ الأَذَى
فَمَا زَالَ أَمْنَ اللاَّجِئِيْنَ حِمَى مِصْرِ
ونختم بخير الكلام، قال تعالى فى كتابه العزيز «وصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وكُتُبِهِ وكَانَتْ مِنَ القَانِتينَ» (سورة التحريم / 12).
نقلا عن المصرى اليوم