الأقباط متحدون - جيهان ثابت تكتب قضية كوكو بين الحقيقة والاتهام: قراءة قانونية في ضوء التشريع المصري
  • ١٨:٤٧
  • الأحد , ٢٤ اغسطس ٢٠٢٥
English version

جيهان ثابت تكتب قضية كوكو بين الحقيقة والاتهام: قراءة قانونية في ضوء التشريع المصري

١٣: ٠٩ ص +03:00 EEST

الأحد ٢٤ اغسطس ٢٠٢٥

جيهان ثابت
جيهان ثابت
جيها ن ثابت
تعد قضية "كوكو"، صاحب المحلات التجارية الشهيرة، من القضايا التي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والإعلامية. فقد طُرح السؤال: هل كان "كوكو" سارقًا متعمدًا أم مجرد ضحية لملابسات غامضة؟ وهل تعامل القضاء مع الفاعل الأصلي للجريمة بذات الصرامة التي تعامل بها مع المتهم التبعي؟
 
أولًا: القصد الجنائي وغيابه في واقعة كوكو
القانون المصري يشترط لقيام المسؤولية الجنائية توافر الركن المادي (الفعل) والركن المعنوي (القصد).
 
تنص المادة 39 عقوبات على أن: "يُعد فاعلًا للجريمة كل من يرتكبها بنفسه أو يساهم مباشرة في ارتكابها...".
 
وتنص المادة 40 عقوبات على أن: "يعد شريكًا في الجريمة كل من حرض على ارتكاب الفعل أو اتفق مع غيره أو ساعده عمدًا...".
 
وبالنظر إلى وقائع قضية "كوكو"، لم يثبت أنه تعمد المشاركة في السرقة أو كان على علم مسبق بها، ما يضعف عنصر القصد الجنائي، ويجعل اتهامه أقرب إلى المسؤولية المفترضة لا الحقيقية.
 
ثانيًا: الدفاع القانوني عن كوكو
دفاع "كوكو" استند إلى عدة نقاط جوهرية:
 
غياب القصد الجنائي: لم يثبت وجود نية مبيتة أو علم مسبق بالجريمة.
 
انعدام الدليل القاطع: الأحكام الجنائية تبنى على اليقين لا الشك، وفقًا للمبدأ المستقر في قضاء محكمة النقض.
 
تحمل السارق الأصلي المسؤولية: المادة 309 من قانون العقوبات تنص على أن المسؤولية تقع على من ارتكب الفعل الإجرامي، لا على من وجد مصادفة في مسرح الجريمة.
 
القرينة لمصلحة المتهم: قاعدة "الشك يفسر لصالح المتهم" كان يجب أن تطبق لصالح "كوكو".
 
ثالثًا: الثغرات القانونية
قصور في جمع الأدلة: لم تتم ملاحقة السارق الأصلي بذات الدقة.
 
الخلط بين الفاعل والشريك: حيث حُمّل "كوكو" وزر الجريمة رغم أن دوره – إن وُجد – لا يرتقي إلى مرتبة الفعل الجنائي.
 
إغفال مبدأ العدالة الجنائية: الذي يوجب المساواة في الملاحقة، فلا يجوز التشدد مع متهم وتجاهل الفاعل الحقيقي.
 
رابعًا: السوابق القضائية المشابهة
هناك حالات قضت فيها محكمة النقض ببراءة متهمين لغياب القصد الجنائي، رغم وجودهم في مسرح الجريمة. من أبرزها الطعن رقم ١٤٩١ لسنة ٤٩ قضائية، حيث قضت المحكمة بأن مجرد التواجد في مكان الجريمة دون مشاركة إيجابية لا يكفي لقيام المسؤولية.
 
خامسًا: السارق الأصلي… أين العدالة؟
جوهر القضية لا يكمن فقط في إثبات أو نفي التهمة عن "كوكو"، بل في غياب المساواة في المحاسبة. فبينما ظل "كوكو" محور القضية، لم يُسلط الضوء بالقدر الكافي على الفاعل الأصلي الذي تشير الأدلة إلى تورطه المباشر.
 
وهنا يثور السؤال المشروع:
هل العدالة تكتمل بمعاقبة من هو محل شبهة، بينما الفاعل الأصلي في الجريمة لا يواجه ذات الصرامة؟
 
خاتمة
قضية "كوكو" تكشف لنا ثغرات واقعية في التحقيقات، وتدعو إلى مراجعة دقيقة لمفهوم القصد الجنائي في ضوء نصوص القانون المصري. فالعدالة لا تتحقق إلا إذا وُضع كل شخص في موضعه الصحيح: الفاعل يُدان، والبريء يُبرأ.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع